الأولى: قام بها العلامة أحمد بن عبد الله بن أحمد العسكري الصالحي (؟ -910 هـ) تلميذ المصحح المرداوي رحمه الله، إلا أنه توفي قبل أن يتم كتابه فقد وصل فيه إلى الوصايا، ومع هذا اهتم به العلماء ونقلوا منه وأشاروا إليه. وقد رأيت في بعض التراجم أنه كان يجلس رحمه الله للتدريس في حل الجمع بين المقنع والتنقيح الأمر الذي يشعر بمدى أهمية هذا الأمر وحاجة الحنابلة الشديدة إليه.
الثانية: قام بها الشيخ أحمد الشويكي رحمه الله (875 – 939 هـ) في كتابه الذي مرَّ معنا وهو
" التوضيح في الجمع بين المقنع والتنقيح " وقد وصف كتابه هذا بوضوح العبارة حتى قيل إنه متن كالشرح.
الثالثة: قام بها عصريه تقي الدين محمد بن أحمد الفتوحي الشهير بـ " ابن النجار " (؟ - 972 هـ) في كتابه " منتهى الإرادات في الجمع بين المقنع والتنقيح وزيادات " ووصف علماء المذهب هذا الكتاب بأنه معقد العبارة ومع هذا فهو عمدة المتأخرين وقد لقي قبولاً كبيراً وحظي بالشروح والتعليقات] (20).
وبعد ذلك جاء الشيخ مرعي فاختصر منتهى الإرادات في كتابه دليل الطالب لنيل المطالب وقد ورَّى باسمه - منتهى الإرادات - في خطبة كتابه فقال: [الحمد لله رب العالمين وأشهد أن لا إله إلا الله مالك يوم الدين وأشهد أن محمداً عبده ورسوله المبين لأحكام شرائع الدين الفائز بمنتهى الإرادات من ربه فمن تمسك بشريعته فهو من الفائزين صلى الله عليه وسلم وعلى جميع الأنبياء والمرسلين وعلى آله وصحبه أجمعين] (21).
فقول الشيخ مرعي: [الفائز بمنتهى الإرادات …] من قبيل التورية حيث أشار بذلك إلى أن كتابه مختصر من منتهى الإرادات لابن النجار.
المطلب الثالث أهمية الكتاب وميزاته:
يعتبر كتاب دليل الطالب لنيل المطالب من المتون المعتمدة عند متأخري علماء المذهب الحنبلي.
قال ابن بدران عنه: [متن مختصر مشهور] (22).
ودليل الطالب أحد المتون المعتمدة عند المتأخرين من الحنابلة الذين يبدأ عصرهم سنة 885 هـ كما قرره د. بكر أبو زيد (23)، وهذه المتون المعتمدة هي:
1. الإقناع.
2. زاد المستقنع، وكلاهما لموسى الحجاوي المتوفى سنة 968 هـ.
3. منتهى الإرادات لابن النجار المتوفى سنة 972 هـ.
4. غاية المنتهى.
5. دليل الطالب، وكلاهما للشيخ مرعي.
6. عمدة الطالب للبهوتي المتوفى سنة 1051هـ.
7. كافي المبتدي.
8. أخصر المختصرات للبلباني الأنصاري المتوفى سنة 1083 هـ (24).
وهو يتميز على زاد المستقنع بأنه أسهل منه عبارة وأخف تعقيداً ولهذا كان هو المتن المعتمد في طبقته فمن بعدهم عند علماء الشام والقصيم على خلاف ما جرى عليه عامة أهل الجزيرة من العناية بكتاب زاد المستقنع وتفضيله عليه لكثرة مسائله، قال فيه عبد السلام الشطي الحنبلي المتوفى سنة 1295 هـ رحمه الله تعالى:
يا من يروم بفقهه في الدين نيل مطالب
اقرأ لشرح المنتهى واحفظ دليل الطالب (25)
ودليل الطالب من متون المذهب الحنبلي الذي اعتمد مؤلفه رواية واحدة وعقدها على أنها هي المذهب.
وهذا المنهج سلكه جماعة كبيرة من أصحاب المتون في المذهب الحنبلي كالخرقي صاحب أول متن في المذهب الحنبلي ألا وهو مختصر الخرقي وابن عقيل في كتابه المسمى التذكرة.
وابن قدامة في كتابيه عمدة الفقه والكافي وغيرهم، فالشيخ مرعي لا يذكر إلا رواية واحدة في المسألة ويعتبرها هي المعبرة عن المذهب وهذا بناءً على ما صنعه صاحب أصل الكتاب وهو الشيخ ابن النجار في منتهى الإرادات حيث إنه اعتمد رواية واحدة واعتبرها المعبرة عن المذهب وهي الرواية الراجحة في المذهب.
قال ابن بدران: [… حرر مسائله على الراجح من المذهب] (26).
وقال د. بكر أبو زيد: [… بناه على الراجح من المذهب] (27).
وكذلك فإن كتاب التنقيح المشبع للمرداوي والذي هو أحد مكونات منتهى الإرادات بناه مؤلفه على الراجح من المذهب،كما قال د. بكر أبو زيد: [… وجعله على القول الراجح في المذهب] (28).
¥