تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

فقصصت عليه، فقال:"امكثي في بيتك الذي جاء فيه نعي زوجك حتى يبلغ الكتاب أجله" قالت فاعتددت فيه أربعة أشهر وعشراً (3).

8 - عن زينب بنت أبي سلمة قالت: لما جاء نعي أبي سفيان من الشام دعت أم حبيبة ـ رضي الله عنها ـ بصفرة في اليوم الثالث فمسحت عارضيها وذراعيها، وقالت: إني كنت عن هذا لغنية لولا أني سمعت النبي ? يقول:" لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر أن تحد على ميت فوق ثلاث إلا على زوج فإنها تحد عليه أربعة أشهر وعشراً" (1).

فهذا الحديث والذي قبله يدلان على اشتهار النعي، ووقوعه عند السلف، وبحضرة النبي ?.

فإذا كان هناك نعي مجرد عن النداء، ورفع الصوت فإنه جائز بل مستحب، لأن ذلك وسيلة لأداء حقه من الصلاة عليه واتباع جنازته.

وقد ذهب جمهور أهل العلم من الحنفية (2)، والمالكية (3)، والشافعية (4)، والحنابلة (5)، وغيرهم (6) إلى جواز الإعلام بالموت من غير نداء؛ لأجل الصلاة.

وقد نقل النووي ـ رحمه الله تعالى ـ استحباب النعي فقال: (قال العلماء المحققون من أصحابنا وغيرهم: يستحب إعلام أهل الميت وقرابته، وأصدقائه) (1).

وأما النعي الذي كان ينهى عنه السلف فهو نعي الجاهلية، فالألف واللام للعهد الذهني، وهو ما كان معروفاً في الجاهلية، قال ابن حجر: (أنهم كانوا يرسلون من يعلن بخبر موت الميت على أبواب الدور والأسواق) (2).

وقال الإمام النووي: (وكان من عادتهم إذا مات منهم شريف بعثوا راكباً إلى القبائل يقول: نعاياً فلان، أو يانعاياً العرب، أي: هلكت العرب بمهلك فلان، ويكون مع النعي ضجيج وبكاء) (3).

وبعد عرض ما سبق يتبين حكم النعي وأنه جائز، إلا أن يشابه نعي الجاهلية فإنه لا يجوز، لما فيه من مشابهتهم، وقد نهينا عن مشابهتهم، وعلى هذا فلا حرج في الإخبار بموت الميت لكل غرض صحيح كما تقدم.

وأما إعلام القرابة، والإخوان بموت الشخص فليس من النعي المنهي عنه، وقال البيهقي: بلغني عن أنس بن مالك ? أنه قال: لا أحب الصياح لموت الرجل على أبواب المساجد فأعلم الناس بموته لم يكن به بأس (4).

مسألة: صور النعي المعاصرة (1):

هناك العديد من الصور المعاصرة للنعي التي تحتاج إلى نظر هل تدخل في النعي المحرم أو لا؟ وقد تناولتها في المسائل التالية:

1 - إعلان الموت في الصحف والمجلات السيارة وما أشبهها:

إعلان الوفاة في الصحف، والمجلات، وما أشبهها من وسائل الإعلام العام كالمنتديات، والصفحات العامة في شبكة الإنترنت، كل ذلك لا يخلو أن يكون إعلاناً مجرداً أو إعلاناً غير مجرد. ولا يخلو أيضاً أن يكون قبل الصلاة على الميت أو بعده.

فإن كان الإعلان قبل الصلاة مجرداً عن نداء ورفع صوت وليس فيه تفجع على الميت ولا إعظام لحال موته ولا تسخط فيه ولا ضجر فإن ذلك جائز، لا سيما إذا كان الميت مما يهم الناس أمره وحاله أو كان له شأن ومكانة في الإسلام أو نفع علم. ولا بأس أن يقترن بالإعلان ثناء يسير مطابق للواقع يرغِّب في الدعاء له والصلاة عليه.

ويدل لهذا نعي النبي ? النجاشي في اليوم الذي مات فيه، ففي صحيح مسلم من حديث جابر ? قال: قال رسول الله ?:" مات عبد لله صالح أصحمة، فقام فأمنا وصلى عليه" (1). فقوله ? في نعيه النجاشي: مات عبد لله صالح ثناء عليه وتزكية له حيث وصفه بالصلاح، وفي هذا تنشيط على الدعاء له والصلاة عليه.

أما إن كان الإعلان عن الموت بعد الصلاة عليه فإن كان لمجرد الإعلام بالموت فالظاهر أنه من النعي المنهي عنه؛ لأن الصحف وشبهها من الوسائل الإعلامية هي أقرب ما تكون لمجامع الناس ومنتدياتهم في العصر الأول. ويتأكد النهي والتحريم إذا كان الخبر متضمناً لما يثير الأحزان ويهيج على البكاء، أو كان متضمناً الشهادة بالجنة للميت أو ما يفهم منه ذلك ككتابة بعضهم في خبر الوفاة قول الله تعالى:? ??????????????????? ?•?????????? ??????????????????? ???? ?????????? ??????? ???????? ????????? ????????????? ???? ???????????? ? ?????????? ???? ??????????? ????????? ???? ? (2)، فإن مثل هذا محرم لا يجوز.

أما إن كان الإعلام بالموت بعد الصلاة على الميت لمصلحة معتبرة شرعاً كإبراء ذمة الميت، وما أشبه ذلك فإن هذا جائز لا بأس به؛ لما فيه من المصلحة.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير