[3] ترتيب المدارك للقاضي عياض (1/ 337).
[4] طبقات الحنابلة (2/ 14).
[5] طبقات الحنابلة (2/ 57).
[6] طبقات الشافعية للسبكي (214).
[7] الذي شرفت من أجله هو النبي صلى الله عليه وسلم.
[8] الفروق (3/ 16).
ـ[نياف]ــــــــ[06 - 11 - 05, 08:38 ص]ـ
د. عبد العزيز بن محمد العبد اللطيف
الحب في الله والبغض في الله
الحمد لله رب العالمين، والصلاةُ والسلامُ على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه، وبعد.
فإنَّ الحبُّ في الله والبغضُ في الله أوثقُ عرى الإيمان، وتحقيقهُ في واقعنا هو المقياسُ الشرعي السديد تجاه الناس بشتى أنواعهم، والحبُّ في الله والبغض في الله هو الحصنُ الحصينِ لعقائدِ المسلمين وأخلاقهم أمام تياراتِ التذويب والمسخ، كزمالةِ الأديان والنظام العالمي الجديد، والعولمة ونحوها.
ومسائلُ هذا الموضوع كثيرة ومتعددة، وقد عُني العلماء قديماً وحديثاً بتحريرها وتقريرها، لكن ثمة مسائل مهمة – في نظري – تحتاجُ إلى مزيدِ بحثٍ وتحقيقٍ وإظهار.
منها: أنَّ الحبّ في اللهِ تعالى والبغضُ في الله متفرعٌ عن حبِ الله تعالى، فهو من لوازمهِ ومقتضياته، فلا يمكنُ أن يتحققَ هذا الأصلُ إلاَّ بتحقيقِ عبادةِ الله تعالى وحبّه، فكلَّما ازدادَ الشخصُ عبادةً لله تعالى وحدهُ ازدادَ تحقيقاً للحبّ في الله والبغضُ في الله، كما هو ظاهرٌ في قصة الخليل إبراهيم- عليه السلام- وهو أظهرُ في سيرة نبينا محمد- صلى الله عليه وسلم-.
ومنها: أنَّ الحبّ في الله والبغضُ في الله لهُ لوازمُ ومقتضيات، فلازمُ الحبِّ في الله: الولاءُ، ولازمُ البغضِ في الله البراء، فالحبُّ والبغضُ أمرٌ باطنٌ في القلب، والولاءُ والبراء أمرٌ ظاهرٌ، كالنصحِ للمسلمين ونصرتهم والذب عنهم ومواساتهم، والهجرة من دار الكفر إلى دار الإسلام، وترك التشبه بالكفار، ومخالفتهم، وعدم الركونِ، والثقة بهم، فإذا انتفى اللازم – الولاء والبراء – انتفى الملزوم – الحبُ والبغض – هذا التلازمُ بين الحب والبغض، وبين الولاءِ والبراءِ، يتسقُ مع التلازمِ بين الظاهرِ والباطنِ في الإيمان.
ومنها: أنَّ الحبُ في الله والبغضُ في الله من أعظمِ أسبابِ إظهارِ دين الإسلام، وكفِّ أذى المشركين، بل إنَّ تحقيقهُ سببٌ في إسلامِ الكافرين، وها ك بعض الأحداث التي تقررُ ذلك، فقد ساقَ شيخُ الإسلام ابن تيمية جملةً ممَّا ذكره الواقدي في معازيه وغيره.
فمن ذلك أنَّ اليهود خافت وذلت من يومِ قتلِ رئيسهم كعب بن الأشراف على يدِ محمدٍ بن مسلمة – رضي الله عنه -[1]
ويقول شيخ الإسلام: " وكان عددُ من المشركين يكفون عن أشياءَ ممَّا يؤذي المسلمين، خشية هجاءِ حسان بن ثابت، حتى إنَّ كعب بن الأشراف لما ذهبَ إلى مكة، كان كلَّما نزلَ عند أهلِ بيتٍ هجاهم حسان بقصيدة، فيخرجونهُ من عندهم، حتى لم يبق بمكة من يؤويه " [2]
ولما قَتل مُحيَّصةَ – رضي الله عنه – ذلك اليهودي فزجرهُ أخوهُ حويصة، قال مُحيَّصة: " والله لقد أمرني بقتله من لو أمرني بقتلكَ لضربتُ عُنقك، فقال حويصة: والله إنَّ ديناً بلغَ منك هذا لعَجَبٌ، ثُمَّ أسلم حويصة " [3]
ولعلَّ هذه الرسالة المختصرة تحققُ شيئاً من هذا الأصلِ الكبير عموماً، وتُظهرُ جملة من المسائل المذكورة خصوصاً، وبالله التوفيق.
أهمية الموضوع
قال المصطفى- صلى الله عليه وسلم-: ((أوثق عرى الإيمان: الحبُ في الله والبغضُ في الله)) وفي حديث آخر، قال- صلى الله عليه وسلم-: ((من أحبَّ في الله وأبغض في الله وأعطى لله ومنع لله؛ فقد استكمل الإيمان)) ([4]) إذاً الحبُ في الله والبغض في الله ليس إيماناً فحسب، بل هو آ كد وأوثق عُرى الإيمان، فحريٌّ بنا أن نحرص على هذا الأمر.
كان- صلى الله عليه وسلم- يُبايعُ على هذا الأمر العظيم، فقد جاءَ عن جرير بن عبد الله البجلي- رضي الله عنه- أنَّهُ قال: أتيت النبي- صلى الله عليه وسلم- وهو يبايعُ فقلت: يا رسول الله، أبسط يدك حتى أبايعك، واشترطُ علىّ وأنت أعلم. فقال: ((أبايعك على أن تعبد الله، وتقيم الصلاة، وتؤتي الزكاة، وتُناصح المسلمين، وتفارق المشركين)) [5].
¥