تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

كما أن للإجارة مزايا أخرى بالمقارنة مع بعض الأدوات التمويلية الأخرى، كل على حدة. فهي مثلاً تحافظ على حصر ملكية الشركة بمالكيها الحاليين، إذا ما قورنت مع زيادة رأس المال عند الحاجة إلى تمويل لشراء أصول ثابتة جديدة. وهي أكثر ثباتاً، وتأكيداً من السحب على المكشوف والتسهيلات الائتمانية المصرفية، أو التجارية. كما أنها قد تتمتع بمزايا ضريبية، لأن الأجرة نفقة تنزل من الأرباح، إذا ما قورنت بوسائل التمويل التي تقوم على توزيع الأرباح، كالمضاربة.

أما بالنسبة للممول (المؤجر)، فالإجارة تشكل صيغة أخرى من صيغ التمويل، مما يزيد في مجال اختياراته بين الصيغ المعتمدة. وهي أقل مخاطرة من القراض والمشاركة، لأن الممول يملك الأصل المؤجر من جهة، ويتمتع بإيراد مستقر، وشبه ثابت، وسهل التوقع من جهة أخرى. وهي تدر إيراداً للممول (المؤجر) خلافاً للقرض الحسن. وفضلاً عن ذلك فإن بعض المزايا الضريبية، التي نالها المؤجر يمكن أن تنعكس على المستأجر على شكل تخفيض في الأجرة، مما يجعل الإجارة أكثر كفاءة من أشكال التمويل التي لا تحقق مزايا ضريبية. كما أن التمويل عن طريق الاستئجار أقل تعقيداً من حيث الإجراءات والشروط القانونية ـ في العادة ـ من التمويل عن طريق زيادة رأس المال. ([1]) يضاف إلى ذلك أن بقاء الملكية بيد المؤجر يعطيه ضماناً مفضلاً للتمويل الذي يقدمه، فما يجعله أكثر اطمئناناً من التمويل بالمرابحة الذي ينقل الملكية إلى المشتري من تاريخ العقد.

ويلاحظ أن الإجارة كصيغة تمويلية لم تلفت نظر الباحثين في البنوك الإسلامية خلال العقد الأول من وجود هذه المصارف ([2]). ولعل من أوائل من كتب فيها تفصيلاً الدكتور عبد الوهاب أبو سليمان باقتراح من كاتب هذه الورقة. وقد نشر المعهد الإسلامي للبحوث والتدريب بحثه في عام 1992. تلا ذلك كتاب سندات الإجارة والأعيان المؤجرة لمنذر قحف الذي نشر عام 1995.

تحتوي هذه الورقة على قسمين. أبحث في القسم الأول منهما في الإجارة المنتهية بالتمليك وأخصص القسم الثاني لصكوك التأجير.

القسم الأول: الإجارة المنتهية بالتمليك

تعريف الإجارة، ومشروعيتها ولزومها

ذكرت الموسوعة الفقهية تعريفاً للإجارة نسبته للفقهاء! هو أنها "عقد معاوضة على تمليك منفعة بعوض." ونقل الدكتور أبو سليمان تعريفات عن كل من المذاهب الأربعة ورجح منها تعريف الحنابلة وهو "عقد على منفعة مباحة معلومة، مدة معلومة، من عين معلومة، أو موصوفة في الذمة، أو عمل، بعوض معلوم." ونلاحظ التفصيل في هذا التعريف من إدخال شرطي العلم والإباحة، وأنه يشمل مدة معلومة وإنجاز عمل معلوم، كخياطة ثوب أو نقل شخص مسافة معلومة، بغض النظر عن المدة التي يأخذها ذلك العمل.

وإن هذا التعريف يصلح كمقدمة لبحث الإجارة المنتهية بالتمليك لأنها إجارة تتحدد في العادة بالزمن وليس بإنجاز عمل معلوم.

أما حكمها التكليفي فهو الجواز أو المشروعية. وقد ثبت ذلك بالكتاب والسنة والإجماع والعقل. ([3]) وهي عقد لازم عند المذاهب الأربعة، ([4]) وحكى ابن رشد الجواز فيها ويرى الأحناف أن للمستأجر فسخ الإجارة للعذر الطارئ. ([5])

تعريف الإجارة المنتهية بالتمليك

قد يصعب وضع تعريف محدد للإجارة المنتهية بالتمليك قبل التعرف على صورها. فهي من جهة إجارة ينطبق عليها تعريف الإجارة المذكور، ولكن فيها تخصيصاً أضيق لذلك التعريف لأنه يقصد منها أن يشتمل مجموع الأجرة خلال مدة العقد على ما يفي بسداد ثمن العين المؤجرة مع العائد الايجاري المرغوب به. فحقيقتها أنها ـ في جميع صورها ـ إجارة وشراء معاً، مهما كان الشكل التعاقدي الذي يتخذه نقل الملكية، سواء أكان ذلك عند انتهاء مدة الإجارة، أم تنجيماً على أسهم أثناء مدة العقد.

ولقد جاء في استفسار البنك الإسلامي للتنمية الموجه إلى مجمع الفقه الإسلامي وصف هذا العقد بأنه عقد إجارة يتضمن التزاماً من المؤجر بهبة العين المستأجرة عقب وفاء جميع أقساط الأجرة. أما الندوة الفقهية الأولى لبيت التمويل الكويتي فقد عرفت الإجارة المنتهية بالتمليك بأنها عقد على انتفاع المستأجر بمحل العقد بأجرة محددة موزعة على مدة معلومة على أن ينتهي العقد بملك المستأجر للمحل.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير