تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

[جواب حول إشكال في كلام شيخ الإسلام ابن تيمية ..]

ـ[أبو فهر السلفي]ــــــــ[05 - 05 - 10, 12:47 م]ـ

السؤال:

أشكل علي قول شيخ الإسلام: ((وَمَا كَانَ كُفْرًا مِنْ الْأَعْمَالِ الظَّاهِرَةِ: كَالسُّجُودِ لِلْأَوْثَانِ وَسَبِّ الرَّسُولِ وَنَحْوِ ذَلِكَ فَإِنَّمَا ذَلِكَ لِكَوْنِهِ مُسْتَلْزِمًا لِكُفْرِ الْبَاطِنِ وَإِلَّا فَلَوْ قُدِّرَ أَنَّهُ سَجَدَ قُدَّامَ وَثَنٍ وَلَمْ يَقْصِدْ بِقَلْبِهِ السُّجُودَ لَهُ بَلْ قَصَدَ

السُّجُودَ لِلَّهِ بِقَلْبِهِ لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ كُفْرًا وَقَدْ يُبَاحُ ذَلِكَ إذَا كَانَ بَيْنَ

مُشْرِكِينَ يَخَافُهُمْ عَلَى نَفْسِهِ فَيُوَافِقُهُمْ فِي الْفِعْلِ الظَّاهِرِ وَيَقْصِدُ

بِقَلْبِهِ السُّجُودَ لِلَّهِ كَمَا ذُكِرَ أَنَّ بَعْضَ عُلَمَاءِ الْمُسْلِمِينَ وَعُلَمَاءِ أَهْلِ الْكِتَابِ فَعَلَ نَحْوَ ذَلِكَ مَعَ قَوْمٍ مِنْ الْمُشْرِكِينَ حَتَّى دَعَاهُمْ إلَى

الْإِسْلَامِ فَأَسْلَمُوا عَلَى يَدَيْهِ وَلَمْ يُظْهِرْ مُنَافِرَتَهُمْ فِي أَوَّلِ الْأَمْرِ.

ما معنى هذا الكلام؟)).

الجواب بحول الله وقوته

هذا النقل أخطأ في فقهه طائفتان من الناس:

الأولى: من زعمت أن السجود للصنم من الأفعال المحتملة بحيث من سجد لصنم وزعم أنه لا يريد عبادته أنه لا يكفر ..

والثانية: من لم تفقه مراد الشيخ منه، وتعلقت ب (لو قدر) تارة وبالإكراه تارة ..

وكل ذلك أجنبي عن مراد الشيخ ..

وليس في النقل المذكور عن الشيخ إشكال ..

وأصل ذلك:

أن الفعل إنما يصدر عن عقد القلب على هذا الفعل ..

فالفعل الظاهر في مسألتنا هاهنا هو السجود لله ..

وعقد القلب هاهنا إنما هو على السجود لله ..

فتلازم الظاهر والباطن على نفس الفعل المعين الذي هو السجود لله وهو فعل إيماني لا لبس فيه ..

الآن أين وجه الإشكال:

الإشكال في أن هذا السجود كان قدام الوثن،هذا هو تعبير الشيخ وهو تعبير دقيق غاية ..

فالشيخ -رحمه الله- لم يقل: فلو قدر أن رجلاً سجد لوثن،وإنما قال بالحرف: ((فَلَوْ قُدِّرَ أَنَّهُ سَجَدَ قُدَّامَ وَثَنٍ)).

فمحل الإيهام الذي سيقوم به الرجل تقية أو نحوه، ليس أنه سيسجد للوثن،بل محل الإيهام هو أنه سيسجد لله قدام الوثن ..

فالفعل الظاهر هو السجود لله ..

والفعل الباطن هو نية السجود لله ..

أما كون ذلك قدام الوثن فهو ليوهم الكفار فعلاً وقصداً غير الفعل والقصد الذي سيفعل ..

أمثلة:

1 - دين الإسلام دين إرهابي لمن لا ينضوي تحت مظلته و لا يتسامح معهم ويسفك دمائهم.

هذه العبارة تُطلق وتكون عبارة إيمانية ظاهراً وباطناً ..

لكنها بالنسبة لبعض مستمعيها قد تكون: سباً لدين الإسلام وتجريحاً له وهذا كفر.

2 - محمد يحب النساء وهو قتال يسفك الدماء، ويدعي أنه نبي.

هذه العبارة تُطلق وتكون إيمانية ظاهراً وباطناً ..

لكنها بالنسبة لبعض مستمعيها قد تكون: سب للنبي صلى الله عليه وسلم وتجريح له وهذا كفر.

فهذه العبارات إذاً توهم معان كفرية في نفس مستمعها كما أوهم الفعل محل البحث مراداً كفرياً ..

لكن عند التأمل: سنجد أن محل هذا الكفر ليس هو باطن الفاعل أو القائل؛لأن يقصد معاني صحيحة في نفسها.

وليس محله ظاهر الفاعل؛لأنه قال أقوالاً لها وجه صحيح وقد أراد هو الوجه الصحيح فكان الوجه الصحيح هو ظاهر قوله الذي قاله وفي مسألتنا: هو قد سجد لله ظاهراً ..

لكن وقوع العبارات بصيغة تحتمل الكفر ووقوع الفعل بصورة توهم الكفر لكونه قدام وثن: هذا الإيهام والاحتمال إنما هو في نظر الناظر وسمع السامع وليس في نفس الأمر الظاهر أو الباطن ..

مثالان أخيرن توضيحيان:

1 - الصبي الذي قتله الخضر ..

ما باطن فعل الخضر؟

الجواب: طاعة الله ..

وما ظاهر فعل الخضر في نفس الأمر؟

الجواب: طاعة الله.

وما هو الظاهر الذي توهمه موسى عليه السلام؟

الجواب: معصية الله.

2 - من انضم لجيش الكفار في حربهم على المسلمين،وحمل السيف معهم يريد بذلك أن يدل على مقاتلهم بعدُ ..

فباطن فعله إيماني،وظاهر فعله الذي أراده في نفس الأمر: إيماني ..

بينما ظاهر فعله الذي يتوهمه الناظر هو ظاهر كفري أو على الأقل كبيرة من الكبائر، وهو خيانة المسلمين ..

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير