تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

[ضغط العامة على المفتي]

ـ[أبو عبدالله النجدي]ــــــــ[27 - 10 - 02, 09:07 ص]ـ

[ضغط العامة على المفتي]

قضية للنقاش

(مقدمة):

يعتقد كثير من طلبة العلم أن ضغط العامة على المفتي، وتوارد استفتاءاتهم على قضية معينة، أنه ظاهرة سلبية، بل يعتبرها بعضهم من أسباب انحراف الفتوى. ولاشك أن لهذه الظاهرة ـ في بعض جوانبها ـ أثر سلبي على عملية الإفتاء، غير أن هذا لا يطرد في جميع مواردها وتطبيقاتها. وفي ظني أن ظاهرة ضغط العامة على الفقيه لاستصدار فتوى بإباحة أمر من الأمور التي تهم المجتمع، أو شريحة واسعة منه، يمكن تقسيمه إلى قسمين:

1) قسم مذموم.

2) قسم ممدوح.

ويهمنا هنا القسم الممدوح منه، إذ إن الآخر معلوم لدى الكثيرين، فلا حاجة إلى الكلام في تأصيله.

تعريف:

ويمكن ضبط (الضغط) الممدوح بأنه: (توارد أسئلة الناس واستفتاءاتهم على الفقيه، في مسألة يقعون بسبب منعها في حرج لا تأتي الشريعة السمحة بمثله، مما يؤدي إلى عدوله من العزيمة إلى الرخصة).

وذلك أن هذه الشريعة المباركة إنما جاءت على مقتضى العدل والإحسان، نابذة عن العالم الإصر والأغلال التي كانت عليهم، قال تعالى (وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين). وأولى الناس بهذه الرحمة هم أتباع نبي الرحمة ـ صلى الله عليه وسلم ـ، وهذا الأمر من أصول الإسلام، وقطعيات الشريعة.

فإذا ترتب على حكم (شرعي) حرج ومشقة ظاهرة، جاء التيسير بالتخفيف تارة كإسقاط الجمعة، وبالتنقيص تارة كالقصر، وبالإبدال تارة كالتيمم، وبالتأخير تارة كالجمع، وبالترخيص بتناول المحرم كالخمر عند الغصة.

والأصل في ذلك قوله تعالى (يريد الله بكم اليسر، ولا يريد بكم العسر)، وهذه قاعدة محكمة عامة، يمكن الاستدلال بها عند كل حكم يوقع بالناس مشقة خارجة عن المعتاد.

تقدير المشقة:

معلوم أن تقدير (المشقة) وضبطها يتفاوت فيه العلماء، كسائر بني آدم، فما يراه زيد مشقة شديدة، لا يراه عمرو كذلك، بل ربما تلذذ به، والعكس.

فهو أمر نسبي تقديري، أو فلنعبر بتعبيرهم فنقول هو أمر اجتهادي، يسوغ فيه الخلاف. والذي يحصل هو أن بعض المفتين إذا تواردت عليهم الاتصالات والاستفتاءات من كل حدب وصوب، تسأل وتستفتي عن حكم شرعي معين، وتتلمس فيه رخصة ومخرجا، عندئذ (يشعر) ذلك العالم أن عامة الناس (أو الأمة) محتاجة إلى التيسير في ذلك الحكم، وأنهم واقعون بسبب منعه في مشقة ظاهرة، والدليل هذا الكم الهائل من الاتصالات.

أمثلة:

وهاهنا أمثلة كثيرة على ذلك، منها أن بعض العلماء كان يرى في مسألة التورق شبهة قوية تقتضي المنع، ومع الاستفتاءات الكثيرة المتنوعة الجهات والظروف، رأى أن الناس قد اشتدت حاجتهم لهذه المعاملة، فأفتى بجوازها.

ومن ذلك مسألة الرمي بالليل في أيام منى، فقد كانت الفتوى بالمنع في هذه البلاد، أما اليوم فقد يأخذك العجب حين تعلم أن بعض (كبار) علمائنا لا يرمي إلا ليلا.

ومنه أيضا زراعة الأعضاء، فقد كان ممنوعا، ولا زال المفتي العام (بالمملكة) مترددا ـ فيما أعلم ـ ولم يصدر فتوى بالجواز، وقد أكثروا عليه في ذلك، كما حدثني بعض من سمع منه، والله أعلم.

ومنه التصوير الفوتوغرافي، فقد كانت الفتوى على التشديد فيه إلى وقت قريب، ومع التطور الإعلامي الهائل، واشتداد حاجة الناس لذلك، عدل الكثيرون عن الفتيا السابقة.

في أمثلة كثيرة معلومة، يطول سردها، مما يخرجنا عن المقصود.

والله تعالى أعلى وأعلم

ـ[هيثم حمدان.]ــــــــ[27 - 10 - 02, 04:50 م]ـ

أحسن الله إليك وبارك فيك.

لذلك كان من أهم شروط المفتي أن يكون قوي الشخصيّة بالإضافة إلى قوّة بصيرته، فيعرف متى يغيّر فتواه لسبب من الأسباب ومتى يثبت على رأيه.

ـ[بو الوليد]ــــــــ[28 - 10 - 02, 12:50 ص]ـ

موضوع جيد ومهم ..

لكن هل الباب مفتوح في هذا لكل من ارتفع ضغطه!! أقصد كل من كثرت عليه الضغوط؟؟!!

وهل هو عام في كل حكم؟!

أم هو خاص بما لم يرد فيه نص صريح ..

وهل قال بذلك أعني تغيير الفتوى لهذا السبب أحد من السابقين؟؟

أما الصور الفوتوغرافية؛ فقد يقال إن سبب تحريمهم لها سابقاً أصبح اليوم مستبعداً، مع عموم البلوى بها .. هذا لمن كان يرى حرمتها.

فكذلك ما زال سبب تحريمه أو أمنت علته، فإنه يصير مباحاً.

في الحقيقة هذه القضية لم أستطع الاقتناع بها، كيف يصير المحرم حلالاً مع بقاء علته؟!!!

يعني يأتينا غداً أحد يفتي بجواز الربا مثلاً!! هذا لا يقبل أبداً.

أو بجواز الاختلاط للحاجة إليه!!

أو التأمين الذي يطبق الآن ولا حول ولا قوة إلا بالله.

فالحكم لا يتغير ما وجدت علته، وكما قيل في القاعدة الفقهية الحكم يدور مع علته وجوداً وعدماً.

أرجو من الأخوة التفاعل،، فالموضوع جد مهم.

وبارك الله فيكم.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير