تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

بنا، ما نقعد عند من قد لُقِّنَ حُجَّته، فيكون اللهُ حجيجَه دونهما، فقال رجل: يا رسول الله، فإن لم يعرف أمه؟ قال: فينسبه إلى حواء، يا فلان بن حواء». (54) قالوا: فهذا الحديث وإن لم يثبت إلا أن اتصال العمل به في سائر الأمصار والأعصار، من غير إنكار، كافٍ في العمل به، ولولا أن المخاطب يسمع لكان ذلك بمنزلة الخطاب للتراب والخشب والحجر والمعدوم، وهذا وإن استحسنه واحد، فالعلماء قاطبة على استقباحه واستهجانه، قالوا: وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا فرغ من دفن الميت وقف عليه فقال: «اسْتَغْفِرُوا لِأَخِيكُمْ، وَسَلُوا لَهُ بِالتَّثْبِيتِ، فَإِنَّهُ الْآنَ يُسْأَلُ» (55)، فأخبر النبي صلى الله عليه وسلم أنه يُسأل حينئذ، وإذا كان يُسأل فإنه يسمع التلقين. (56)

واعتُرِضَ: بأن حديث تلقين الميت لا يصح، بل هو حديث متفق على ضعفه. (57)

الدليل الخامس: أن عمرو بن العاص رضي الله عنه قال - في وصيته عند موته -: «فَإِذَا دَفَنْتُمُونِي فَشُنُّوا (58) عَلَيَّ التُّرَابَ شَنًّا، ثُمَّ أَقِيمُوا حَوْلَ قَبْرِي قَدْرَ مَا تُنْحَرُ جَزُورٌ وَيُقْسَمُ لَحْمُهَا، حَتَّى أَسْتَأْنِسَ بِكُمْ وَأَنْظُرَ مَاذَا أُرَاجِعُ بِهِ رُسُلَ رَبِّي» (59)، وهذا يدل على أن الميت ترد عليه روحه ويسمع حس من هو على قبره وكلامهم، وهذا الحديث إنما قاله عمرو عن النبي صلى الله عليه وسلم؛ لأن مثله لا يدرك إلا من جهة النبي صلى الله عليه وسلم. (60)

الدليل السادس:

عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ما من رجل يمر على قبر رجل كان يعرفه في الدنيا فيسلم عليه إلا عرفه ورد عليه السلام». (61)

وعن أبي هريرة رضي الله عنه: «أن رسول الله صلى الله عليه وسلم حين انصرف من أحدٍ مَرَّ على مصعب بن عمير وهو مقتول على طريقه فوقف عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم ودعا له، ثم قرأ هذه الآية: {مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُم مَّن قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُم مَّن يَنتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلًا} [الأحزاب:23] ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أشهد أن هؤلاء شهداء عند الله يوم القيامة، فأتوهم وزروهم، والذي نفسي بيده لا يسلم عليهم أحد إلى يوم القيامة إلا ردوا عليه». (62)

وعن ابن عباس رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ما من أحد مر بقبر أخيه المؤمن كان يعرفه في الدنيا فسلم عليه إلا عرفه ورد عليه السلام». (63)

وعن عائشة رضي الله عنها: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «ما من رجل يزور قبر أخيه ويجلس عنده إلا استأنس به، ورد عليه، حتى يقوم». (64)

وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال أبو رزين: يا رسول الله، إن طريقي على الموتى، فهل من كلام أتكلم به إذا مررت عليهم؟ قال: قل: السلام عليكم أهل القبور من المسلمين والمؤمنين، أنتم لنا سلف، ونحن لكم تبع، وإنا إن شاء الله بكم لاحقون. قال أبو رزين: يا رسول الله، يسمعون؟ قال: يسمعون، ولكن لا يستطيعون أن يجيبوا. قال: يا رزين، ألا ترضى أن يرد عليك بعددهم من الملائكة». (65)

قالوا: فهذه الأحاديث يعضد بعضها بعضاً، وهي تدل صراحة على أن الميت يشعر بزيارة الحي، ويرد عليه السلام. (66)

واعتُرِضَ: بأن هذه الأحاديث كلها ضعيفة، ولا يصح الاستدلال بها. (67)

الدليل السابع: عن أبي هريرة رضي الله عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «مَا مِنْ أَحَدٍ يُسَلِّمُ عَلَيَّ إِلَّا رَدَّ اللَّهُ عَلَيَّ رُوحِي، حَتَّى أَرُدَّ عَلَيْهِ السَّلَامَ». (68)

واعتُرِضَ: بأن الحديث ليس صريحاً في سماعه صلى الله عليه وسلم سلام من سلم عليه عند قبره. (69)

الدليل الثامن: كثرة المرائي التي تقتضي سماع الموتى ومعرفتهم لمن يزورهم، وهذه المرائي وإن لم تصلح بمجردها لإثبات مثل ذلك، فهي على كثرتها وأنها لا يحصيها إلا الله قد تواطأت على هذا المعنى، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: «أَرَى رُؤْيَاكُمْ قَدْ تَوَاطَأَتْ فِي الْعَشْرِ الْأَوَاخِرِ» (70) يعني ليلة القدر، فإذا تواطأت رؤيا المؤمنين على شيء كان كتواطىء روايتهم له. (71)

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير