تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

وهذه الصورة قد قال بها الحنابلة وهي قول عند غيرهم أيضاً كما رأينا في التمهيد الفقهي. وهي تتمتع بنفس المزايا التمويلية للمستفيد من التمويل ولمقدمه، التي أشرت إليها في مقدمة هذه الورقة، مثلها في ذلك مثل الصور الأخرى. ولا نجد مثلبة لهذه الصورة في مسألة ربط انتقال الملكية بوفاء جميع أقساط الأجرة لأن هذا الربط قليل الفائدة في الصور الأخرى على كل حال، على اعتبار أن العين هي في يد المستأجر في جميع الأحوال واهتمام الممول (المؤجر) بنصب في واقع الأمر على حصوله على أقساط الأجرة أكثر مما ينصب على تأخير نقل الملكية إلى المستأجر. والممول في هذا يحرص على تحصيل ضمانات كافية لسداد دين الأجرة أكثر من اهتمامه بالإمساك عن نقل ملكية العين نفسها، وهو يستطيع تحصيل تلك الضمانات في كلا الحالتين على السواء.

ولكننا ينبغي أن نلاحظ أن استثناء المنافع لمدة معلومة يختلف عن الصور الأخرى للإجارة المنتهية بالتمليك من جانب آخر، هو حق المؤجر باجرة عن المدة الإضافية الناتجة عن التأخير. لأن بقاء العين أو أية أجزاء منها على ملكه مدة إضافية يتيح له استحقاق أجرة لها عن هذه المدة المضافة، في حين لا يمكن زيادة مدة المنافع المستثناة من البيع. وهذا فرق مهم بين هذه الصورة والصورة السابقة، مما يضيق من إمكان استعمال هذه الصورة في جميع الحالات التي لا تتوفر فيها ضمانات كافية لعدم التأخير.

نفقات الصيانة والتأمين

من الواضح أن المؤجر مطالب بإبقاء العين المؤجرة بحالة يستطيع معها المستأجر استخلاص منافعها المتعاقد عليها. لذلك فقد أقر مجمع الفقه الإسلامي، أن تبعة الهلاك والتعيب تكون على البنك (المؤجر) بصفته مالكاً. ([19]) ويبدو أن للعرف أثراً كبيراً في تحديد ما يقع على المؤجر من أعمال الصيانة. ([20]) ذلك لأن مسؤولية المؤجر تقتصر على الصيانة والإصلاح، اللازمين لتمكين المستأجر من الانتفاع بالعين المؤجرة. أما ما كانت الصيانة لاستيفاء المنافع مثل مراجعة معايير الحرارة، والمياه، والزيوت، وأعمال الصيانة الوقائية الدورية، فإنها تقع على عاتق المستأجر. ([21])

يضاف إلى ذلك أن كل ما كان معلوماً من نفقات الصيانة الجوهرية، التي تتعلق بتمكين المستأجر من الانتفاع، يمكن أيضاً تحميله بالشرط على المستأجر، لأنه يكون ـ عند الشرط ـ جزءاً من الأجرة.

أما ما هو غير معلوم، نحو نفقات إصلاح جدار، أو سقف، إنهدما، فإنه لا يصح اشتراطه على المستأجر لأنه يُدخل جهالة في مقدار الأجرة مما يفسد العقد. وإن كان من الجائز توكيل المستأجر بالقيام به، على أن يعود على المؤجر بما يدفع. ([22]) ويلاحظ أن معظم أعمال الصيانة غير المتوقعة، بل جميعها في المجتمعات المعاصرة، هو مما يخضع للتأمين في الوقت الحاضر.

أما ما يتعلق بنفقة التأمين على العين المؤجرة، فإذا كانت معلومة، فهي مما يجوز ـ بالشرط في العقد ـ وضعه على عاتق المستأجر، واعتباره جزءاً من الأجرة، سواء أكان التأمين تجارياً عند من يرى جوازه بشروطه، أم تعاونياً عند من لا يبيح التأمين التجاري ويعتبر أن التأمين التعاوني القائم على التبرع هو وحده المقبول في الشريعة.

يضاف إلى ذلك أن التأمين التعاوني، القائم على التبرع، يمكن اشتراط نفقته على المستأجر، لأنها اشتراط تبرع لطرف ثالث، حتى لو لم تكن معلومة عند العقد، لأن دفع القسط في هذا التأمين، يكون على سبيل التبرع، ولا بأس أن يتبرع غير المالك، وأن يشترط المتبرع لغيره الاشتراك معه في المنفعة. ([23])

على أنه لنا أن نلاحظ، أنه يمكن في جميع الأحوال أن يشترط في عقود الإجارة، وبخاصة تلك التي تصدر بموجبها صكوك تأجير، أن يقوم المستأجر بأعمال الصيانة والتأمين. فإذا كانت هذه الأعمال معلومة النفقة، واشترط أن يتحملها المستأجر، فهي جزء من الأجرة. وإذا كانت معلومة، واشترط قيام المستأجر بها، وكالة عن المالك، فإنها معتبرة عند حساب الأجرة الصافية، بمعنى أن ما يعود على حامل الصك هو الأجرة، منقوصاً منها المبلغ المعلوم للصيانة والتأمين. وطالما أنها معلومة فإنها لا تؤثر على مشروعية الإجارة المنتهية بالتمليك، ولا صكوك التأجير. ولا تؤثر كذلك على مردود الإجارة للممول، سواء رجع فيها المستأجر على المؤجر أم لم يرجع،

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير