تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

ولو نظرنا لها من الناحية الاقتصادية فهي نشاط اقتصادي تبادلي قد يدخل في نطاق التجارة اذ هي قرينة البيع او أحد فروعه.

ولو نظرنا لها من الناحية المالية فهي نشاط تمويلي وان كان البعض يتحفظ على ذلك ناظرا لها على انها نشاط تجاري (5) لكنها عن التحقيق لا تخلو من عناصر تمويلية بارزة اذا ما فهمنا التمويل بمعناه الواسع ويزداد بروز الجانب التمويلي فيها بتأجيل الإجرة أو الأجر وكذلك بايجاد صكوك لها.

وبخصوص مدة الإجارة لم يضع الفقه في ذلك شروطا حاسمة, اللهم الا شرطا واحدا هو ان تظل العين خلالها صالحة لتقديم هذه المنفعة طالت المدة أو قصرت (6) ومن الواضح أن هذا الأمر ظني , متوقف على غلبة الظن والتوقع والا فهناك عوامل متعددة لا يمكن التأكد منها, لها دورها الحاسم في تحديد العمر الانتاجي للأصل المنتج اذن هي قابلة لامتداد المدة امتدادا طويلا بطول عمر الاصل المنتج للمنفعة, وهذه قضية مهمة نتعرف عليها بعد استعراضنا للاجارة المالية.

ومن الجوانب الفقهية او الشرعية ذات الاهمية هنا ما يتعلق باللزوم والجواز في عقد الإجارة فهل الإجارة عقد لازم ام عقد جائز؟ أم هي عقد لازم لطرف وجائز للطرف الثاني؟ (7) وايضا فان لهذه الزواية اهمية كبرى في عصرنا الحاضر كما سنرى عند دراستنا للاجارة المالية.

وأخيرا فان مسألة الصيانة والنفقة والضمان من المسائل بالغة الأهمية في ضوء التطور الحديث الذي جاء لنا بالإجارة المالية والمدون في فقه الإجارة انه لا ضمان على المستأجر الا بالتفريط او التعدي وما عدا ذلك فاشتراطه مناف لمقتضى العقد, ومن ثم فلا يصح, والمعروف كذلك لدى جميع الفقهاء ان صيانة الأصل المؤجر على المؤجر وليس على المستأجر ولو اشترطه على المستأجر فهو شرط فاسد لا أثر له, لكن حقيقة الصيانة وبنودها كل ذلك راجع الى العرف السائد والتأمين على سلامة الاصل مسؤولية المؤجر, لكن من حقه ان يوكل المستأجر في القيام بذلك على اساس انه اصبح جزءا من الأجرة المقررة (8) , والمهم في الأمر كله الا يؤدي شيء من ذلك الى جهالة الأجرة ومن ثم الغرر والافضاء الى النزاع وبالتالي عدم قيام عقد الإجارة بتحقيق المقصد منها ..

ب ـ أهمية التمويل بالإجارة:

يوفر التمويل بالإجارة للحياة الاقتصادية خدمات عديدة لا ينهض التمويل بغيرها بتوفيرها لما هنالك من تمايز في الخصائص والطبائع بين كل أداة تمويلية واخرى فليس كل فرد في حاجة الى منفعة ما بقادر على تملك الاصل المنتج لهذه المنفعة ومن ثم يقف عاجزا عن اشباع هذه الحاجة مما قد يرتب المزيد من المضار الاقتصادية. فهل كل مزارع لديه القدرة على امتلاك جرار زراعي او طلمة مياه او محراث؟ وهل كا صانع لديه القدرة على امتلاك محل لصناعته؟ وكذلك الحال في التاجر وفي الطبيب وغيرهما بل هل كل فرد بقادر على ان يؤمن بنفسه ولنفسه كل الخدمات المحتاج اليها من علاج لتعلم لتصنيع لما يحتاجه من حاجات غير محدودة في انواعها ونوعياتها؟ من هنا تظهر اهمية الإجارة على مستوى المستأجر, وعلى مستوى الاقتصاد القومي, ولا تقل اهميتها على مستوى المؤجر عن هذه الأهمية, فليس كل صاحب مال بقادر على استغلال ماله وتوظيفه بنفسه او براغب في ذلك وهو في الوقت ذاته غير مستغنى عنه. فلا هو بقادر او راغب في تشغيله, ولا هو براغب في نفس الوقت في التخلص منه بالبيع وبذلك يبقى المال معطلا من جهة ويبقى الخبرة والصنعة والحرفة. وهنا تجيئ الإجارة لتواجه هذه الوضعية (9) ومما هو جدير بالاشارة ان فقهاءنا القدامى قد اشاروا الى ذلك ونبهوا عليه في تراثنا الفقهي العريق, يقول ابن قدامة: "ان الحاجة الى المنافع كالحاجة الى الأعيان فلما جاز العقد على الأعين وجب ان تجوز الإجارة على المنافع ولا يخفى ما بالناس من الحاجة الى ذلك فانه ليس لكل احد دار يملكها, ولا يقدر كل مسافر على بعير او دابة يملكها, ولا يلزم اصحاب الأملاك اسكانهم وحملهم تطوعا وكذلك اصحاب الصناعئع يعملون بأجر ولا يمكن كل احد عمل ذلك, ولا يجد متطوعا به فلابد من الإجارة لذلك, بل ذلك مما جعله الله طريقا للرزق حتى ان اكثر المكاسب بالصنائع (10) ويقول الكاساني: "ان الله تعالى انما شرع العقود لحوائج العباد, وحاجتهم الى الإجارة ماسة, لأن كل واحد لا يكون له دار مملوكة يسكنها او ارض مملوكة يزرعها

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير