قَوْلِهِ .. فَإِذَا اطْمَأْنَنْتُمْ فَأَقِيمُوا الصَّلاةَ إنَّ الصَّلاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَوْقُوتًا)).
وَيَجِبُ عَلَى أَهْلِ الْقُدْرَةِ مِنْ الْمُسْلِمِينَ أَنْ يَأْمُرُوا بِالصَّلاةِ كُلَّ أَحَدٍ مِنْ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ حَتَّى الصِّبْيَانَ. قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ((مُرُوهُمْ بِالصَّلَاةِ لِسَبْعِ ; وَاضْرِبُوهُمْ عَلَى تَرْكِهَا لِعَشْرٍ ; وَفَرِّقُوا بَيْنَهُمْ فِي الْمَضَاجِعِ)).
وَالرَّجُلُ الْبَالِغُ إذَا امْتَنَعَ مِنْ صَلاةٍ وَاحِدَةٍ مِنْ الصَّلَوَاتِ الْخَمْسِ أَوْ تَرَكَ بَعْضَ فَرَائِضِهَا الْمُتَّفَقَ عَلَيْهَا , فَإِنَّهُ يُسْتَتَابُ فَإِنْ تَابَ وَإِلا قُتِلَ , فَمِنْ الْعُلَمَاءِ مَنْ يَقُولُ: يَكُونُ مُرْتَدًّا كَافِرًا لا يُصَلَّى عَلَيْهِ وَلا يُدْفَنُ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ. وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ يَكُونُ كَقَاطِعِ الطَّرِيقِ وَقَاتِلِ النَّفْسِ وَالزَّانِي الْمُحْصَنِ.
وَأَمْرُ الصَّلاةِ عَظِيمٌ شَأْنُهَا أَنْ تُذْكَرَ هَهُنَا فَإِنَّهَا قِوَامُ الدِّينِ وَعِمَادُهُ وَتَعْظِيمُهُ تَعَالَى لَهَا فِي كِتَابِهِ فَوْقَ جَمِيعِ الْعِبَادَاتِ ; فَإِنَّهُ سُبْحَانَهُ يَخُصُّهَا بِالذِّكْرِ تَارَةً وَيَقْرِنُهَا بِالزَّكَاةِ تَارَةً وَبِالصَّبْرِ تَارَةً وَبِالنُّسُكِ تَارَةً كَقَوْلِهِ تَعَالَى ((وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ)) وَقَوْلِهِ
((وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلاةِ)) وَقَوْلِهِ ((فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ)) وَقَوْلِهِ ((إنَّ صَلاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ لا شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ)). وَتَارَةً يَفْتَتِحُ بِهَا أَعْمَالَ الْبِرِّ وَيَخْتِمُهَا بِهَا ; كَمَا ذَكَرَهُ فِي سُورَةِ سَأَلَ سَائِلٌ وَفِي أَوَّلِ سُورَةِ " الْمُؤْمِنُونَ ". قَالَ تَعَالَى ((قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ هُمْ فِي صَلاتِهِمْ خَاشِعُونَ وَالَّذِينَ هُمْ عَنِ اللَّغْوِ مُعْرِضُونَ وَالَّذِينَ هُمْ لِلزَّكَاةِ فَاعِلُونَ وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ إلا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ فَمَنِ ابْتَغَى وَرَاءَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْعَادُونَ وَالَّذِينَ هُمْ لأَمَانَاتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ رَاعُونَ وَالَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلَوَاتِهِمْ يُحَافِظُونَ أُولَئِكَ هُمُ الْوَارِثُونَ الَّذِينَ يَرِثُونَ الْفِرْدَوْسَ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ)) , فَنَسْأَلُ اللَّهَ الْعَظِيمَ أَنْ يَجْعَلَنَا وَإِيَّاكُمْ مِنْ الَّذِينَ يَرِثُونَ الْفِرْدَوْسَ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ.
أقوال العلماء في تارك الصلاة:
ـ تَارِك الصَّلاة فَإِنْ كَانَ مُنْكِرًا لِوُجُوبِهَا فَهُوَ كَافِرٌ بِإِجْمَاعِ الْمُسْلِمِينَ , خَارِجٌ مِنْ مِلَّة الإِسْلام إِلا أَنْ يَكُون قَرِيبَ عَهْدٍ بِالإِسْلامِ , وَلَمْ يُخَالِط الْمُسْلِمِينَ مُدَّة يَبْلُغهُ فِيهَا وُجُوب الصَّلاة عَلَيْهِ.
ـ وَإِنْ كَانَ تَرْكه تَكَاسُلاً مَعَ اِعْتِقَاده وُجُوبهَا كَمَا هُوَ حَال كَثِيرٍ مِنْ النَّاس فَقَدْ اِخْتَلَفَ الْعُلَمَاء فِيهِ:
القول الأول: َذَهَبَ جَمَاعَةٌ مِنْ السَّلَف إِلَى أَنَّهُ يَكْفُر وَهُوَ مَرْوِيٌّ عَنْ عَلِيِّ بْن أَبِي طَالِب كَرَّمَ اللَّه وَجْهه وَهُوَ إِحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ عَنْ أَحْمَد بْن حَنْبَل رَحِمَهُ اللَّه. وَبِهِ قَالَ عَبْد اللَّه بْن الْمُبَارَك وَإِسْحَاق بْن رَاهْوَيْهِ. وَهُوَ وَجْه لِبَعْضِ أَصْحَاب الشَّافِعِيِّ رِضْوَان اللَّه عَلَيْهِ. وحكى بعضهم إجماع الصحابة عليه.
القول الثاني: ذَهَبَ مَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ رَحِمَهُمَا اللَّه وَالْجَمَاهِير مِنْ السَّلَف وَالْخَلَف إِلَى أَنَّهُ لا يَكْفُر بَلْ يَفْسُق وَيُسْتَتَاب فَإِنْ تَابَ وَإِلا قَتَلْنَاهُ حَدًّا كَالزَّانِي الْمُحْصَن , وَلَكِنَّهُ يُقْتَل بِالسَّيْفِ.
واتفق الفريقان على وجوب قتله، فالفريق الأول قال: يقتل كفرًا، والثاني قال: يقتل حدًا.
¥