) وَلا يُنْفِقُونَ نَفَقَةً صَغِيرَةً وَلا كَبِيرَةً وَلا يَقْطَعُونَ وَادِياً إِلا كُتِبَ لَهُمْ لِيَجْزِيَهُمُ اللَّهُ أَحْسَنَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (().
قال قتادة - رحمه الله –- عند قوله:) وَلا يَقْطَعُونَ وَادِياً (() ((ما ازداد القوم من أهليهم في سبيل الله بعدا، إلا ازدادوا من الله قربا)) رواه ابن أبي حاتم في تفسيره.
لأن الجهاد خير محض لما فيه من الثواب العظيم والسلامة من العقاب الأليم ويعقبه النصر والظفر على الأعداء والاستيلاء على بلادهم وأموالهم وذراريهم وقد بين الله أنه خير محض بقوله:) قُلْ هَلْ تَرَبَّصُونَ بِنَا إِلا إِحْدَى الْحُسْنَيَيْنِ وَنَحْنُ نَتَرَبَّصُ بِكُمْ أَنْ يُصِيبَكُمُ اللَّهُ بِعَذَابٍ مِنْ عِنْدِهِ أَوْ بِأَيْدِينَا فَتَرَبَّصُوا إِنَّا مَعَكُمْ مُتَرَبِّصُونَ ((). فالجهاد خير كله أما الظفر والغنيمة وأما الشهادة والجنة قال الزهري - رحمه الله -: ((الجهاد واجب على كل أحد غزا أو قعد، فالقاعد عليه إذا استعين أن يعين وإذا استغيث أن يغيث وإذا استنفر أن ينفر وإن لم يحتج إليه قعد)).
وهكذا جاءت النصوص من السنة الآمرة والحاثة على عنوان عزة الآمة وسبب رفعتها وهو قيامها بالجهاد في سبيله لإعلاء كلمة الله، جاء في الحديث المتواتر عن عدة من أصحاب النبي r أن النبي r قال: ((أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله ويقيموا الصلاة ويؤتوا الزكاة فإذا فعلوا ذلك عصموا مني دماءهم وأموالهم ألا بحق الإسلام وحسابهم على الله)) ().
وعن أبن عباس - رضي الله عنهما -–قال: قال رسول الله r يوم فتح مكة: ((لا هجرة ولكن جهاد ونية، وإذا استنفرتم فانفروا)) (). وجاء عن أنس t عن النبي r قال: ((جاهدوا المشركين بأموالكم وأنفسكم
وألسنتكم)) () بل جاء الوعيد الشديد في ترك المرء الجهاد وأن الإعراض عنه من صفات المنافقين، فعن أبي هريرة t قال: قال رسول الله r (( من مات ولم يغز ولم يحدث به نفسه مات على شعبة من النفاق)) ()، فهذه بعض النصوص من السنة في الترغيب والأمر بالجهاد، إذا هذا الجهاد حق من حقوق الله أمر به وأمر به نبيه r إذا ليس لأحد أن يقول الجهاد لا يكون إلا إذا أمر به العلماء بل العالم الصادق يطبق ما جاءت به النصوص ويكون أول من يكون في مقدمة المجاهدين لأنه هو القدوة، ليطبق علمه بالعمل به. وأما استدلاله بقوله تعالى:) وَإِذَا جَاءَهُمْ أَمْرٌ مِنَ الأَمْنِ أَوِ الْخَوْفِ أَذَاعُوا بِهِ وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُولِي الْأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ وَلَوْلا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ لاتَّبَعْتُمُ الشَّيْطَانَ إِلا قَلِيلاً (().
هذه الآية فيها الإنكار على من يبادر إلى الأمور قبل تحققها فيخبر بها ويفشيها وينشرها ولا يتثبت في ذلك وقد لا يكون لها صحة ولم يذكر أحد من المفسرين بأن هذه الآية معناها أن الجهاد حق العلماء يبين ذلك أن سبب نزول الآية هو التثبت كما جاء في صحيح مسلم في حديث طويل لما بلغ عمر بن الخطاب t أن رسول الله r طلق نساءه فجاء عمر حتى إذا دخل المسجد وجد الناس يقولون ذلك قال: فلم أصبر حتى استأذن على رسول الله r فاستفهمه:
أطلقت نساءك يا رسول الله؟ قال: لا. قلت: يا رسول الله، إني دخلت المسجد والمسلمون ينكتون بالحصى يقولون: طلق رسول الله r نسائه أفأنزل فأخبرهم أنك لم تطلقهن، قال: نعم إن شئت. فقمت على باب المسجد فناديت بأعلى صوتي: لم يطلق رسول الله r نساءه.
ونزلت هذه الآية) وَإِذَا جَاءهُمْ أَمْرٌ مِنَ الأَمْنِ أَوِ الْخَوْفِ أَذَاعُوا بِهِ وَلَوْ رَدُّوهُ إِلى الرَّسُولِ وَإِلَى أُولِي الأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ وَلَوْلا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ لَاتَّبَعْتُمُ الشَّيْطَانَ إِلا قَلِيلاً (().
فكنت أنا استنبطت ذلك الآمر. مسلم 1479 في كتاب الطلاق وابن أبي حاتم في تفسيره.
¥