تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

2 - بيع العين المؤجرة:

ليس من مقتضيات عقد الإجارة حرمان المالك المؤجر من التصرف بملكه، بما لا يضر بحق المستأجر في حصوله على المنفعة التي تملكها بالعقد؛ لذلك فإن تصرف المالك مقيد بحق المستأجر الذي تملك المنفعة بعقد الإجارة. ولقد نص الأحناف على أن البيع يصح في حق المتبايعين ولا يصح في حق المستأجر، ([27]) رغم أنهم يقولون بجواز فسخ الإجارة بعذر وبانفساخها بانتقال ملك العين إلى الوارث. ([28])

فإذا باع المالك عيناً مؤجرة، ولم يستثن منافعها لمدة الإجارة، فإن الأجرة تستحق للمشتري من حين الشراء. ولقد نص على ذلك الحنابلة قال البهوتي في شرح منتهى الإرادات: والأجرة من حين الشراء له (أي للمشتري) نصاً، " ورد على المعارض بأن ملك عوض المنفعة، وهو الأجرة، ولم يستقر بملك البائع بعد، حتى إنه إذا انفسخت الإجارة، رجعت المنافع إلى البائع." فإذا باع العين، ولم يستثن شيئاً، لم تكن تلك المنافع، ولا عوضها، مستحقاً له (أي للبائع) لشمول البيع للعين ومنافعها. فيقوم المشتري مقام البائع فيما كان يستحقه منها، وهو استحقاق عوض المنافع مع بقاء الإجارة، إن كان المشتري غير المستأجر." ([29])

وقد ذكر القرافي أن "بيع الدار المستأجرة (من المستأجر) لا يوجب الفسخ، ويستوفي المبتاع المنافع بحكم الإجارة، ومن غيره يصح أيضاً، وتستمر الإجارة إلى آخر المدة." ([30]) كما ذكرت الموسوعة الفقهية (ج1، ص274) أن "لا تفسخ الإجارة بالبيع" وهو رأي الأحناف والحنابلة والشافعية في الأظهر وقول للمالكية.

ويمكن تأكيد هذه المسألة، بأن ينص عقد البيع، صراحة، على بقاء الإجارة لمدتها، وقبول المشتري بذلك، وأنه يقبل بحلوله محل البائع في جميع حقوقه وواجباته التعاقدية فيما بينه وبين المستأجر.

كما يمكن أن يتضمن عقد الإجارة، نفسه تأكيد حق المالك المؤجر ببيع العين المؤجرة لمن يشاء وقبول المستأجر انتقال عقده ـ بكل شروطه ـ إلى المشتري.

وبجعل هذين التوضيحين جزءاً من شروط العقد لا نخالف أي نص شرعي يتعلق بالإجارة أو البيع، وبخاصة أنها شروط لا تتنافى مع مقتضى العقد بل إنها تؤكده. وبذلك نكون قد مهدنا السبيل لظهور صكوك التأجير دون أن نقع في منطقة الخلاف بين الفقهاء فيما يتعلق بآثار انتقال الملك على عقد الإجارة.

3 - هبة العين المؤجرة ووقفها

ومن جهة أخرى فإن الشريعة لا تمنع ورود بعض العقود الأخرى على الإجارة نحو الوصية والهبة، فضلاً عن البيع. فيمكن للمالك أن يبيع أو يهب أو يقف العين المؤجرة، دون أن يؤثر ذلك على حقوق المستأجر.

وكما يصح البيع لغير المستأجر، يصح للمستأجر أيضاً، دون أن يؤثر ذلك على الإجارة بفساد أو فسخ. ([31])

4 - إجارة المشاع

اختلف الفقهاء في إجارة المشاع (أي إذا كانت العين المتعاقد على منفعتها مملوكة مشاعاً). فقد أباحها أبو يوسف، ومحمد، والشافعي، والمالكية، ولأنها تصرف المالك في ملكه، ويكن فيها الاستيفاء بالمهايأة. ([32]) ولم يجزها أبو حنيفة لعد م إمكان استيفاء المنفعة إلا بالتصرف في حصة شريكه، وليس له ذلك، (وأبو حنيفة لا يقول بالمهايأة)، إلا إذا كانت الإجارة لشريكه فيمكن فيها الاستيفاء. أما الحنابلة، فأجازوها للشريك ومنعوها للغير. ([33])

ويتضح من خلافهم أن إمكان استيفاء المنفعة هو مدا ر الجواز فحيثما أمكن للمستأجر استيفاء المنفعة ـ كالإجارة للشريك ـ جازت إجارة المشاع باتفاق الجميع. لذلك نجد الحنابلة قد نصوا أيضاً على جواز إجارة المشاع إذا أجر الشركاء كلهم معاً لآخر. ([34]) فإذا كانت إجارة المشاع جائزة بعقد واحد، فمن باب أولى جواز الإجارة، دونما خلاف بين الفقهاء، بعقد واحد، مع تساوي حصص المالكين (أصحاب الصكوك) وانطباق نفس الشروط التعاقدية عليهم جميعاً.

والمشهور عن أبي حنيفة أن الشيوع الطارئ بعد عقد الإجارة لا يفسدها، على خلاف الشيوع عند العقد، لأنه ليس كل ما يشترط في إنشاء العقد يشترط لبقائه. ([35]) وهذا يعني أنه لو تمت إجارة العين ثم بيعت أسهماً مشاعاً، فإن ذلك لا يفسد عقد الإجارة عنده.

5 - بيع المشاع

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير