كل من والى كافراً وأعانه وظاهره على مسلم فقد كفر ونقض هذا الأصل "الموالاة" وخرج من دين الله سبحانه وتعالى وهذا يصدق أيضاً على من اطلع الكفار على عورات المسلمين في الحرب وأفشى لهم أسرار المسلمين وقد جاء بشأن هذا آيات كثيرة منها قوله تعالى {يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا اليهود والنصارى أولياء بعضهم أولياء بعض ومن يتولهم منكم فإنه منهم إن الله لا يهدي القوم الظالمين} (المائدة:51) فقوله تعالى: {فإنه منهم} يدل على أنه قد خرج بذلك من الإيمان إلى الكفر وهو نص صريح، ويخرج من هذا أيضاً من فعل هذا غير مستحل له، في حال ضعف أو خوف أو رغبة كما قال تعالى: {لا يتخذ المؤمنون الكافرين أولياء من دون المؤمنين ومن يفعل ذلك فليس من الله في شيء إلا أن تتقوا منه تقاة ويحذركم الله نفسه} الآية (آل عمران:28) فقوله: {إلا أن تتقوا منهم تقاة} يدل على أن اتقى شر الكفار وداراهم وردهم عن نفسه في حال ضعف ولا يحب أن ينتصر الكفار ولا أن يظهروا على المسلمين فإنه لا يكفر بذلك بل يكون معذوراً عند الله]
س: ذكر في بداية الكلام ان من فعل هذا فقد كفر فهل العلة في التكفير الاستحلال ام عدم الخوف والضعف؟ بعبارة اخرى هل المانع من التكفير هو عدم الاستحلال ام وجود الخوف والضعف؟ ان كان وجود الضعف والخوف هو المانع من التكفير فلا حاجة لذكر الاستحلال. وان كان الاستحلال هو المانع من التكفير، فهذا يعني ان المؤلف يشترط الاستحلال لاجل التكفير بالمكفرات، وهذا قول الجهمية، بل غلاة الجهمية، لانه من المعلوم ان عقيدة اهل السنة والجماعة لايشترطون الاستحلال لاجل التكفير بالمكفرات بل يشترطون الاستحلال للتكفير بالذنوب والمعاصي التي هي دون المكفرات.
وبذلك فذكر الاستحلال جاء في غير محله. لانه ذكر في بداية كلامه ان من فعل هذا فقد كفر. فكلامه في المكفرات، وليس في المعاصي التي هي دون المكفرات.
وللتوضيح اكثر اقول: الذنوب من حيث الجملة قسمان:
1 - المكفرات: لايشترك الاستحلال في التكفير بها، والذين اشترطوا الاستحلال للتكفير بها هم غلاة الجهمية، وليس المرجئة كما يفهم بعضهم! فان المرجئة في وقت السلف كانوا يكفرون بالمكفرات. وخلافهم مع اهل السنة في نقطة اخرى.
2 - المعاصي التي هي دون الكفر: هذه هي التي يشترط السلف الاستحلال للتكفير بها - على تفاصيل- والخوارج لايشترطون الاستحلال هنا، بل هم يكفرون مرتكب الكبيرة بدون اشتراط الاستحلال.
3 - قول المؤلف:
[وأما من استحل ورضى بمعاونة الكفار ومظاهرتهم على المسلمين وهو غني عن ذلك فهو كافر قطعاً ناقض لأصل الموالاة]
قلت: هذا عين كلام غلاة الجهمية، وان كان المؤلف لايشعر بذلك من باب احسان الظن.
فان مظاهرة الكفار على المسلمين من نواقض الاسلام، ومن الكفر والردة، ومعلوم ان الكفر لايشترط له الاستحلال، كما بينه شيخ الاسلام في غير ما موضع من كتبه، الصارم المسلول على سبيل المثال.
وايضا فان امن استحل معاونة الكفار فقد كفر سواء عاونهم ام لم يعاونهم، لان استحلال الكفر كفر بحد ذاته، سواء مارسه فعلا ام لا، وهذا هو الكفر الاعتقادي، فان اتبعه بفعل، فقد اجتمع فيه الكفر بالقلب وبالجوارح.
4 - ذكر المؤلف بعض الطوائف التي تركت جانب الولاء ومنها الخوارج.
قلت: هذا لاشك فيه، لكن كان من النزاهة العلمية، والحيادية الموضوعية ان يذكر المرجئة، وهم لايقلون شرا عن الخوارج، وانظر كلام السلف القوي فيهم في المجموع لشيخ الاسلام، بل هم اليوم قد ازداد خطرهم، لكونهم هم المقربون للسلاطين والطواغيت، وكون فكرهم يثبت عروش الطواغيت .... الخ
ولهذا اصبح لهم الامر والنهي لانهم يتكلمون باسم الدولة والحكومة .. تماما كما فعلت المعتزلة ايام فتنة خلق القران ..
هذا مالدي باختصار والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
ـ[القرشي]ــــــــ[09 - 10 - 06, 06:31 ص]ـ
جزاك الله خيراً أخي المصلحي على هذا التعقب النفيس، وهو دال على نفس طيب في نصرة الدعوة إلى الله. أسأل الله أن ينفع بكم وبعلمكم
وعودة إلى بحث الشيخ ماهر حتى لا نذهب عن الموضوع بعيداً:
إعادة المقال هنا
بسم الله الرحمن الرحيم
¥