تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

ومما يبيّن هذا الأمر، ما جاء في هدى النبي- صلى الله عليه وسلم- فقد حقق- عليه السلام- الأمرين، والدليل ذاك الرجل الذي يشربُ الخمر في عهد رسول الله- صلى الله عليه وسلم- واسمه عبد الله، وكان كثيراً ما يُؤتى به فيجلد، فأتي به في أحدِ المرات، فقال أحد الحاضرين: لعنهُ الله ما أكثر ما يُؤتى به، فقال- عليه السلام-: ((لا تلعنهُ، أما علمت أنَّه يحبُ الله ورسوله)) أو كما ورد في الحديث – فمقتضى العداوة والبغضاء أن أقام عليه الحد فجلده، وفي نفس الوقت أيضاً، مقتضى الحب والولاء له، أن دافع عنهُ- عليه الصلاة والسلام- فقال: ((لا تلعنه)).

معاودة الكافرين

هذه المسألة تغيبُ في هذا الزمان، بسبب جهل الناس، وتكالب قوى الكفر على إلغاء الولاء والبراء، وإلغاء ما يسمى بالفوارق الدينية.

قال الشيخ حمد بن عتيق (ت 1301هـ): (فأما معاداة الكفار والمشركين، فاعلم أنَّ الله أوجب ذلك وأكد إيجابه، وحرّم موالاتهم وشدد فيه، حتى أنَّه ليس في كتاب الله حكمٌ فيه من الأدلة أكثر وأبين من هذا الحكم بعد وجوب التوحيد وتحريم ضده).

وقال في موضع آخر: " وهنا نكتة بديعة في قوله: ((إِنَّا بُرَآءُ مِنْكُمْ وَمِمَّا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ)) (الممتحنة: من الآية4)، وهي أنَّ الله قدم البراءة من المشركين العابدين غير الله، على البراءةِ من الأوثان المعبودة من دون الله، لأنَّ الأول أهمُ من الثاني، فإنَّه قد يتبرأ من الأوثان، ولا يتبرأ ممن عبدها، فلا يكون آتياً بالواجب عليه، وأما إذا تبرأ من المشركين، فإنَّ هذا يستلزمُ البراءة من معبوداتهم [5]

فإذا علم هذا تبين خطأ وانحراف كثيرٍ من الناس، عند ما يقولون: نتبرأ من الكفر، ونتبرأ من عقيدة التثليث عند النصارى، ونتبرأ من الصليب، لكن عند ما تقول لهم تبرؤوا من النصارى. يقولون: لا نتبرأ منهم ولا نواليهم.

لوازم الحب في الله والبغض في الله.

أشرنا إلى أنَّ الحب في الله والبغض في الله،عملان قلبيان، لكن لهذا الحب لوازم مثل: النصح للمسلمين، والإشفاق عليهم، الدعاء لهم، والسلام، وزيارة مريضهم، وتشييع جنائزهم، وتفقد أحوالهم.

أما لوازم البغض فمنها: ألا نبتدئهم بالسلام، والهجرة من دار الكفرِ إلى دار الإسلام، وعدم التشبه بهم، وعدم مشاركتهم في الأعياد – كما هو مبسوط في موضعه.


[1] قاعدة في المحبة (ص 387)

[2] الدرر السنية (2/ 157).

[3] طبقات الحنابلة (1/ 57).

[4] الفتاوى السعدية (1/ 98).

[5] النجاة والفكاك (ص 22).

ـ[حمزة الكتاني]ــــــــ[13 - 11 - 05, 10:25 م]ـ
من أهم ما كتب في عقيدة الولاء والبراء تأصيلا وجمعا، كتاب "الدواهي المدهية للفرق المحمية" لشيخ الإسلام أبي المواهب جعفر بن إدريس الكتاني الإدريسي الحسني، المتوفى عام 1323، وقد طبع طبعة ثانية حديثا بدار الكتب العلمية في حوالي 250 صفحة ..

ـ[نياف]ــــــــ[22 - 12 - 05, 06:36 ص]ـ
منزلة الولاء والبراء من التوحيد
الشيخ الدكتور سفر بن عبدالرحمن الحوالي
من محاضرة: الأسئلة

السؤال: هل صحيح أن التوحيد له هذه الأقسام الثلاثة فقط: الربوبية والألوهية والأسماء والصفات، أم أن هناك أقساماً أخرى، وهل الولاء والبراء -مثلاً- من التوحيد، فهو يدخل في الأنواع الثلاثة؟

الجواب: موالاة المؤمنين ومعاداة الكافرين، هذا أعظم شيء أمر الله تبارك وتعالى رسوله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ به، وحث عليه الإسلام؛ بعد الشهادتين، فهو من جملة الاعتقادات، ومن الأحكام العملية المتعلقة بالاعتقادات، وهي جزء من الشهادتين.

والركن الثاني هو الصلاة، لكن من حيث أن حقوق لا إله إلا الله الاعتقادية القلبية كثيرة، فمن أعظمها ولازمها المعاداة للكفار.

وعندما يقول إنسان: لا إله إلا الله، فإن لها ركنين: النفي والإثبات.

فالنفي: لا إله، وهي نفي الألوهية عما سوى الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى، ويدخل في ذلك النفي، البراءة من الشرك والمشركين، فلا يعقل أن شخصاً يقول: أنا أتبرأ من الشرك؛ لكن تجده يحب المشركين: لا تَجِدُ قَوْماً يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ [المجادلة:22] يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَاءَ [الممتحنة:1] يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ [المائدة:51] يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تُطِيعُوا فَرِيقاً مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ يَرُدُّوكُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ كَافِرِينَ [آل عمران:100] يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تُطِيعُوا الَّذِينَ كَفَرُوا يَرُدُّوكُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ فَتَنْقَلِبُوا خَاسِرِينَ [آل عمران:149] إلى آخر الآيات.

فهذه قضية مهمة جداً، وهي داخلة ضمن تحقيق توحيد الألوهية، وإن لم نجعلها قسماً من أقسام التوحيد.
¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير