[حكم خروج المكي إلى الحل للإحرام بالعمرة]
ـ[عبدالرحمن الفقيه.]ــــــــ[10 - 09 - 03, 12:40 م]ـ
قال الشيخ الشنقيطي رحمه الله في المجلد الخامس من أضواء البيان
(وأما إهلال المكي بالعمرة، فجماهير أهل العلم على أنه لا يهل بالعمرة من مكة، بل يخرج إلى الحل، ويحرم منه، وهو قول الأئمة الأربعة وأصحابهم، وحكى غير واحد عليه الإجماع.
قال صاحب تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق في الفقه الحنفي: الوقت لأهل مكة الحرم في الحج، والحل في العمرة للإجماع على ذلك. انتهى منه.
وقال ابن قدامة في المغني في الكلام على ميقات المكي: وإن أراد العمرة فمن الحل، لا نعلم في هذا خلافاً. انتهى منه.
وقال ابن حجر في فتح الباري في الكلام على ميقات أهل مكة: وأما المعتمر فيجب عليه أن يخرج إلى أدنى الحل، كما سيأتي بيانه في أبواب العمرة.
قال المحب الطبري: لا أعلم أحداً جعل مكة ميقاناً للعمرة. انتهى محل الغرض منه.
وقال ابن القيم: إن أهل مكة لا يخرجون من مكة للعمرة، وظاهر صنيع البخاري أنه يرى إحرامهم من مكة بالعمرة، حيث قال: باب مهل أهل مكة للحج والعمرة، ثم ساق بسنده حديث ابن عباس المذكور، ومحل الشاهد عنده منه المطلق للترجمة هي قوله: «حتى أهل مكة من مكة» فقوله في الترجمة باب مهل أهل مكة للحج والعمرة، وإيراده لذلك، حتى أهل مكة يهلون من مكة، دليل واضح على أنه يرى أن أهل مكة يهلون من مكة للعمرة والحج معاً كما هو واضح من كلامه.
وإذا علمت ذلك، فاعلم أن دليل هذا القول هو عموم حديث ابن عباس المتفق عليه. الذي فيه حتى أهل مكة يهلون من مكة، والحديث عام بلفظه في الحج والعمرة، فلا يمكن تخصيص العمرة منه إلا بدليل يجب الرجوع إليه، وأما القائلون: بأنه لا بد أن يخرج إلى الحل، وهم جماهير أهل العلم كما قدمنا، فاستدلوا بدليلين.
أحدهما: ما ثبت في الصحيحين، وغيرهما من: أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر عبد الرحمن بن أبي بكر أن يخرج بعائشة في عمرتها من مكة إلى التنعيم وهو أدنى الحل. قالوا: فلو كان الإهلال من مكة بالعمرة سائغاً لأمرها بالإهلال من مكة، وأجاب المخالفون عن هذا: بأن عائشة آفاقية والكلام في أهل مكة لا في الآفاقيين، وأجاب الآخرون عن هذا بأن الحديث الصحيح، دل على أن من مر ميقات لغيره كان ميقاتاً له، فيكون ميقات أهل مكة في عمرتهم هو ميقات عائشة في عمرتها. لأنها صارت معهم عند ميقاتهم.
الدليل الثاني: هو الاستقراء وقد تقرر في الأصول: أن الاستقراء من الأدلة الشرعية، ونوع الاستقراء المعروف عندهم بالاستقراء التام حجة بلا خلاف، وهو عند أكثرهم دليل قطعي، وأما الاستقراء الذي ليس بتام وهو المعروف عندهم بإلحاق الفرد بالأغلب فهو حجة ظنية عند جمهورهم. والاستقراء التام المذكور هو: أن تتبع الأفراد، فيؤخذ الحكم في كل صورة منها، ما عدا الصورة التي فيها النزاع، فيعلم أن الصورة المتنازع فيها حكمها حكم الصور الأخرى التي ليست محل نزاع.
وإذا علمت هذا فاعلم أن الاستقراء التام أعني تتبع أفراد النسك، دل على أن كل نسك من حج أو قران أو عمرة، غير صورة النزاع لا بد فيه من الجمع بين الحل والحرم، حتى يكون صاحب النسك زائراً قدماً على البيت من خارج كما قال تعالى {يَأْتُوكَ رِجَالاً وَعَلَى كُلِّ ضَامِرٍ}. فالمحرم بالحج أو القران من مكة لا بد أن يخرج إلى عرفات: وهي في الحل، والآفاقيون يأتون من الحل لحجهم وعمرتهم، فجميع صور النسك غير صورة النزاع، لا بد فيها من الجمع بين الحل والحرم، فيعلم بالاستقراء التام أن صورة النزاع لا بد فيها من الجمع أيضاً بين الحل والحرم، وإلى مسألة الاستقراء المذكورة أشار في مراقي السعود بقوله: ومنه الاستقراء بالجزئي على ثبوت الحكم للكلي
فإن يعم غير ذي الشقاق فهو حجة بالاتفاق الخ
وقوله: فإن يعم البيت: يعني أن الاستقراء إذا عم الصور كلها غير صورة النزاع فهو حجة في صورة النزاع بلا خلاف، والشقاق الخلاف. فقوله: غير ذي الشقاق: أي غير محل النزاع.
.) انتهى كلام الشيخ الشنقيطي رحمه الله.
ومما يدل على ذلك فعل بعض الصحابة
جاء في موطأ الإمام مالك في باب الرمل في الطواف
813 وحدثني عن مالك عن هشام بن عروة عن أبيه أنه رأى عبد الله بن الزبير أحرم بعمرة من التنعيم
قال ثم رأيته يسعى حول البيت الأشواط الثلاثة
ـ[راجي رحمة ربه]ــــــــ[10 - 09 - 03, 01:06 م]ـ
مبحث جيد
وخطأ مطبعي يا ليت يصحح
....
صوابه:
ومنه الاستقراء بالجزئي على ثبوت الحكم للكلي
ـ[عبدالرحمن الفقيه.]ــــــــ[10 - 09 - 03, 07:08 م]ـ
جزاك الله خيرا أخي الكريم على هذا التنبيه
وبالتقرير السابق للشيخ الشنقيطي رحمه الله يعرف ما في كلام العلامة الصنعاني رحمه الله في سبل السلام من قوله
سبل السلام ج: 4 ص: 226 (صبحي حلاق)
واعلم أن قوله (حتى أهل مكة من مكة) يدل أن ميقات عمرة أهل مكة كحجهم وكذلك القارن منهم ميقاته مكة، ولكن قال المحب الطبري إنه لا يعلم أحدا جعل مكة ميقاتا للعمرة
وجوابه أنه صلى الله عليه وسلم جعلها ميقاتا لها بهذا الحديث وأما ما روي عن ابن عباس أنه قال (يا أهل مكة من أراد منكم العمرة فليجعل بينه وبينها بطن محسر) وقال أيضا من أراد من أهل مكة أن يعتمر خرج إلى التنعيم ويجاوز الحرم) فآثار موقوفة لاتقاوم المرفوع، وأما ما ثبت من أمره صلى الله عليه وسلم لعائشة بالخروج إلى التنعيم بعمرة لم يرد إلا تطييب قلبها بدخولها إلى مكة معتمرة كصواحباتها لأنها أحرمت بالعمرة معه ثم حاضت فدخلت مكة ولم تطف بالبيت كما طفن كما يدل له قولها قلت يا رسول الله يصدر الناس بنسكين وأصدر بنسك واحد قال انتظري فاخرجي إلى التنعيم فأهلي منه الحديث
فإنه محتمل أنها إنما أرادت أن تشابه الداخلين من الحل إلى مكة بالعمرة ولا ويدل أنها لا تصح العمرة إلا من الحل لمن صار في مكة ومع الاحتمال لا يقاوم حديث الكتاب000) انتهى.
¥