تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

ـ[المضري]ــــــــ[07 - 05 - 04, 03:28 م]ـ

الأسرى في الإسلام


ثانياً: الحكم في الأسرى

هي أحكام شرعية يتخذها صاحب السلطة بحق الأسرى بعد القبض عليهم وهي:-
1 - المَنُّ على الأسرى. 2 - الفداء.
3 - القتل. 4 - الاسترقاق. 5 - عقد الذمة.
واختيار واحدٍ منها ليس راجعاً لحق الاختيار المطلق، كيفما اتفق، وإنما يجب تحري ما هو الحكم الأصلح بحسب اختلاف الظروف والأحوال فإذا استدعت المصلحة اختيار حكم معين في حق بعض الأسرى، واختيار حكم آخر في غيرهم، واختيار حكم ثالث في آخر يد، فإن الواجب شرعاً هو اتباع ما تقضي به المصلحة في ذلك.
قال ابن قدامه " إن هذا تخيير مصلحة واجتهاد، لا تخيير شهوة، فمتى رأى المصلحة في خصلة من هذه الخصال، تعيَّنتْ عليه، ولم يجز العدول عنها " ا. هـ من المغني.
واختاره ابن تيميه، وهو مذهب مالك والشافعي وأحمد، ونسبه ابن تيميه:" قول أكثر الفقهاء، كما دل عليه الكتاب والسنة "ا. هـ ورجّحه ابن القيم.
وهذا هو الصواب فالنبي صلى الله عليه وسلم ثبت عنه كل هذا، ويأتي. ولأن كل خصلة من هذه الخصال قد تكون أصلح في بعض الأسرى، فإن منهم من له قوة ونكاية في المسلمين، وبقاؤه ضرر عليهم، فقتله أصلح. ومنهم الضعيف الذي له مال كثير ففداؤه أصلح، ومنهم حسن الرأي في المسلمين يُرجَى إسلامه بالمن عليه، أو معونته للمسلمين، بأن يُخلِّص أسراهم ويدفع عنهم، فالمن عليه أصلح، ومنهم من يُنتفع بخدمته ويُؤمن شره فاسترقاقه أصلح، كالنساء والصبيان.

1/ المَنُّ على الأسرى
أي إطلاق سراحهم من غير فداء، يعني من غير مقابل، لقوله تعالى بعدما تضع الحرب أوزارها (فإما منا بعد وإما فداء) وعن جُبير بن مُطعم أن النبي صلى الله عليه وسلم قال في أُسَارى بدر"لو كان المُطعِم بن عدي حياً، ثم كلَّمني في هؤلاء النَّتْن لتركتهم له " خرّجه البخاري في صحيحه، ولفظ أبي داود " لأطلقتهم له ".
" ونقل الحافظ ابن حجر في الفتح بأنَّ ذلك مكافأة له على يدٍ كانت له عند النبي صلى الله عليه وسلم وهي إما ما وقع من المُطعِم حين رجع النبي صلى الله عليه وسلم من الطائف ودخل في جوار المُطعِم بن عدي، أو كونه من أشدِّ من قام في نقض الصحيفة التي كتبتها قريش على بني هاشم ومن معهم من المسلمين حين حصروهم في الشعب ".
والحديث صريح على جواز إطلاق الأسير والمن عليه من غير فداء، نقله الحافظ في الفتح عن ابن بطال، وقاله الخطابي.
وفي قصة اختطاف ثمامة بن أُثال، سيد أهل اليمامة، وبعد حبسه في المسجد أيام قليلة مَنّ عليه النبي صلى الله عليه وسلم وقال:"أطلقوا ثمامة" ثم أسلم. خرّجه البخاري ومسلم.
وفي حديث أنس بن مالك أن ثمانين رجلاً من أهل مكة هبطوا على رسول الله صلى الله عليه وسلم من جبل التنعيم متسلحين يريدون غرة النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه فأخذهم سلماً فاستحياهم فأنزل الله عز وجل (وهو الذي كف أيديهم عنكم وأيديكم عنهم ببطن مكة من بعد أن أظفركم عليهم ... ) خرّجه مسلم في صحيحه.
والمعنى أنه صلى الله عليه وسلم أسرهم ثم أطلقهم. وفي بعض الروايات "فعفا عنهم وقال: أرسلوهم " وفي بعضها " فخلى سبيلهم ".
وفي حديث عائشة أن النبي صلى الله عليه وسلم مَنّ على أبي العاص بن الربيع زوج زينب بنت النبي صلى الله عليه وسلم وكان من أسرى المشركين في غزوة بدر. خرّجه أبو داود وهو حسن. وأبو العاص كان زوج زينب قبل المبعث وأسلم قُبيل الحديبية.
وكان ممن أُطلق سراحهم من أسرى بدر بغير فداء، المُطَّلب بن حنطب " وقد أسلم، وصيفي بن أبي رفاعة، وأبو عزَّة الشاعر غير أن النبي صلى الله عليه وسلم أخذ على أبي عزَّة ألاّ يظاهر عليه أحداً، فلم يفِ أبو عزَّة بذلك فأُسر في أحد وقُتل.
والقول بالمَنِّ على الأسرى من غير فداء، لهذه الأخبار الصحيحة، وغيرها قول قوي، وهو قول جماهير العلماء المالكية والشافعية والحنابلة، وبه قال الحسن البصري وعطاء بن أبي رباح وسعيد بن جبير وغيرهم.
وأما القول بعدم جواز المَنّ على الأسرى لقوله تعالى (فاقتلوا المشركين حيث وجدتموهم) فهذا قول الأحناف، ويُجاب عن الآية بأنها في حق الكفار قبل إلقائهم في الأسر. والصحيح الأول.
2/ الفداء
¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير