قال شيخ الإسلام: فَالْوَاجِبُ عَلَى وَلِيِّ الأَمْرِ أَنْ يَأْمُرَ بِالصَّلَوَاتِ الْمَكْتُوبَاتِ جَمِيعَ مَنْ يَقْدِرُ عَلَى أَمْرِهِ وَيُعَاقِبُ التَّارِكَ بِإِجْمَاعِ الْمُسْلِمِينَ.
فَإِنْ كَانَ التَّارِكُونَ طَائِفَةً مُمْتَنِعَةً قُوتِلُوا عَلَى تَرْكِهَا بِإِجْمَاعِ الْمُسْلِمِينَ وَكَذَلِكَ يُقَاتَلُونَ عَلَى تَرْكِ الزَّكَاةِ وَالصِّيَامِ وَغَيْرِهِمَا وَعَلَى اسْتِحْلالِ الْمُحَرَّمَاتِ الظَّاهِرَةِ الْمُجْمَعِ عَلَيْهَا كَنِكَاحِ ذَوَاتِ الْمَحَارِمِ وَالْفَسَادِ فِي الأَرْضِ وَنَحْوِ ذَلِكَ. فَكُلُّ طَائِفَةٍ مُمْتَنِعَةٍ مِنْ الْتِزَامِ شَرِيعَةٍ مِنْ شَرَائِعِ الإِسْلامِ الظَّاهِرَةِ الْمُتَوَاتِرَةِ يَجِبُ جِهَادُهَا حَتَّى يَكُونَ الدِّينُ كُلُّهُ لِلَّهِ بِاتِّفَاقِ الْعُلَمَاءِ.
وَإِنْ كَانَ التَّارِكُ لِلصَّلاةِ وَاحِدًا فَقَدْ قِيلَ: إنَّهُ يُعَاقَبُ بِالضَّرْبِ وَالْحَبْسِ حَتَّى يُصَلِّيَ، وَجُمْهُورُ الْعُلَمَاءِ عَلَى أَنَّهُ يَجِبُ قَتْلُهُ إذَا امْتَنَعَ مِنْ الصَّلاةِ بَعْدَ أَنْ يُسْتَتَابَ فَإِنْ تَابَ وَصَلَّى وَإِلا قُتِلَ.
وَهَلْ يُقْتَلُ كَافِرًا أَوْ مُسْلِمًا فَاسِقًا؟
فِيهِ قَوْلانِ. وَأَكْثَرُ السَّلَفِ عَلَى أَنَّهُ يُقْتَلُ كَافِرًا وَهَذَا كُلُّهُ مَعَ الإِقْرَارِ بِوُجُوبِهَا.
أَمَّا إذَا جَحَدَ وُجُوبَهَا فَهُوَ كَافِرٌ بِإِجْمَاعِ الْمُسْلِمِينَ وَكَذَلِكَ مَنْ جَحَدَ سَائِرَ الْوَاجِبَاتِ الْمَذْكُورَاتِ وَالْمُحَرَّمَاتِ الَّتِي يَجِبُ الْقِتَالُ عَلَيْهَا. فَالْعُقُوبَةُ عَلَى تَرْكِ الْوَاجِبَاتِ وَفِعْلِ الْمُحَرَّمَاتِ هِيَ مَقْصُودُ الْجِهَادِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَهُوَ وَاجِبٌ عَلَى الأُمَّةِ بِالاتِّفَاقِ كَمَا دَلَّ عَلَيْهِ الْكِتَابُ وَالسُّنَّةُ. وَهُوَ مِنْ أَفْضَلِ الأَعْمَالِ. [24]
وَسُئِلَ شيخ الإسلام رحمه الله: عَمَّنْ لَهُ زَوْجَةٌ لا تُصَلِّي: هَلْ يَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يَأْمُرَهَا بِالصَّلاةِ؟ وَإِذَا لَمْ تَفْعَلْ: هَلْ يَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يُفَارِقَهَا أَمْ لا؟
فَأَجَابَ: نَعَمْ عَلَيْهِ أَنْ يَأْمُرَهَا بِالصَّلاةِ وَيَجِبُ عَلَيْهِ ذَلِكَ. بَلْ يَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يَأْمُرَ بِذَلِكَ كُلَّ مَنْ يَقْدِرُ عَلَى أَمْرِهِ بِهِ إذَا لَمْ يَقُمْ غَيْرُهُ بِذَلِكَ وَقَدْ قَالَ تَعَالَى (وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلاةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْهَا) الآيَةَ. وَقَالَ تَعَالَى (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ) الآيَةَ. وَقَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (عَلِّمُوهُمْ وَأَدِّبُوهُمْ). وَيَنْبَغِي مَعَ ذَلِكَ الأَمْرِ أَنْ يَحُضَّهَا عَلَى ذَلِكَ بِالرَّغْبَةِ كَمَا يَحُضُّهَا عَلَى مَا يَحْتَاجُ إلَيْهَا، فَإِنْ أَصَرَّتْ عَلَى تَرْكِ الصَّلاةِ فَعَلَيْهِ أَنْ يُطَلِّقَهَا وَذَلِكَ وَاجِبٌ فِي الصَّحِيحِ.
وَتَارِكُ الصَّلاةِ مُسْتَحِقٌّ لِلْعُقُوبَةِ حَتَّى يُصَلِّيَ بِاتِّفَاقِ الْمُسْلِمِينَ ; بَلْ إذَا لَمْ يُصَلِّ قُتِلَ. وَهُوَ يُقْتَلُ كَافِرًا مُرْتَدًّا؟ عَلَى قَوْلَيْنِ مَشْهُورَيْنِ. وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. [25]
وقال شيخ الإسلام: وَالرَّجُلُ الْبَالِغُ إذَا امْتَنَعَ مِنْ صَلاةٍ وَاحِدَةٍ مِنْ الصَّلَوَاتِ الْخَمْسِ أَوْ تَرَكَ بَعْضَ فَرَائِضِهَا الْمُتَّفَقَ عَلَيْهَا , فَإِنَّهُ يُسْتَتَابُ فَإِنْ تَابَ وَإِلا قُتِلَ , فَمِنْ الْعُلَمَاءِ مَنْ يَقُولُ: يَكُونُ مُرْتَدًّا كَافِرًا لا يُصَلَّى عَلَيْهِ وَلا يُدْفَنُ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ. وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ يَكُونُ كَقَاطِعِ الطَّرِيقِ وَقَاتِلِ النَّفْسِ وَالزَّانِي الْمُحْصَنِ. وَأَمْرُ الصَّلاةِ عَظِيمٌ شَأْنُهَا أَنْ تُذْكَرَ هَهُنَا فَإِنَّهَا قِوَامُ الدِّينِ وَعِمَادُهُ وَتَعْظِيمُهُ تَعَالَى لَهَا فِي كِتَابِهِ فَوْقَ جَمِيعِ الْعِبَادَاتِ. [26]
¥