تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

فهذا الشخص الآن ملزم بثمانين ألف ريال والبنك دفع للسلعة ستين ألف ريال ثم باعها عليه بثمانين ألفاً، فهذا عبارة عن بيع نقد بنقد أكثر منه إلى أجل فيدخل في ذلك ربا النسيئة وربا الفضل فيكون محرماً.

هذا ما عليه جمهور المتأخرين.

ب – أن هذه المواعدة التي تنبني على الإلزام جائزة لا بأس بها.

دليلهم: استدلوا على ذلك بأن قالوا: الحاجة داعية إلى ذلك لاتساع رقعة التعامل وتضخم رؤوس الأموال، وما دامت الحاجة داعية إلى ذلك فإن هذا يجوز كما جاز عقد الاستصناع وعقد السلم وسيأتي – إن شاء الله – الكلام على حقيقة عقد الاستصناع وهل هو عقد مستقل أو عقد سلم …إلخ.

الترجيح:

والصواب في هذه المسألة ما ذهب إليه جمهور أهل العلم رحمهم الله وأن هذه المسألة لا تجوز إذا كان هناك إلزام.

وأما ما استدل به القائلون بالجواز من أن الحاجة داعية إليه فهذا غير مسلَّم لوجود المخرج الشرعي كما في الصورة الثانية على القول بجوازها كما سيأتي إن شاء الله.

الصورة الثانية: وهي ما يبنى على المواعدة غير الملزمة بين الطرفين.

وهذه الصورة يقسمها العلماء إلى قسمين:

القسم الأول: أن يكون هناك ذكر مقدم للربح.

القسم الثاني: ألا يكون هناك ذكر مقدم للربح.

مثالها: أن يأتي العميل إلى المصرف (البنك) – ويطلب منه – والغالب أن العميل الذي يأتي إلى البنك إنما يريد قرضاً ولا يريد السلعة – فيأتي إلى المصرف ويتفق معه على أن يبحث العميل على سلعة؛ والغالب أن هذه السلعة تكون سيارة – ويقوم المصرف بشراء هذه السلعة. والمصرف دائماً يكون واجداً؛ فيشتري هذه السلعة بدراهم حاضرة ثم يقوم ببيعها على العميل بثمن مؤجل، فالمصرف يشتري هذه السيارة مثلاً بخمسين ألف ريال ثم يقوم ببيعها بثمن مؤجل بستين أو ثمانين ألف ريال حسب ما يتفقان عليه دون أن يكون هناك إلزام من المصرف للعميل بشراء هذه السلعة.

وهذه الصورة تكلم عليها العلماء قديماًَ فتكلم عليها الشافعي في " كتاب الأم " فقال ما نصه: إذا أُري الرجل السلعة فقال: اشترها وأُربحك فيها كذا فاشتراها الرجل فالشراء جائز، والذي قال: أُربحك – يعني الآمر بالشراء وهو العميل كما في صورتنا – فيها بالخيار إن شاء أحدث فيها بيعاًَ وإن شاء تركها، ثم قال: - وهكذا إن قال: اشتر لي متاعاًَ ووصفه له فكل هذا سواء، يعني أن الشافعي يرى جواز مثل هذه الصورة، لو قال: اذهب واشتر لي هذه السلعة وأنا أربحك فيها، ليس معه دراهم لكن سيشتريها بثمن مؤجل لأنه لو كان معه دراهم لم يقل: اشتر لي هذه السلعة ولا اشتراها بنفسه، فيأمر هذا الشخص أن يشتري له هذه السلعة أو يصف له سلعة يشتريها له، ثم بعد ذلك يقوم بشرائها منه بثمن مؤجل ويربحه في ذلك.

وهذه أيضاًَ نصَّ عليها الحنفية فابن عابدين رحمه الله في حاشيته على رد المحتار نصَّ عليها وأنها جائزة.

وكذلك ابن رشد من المالكية نصَّ على جوازها، ويذكرها المالكية رحمهم الله تحت مباحث بيع العينة، وكذلك أيضاًَ ابن القيِّم نصَّ عليها في " إعلام الموقعين ".

حكمها:

1 - مذهب الحنفية والمالكية والشافعية وأكثر المتأخرين حتى أنني قرأت كلاماً لرفيق المصري وهو ممن بحث في هذه المسألة فقال: " ليس فيها خلاف معتبر "، يعني أن أكثر المتأخرين الآن؛ أكثر المجامع الفقهية ذهبت إلى جواز مثل هذه المعاملة ما دام أنه لم يكن هناك إلزام، انتفت المحاذير التي ذكرها الجمهور في الصورة الأولى إذا كان هناك إلزام، يعني لا يكون هناك بيع للسلعة قبل قبضها ولا يكون هناك بيع للسلعة قبل أن يملكها المصرف، فالآن المصرف اشترى السلعة ثم بعد ذلك يعقد للعميل، فالمصرف يخاطر بشراء هذه السلعة لنفسه ثم بعد ذلك إن أراد العميل أن يشتريها اشتراها وإن أراد أن يتركها تركها، وكون الإنسان يشتري السلعة لنفسه ويخاطر في ذلك إن اشتراها هذا العميل فله ذلك وإن لم يشتري هذا العميل فلا يلزمه شيء، قالوا: الأصل في ذلك أنه جائز، والأصل – كما تقدَّم – في العقود الحل.

وممن أفتى بجوازها الشيخ عبدالعزيز بن باز رحمه الله والشيخ بكر أبو زيد والشيخ عبدالله المنيع وأكثر المتأخرين.

والشيخ بكر أبو زيد لما مال إلى جواز مثل هذه المعاملة ذكر لها ثلاثة ضوابط:

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير