الواصل إلى البئر أن يضع حبلا يستقي , ولا يفرغ إلا بعد الوقت ; وإذا أمكن العريان أن يخيط له ثوبا ولا يفرغ إلا بعد الوقت , ونحو هذه الصور , ومع هذا فالذي قاله في ذلك خلاف المذهب المعروف عن أحمد وأصحابه , وخلاف قول جماعة علماء المسلمين من الحنفية والمالكية وغيرهم. وما أعلم من يوافقه على ذلك إلا بعض أصحاب الشافعي. ومن قال ذلك فهو محجوج بإجماع المسلمين على أن مجرد الاشتغال بالشرط لا يبيح تأخير الصلاة عن وقتها المحدود شرعا , فإنه لو دخل الوقت وأمكنه أن يطلب الماء وهو لا يجده إلا بعد الوقت لم يجز له التأخير باتفاق المسلمين وإن كان مشتغلا بالشرط. وكذلك العريان لو أمكنه أن يذهب إلى قرية ليشتري له منها ثوبا , وهو لا يصلي إلا بعد خروج الوقت لم يجز له التأخير بلا نزاع. والأمي كذلك إذا أمكنه تعلم الفاتحة وهو لا يتعلمها حتى يخرج الوقت , كان عليه أن يصلي في الوقت , وكذلك العاجز عن تعلم التكبير والتشهد إذا ضاق الوقت صلى بحسب الإمكان , ولم ينتظر. وكذلك المستحاضة لو كان دمها ينقطع بعد الوقت لم يجز لها أن تؤخر وكذلك المستحاضة لو كان دمها ينقطع بعد الوقت لم يجز لها أن تؤخر الصلاة لتصلي بطهارة بعد الوقت ; بل تصلي في الوقت بحسب الإمكان. وأما حيث جاز الجمع فالوقت واحد , والمؤخر ليس بمؤخر عن الوقت الذي يجوز فعلها فيه ; بل في أحد القولين أنه لا يحتاج الجمع إلى النية , كما قال أبو بكر. وكذلك القصر , وهو مذهب الجمهور: كأبي حنيفة ومالك. وكذلك صلاة الخوف تجب في الوقت , مع إمكان أن يؤخرها فلا يستدبر القبلة , ولا يعمل عملا كثيرا في الصلاة , ولا يتخلف عن الإمام بركعة , ولا يفارق الإمام قبل السلام , ولا يقضي ما سبق به قبل السلام , ونحو ذلك مما يفعل في صلاة الخوف , وليس ذلك إلا لأجل الوقت , وإلا ففعلها بعد الوقت ولو بالليل ممكن على الإكمال. وكذلك من اشتبهت عليه القبلة , وأمكنه تأخير الصلاة إلى أن يأتي مصرا يعلم فيه القبلة لم يجز له ذلك ; وإنما نازع من نازع إذا أمكنه تعلم دلائل القبلة , ولا يتعلمها حتى يخرج الوقت. وهذا النزاع هو القول المحدث الشاذ الذي تقدم ذكره.
وأما النزاع المعروف بين الأئمة في مثل ما إذا استيقظ النائم في آخر الوقت ولم يمكنه أن يصلي قبل الطلوع بوضوء: هل يصلي بتيمم؟ أو يتوضأ ويصل بعد الطلوع؟ على قولين مشهورين: الأول: قول مالك: مراعاة للوقت. الثاني: قول الأكثرين كأحمد والشافعي وأبي حنيفة. وهذه المسألة هي التي توهم من توهم أن الشرط مقدم على الوقت , وليس كذلك ; فإن الوقت في حق النائم هو من حين يستيقظ , كما ثبت في الصحيح , عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: {من نام عن صلاة أو نسيها فليصلها إذا ذكرها فإن ذلك وقتها}. فجعل الوقت الذي أوجب الله على العبد فيه هو وقت الذكر والانتباه , وحينئذ فمن فعلها في هذا الوقت بحسب ما يمكنه من الطهارة الواجبة فقد فعلها في الوقت , وهذا ليس بمفرط ولا مضيع لها , قال النبي صلى الله عليه وسلم: {ليس في النوم تفريط ; إنما التفريط في اليقظة}. بخلاف المتنبه من أول الوقت فإنه مأمور أن يفعلها في ذلك الوقت , بحيث لو أخرها عنه عمدا كان مضيعا مفرطا , فإذا اشتغل عنها بشرطها وكان قد أخرها عن الوقت الذي أمر أن يفعلها فيه.
ـ[البدر المنير]ــــــــ[24 - 05 - 04, 01:01 ص]ـ
الشيخ المتمسك بالحق
إذا أمكن أن تشرح لي عبارتين ظاهرهما التعارض مما نقلته عن شيخ الإسلام رحمه الله:
1 - فإنه لا نزاع بين المسلمين أنه إذا علم المسافر العادم للماء أنه يجده بعد الوقت لم يجز له تأخير الصلاة ليصليها بعد الوقت بوضوء
2 - ومن قال ذلك فهو محجوج بإجماع المسلمين على أن مجرد الاشتغال بالشرط لا يبيح تأخير الصلاة عن وقتها المحدود شرعا
ـ[زياد العضيلة]ــــــــ[24 - 05 - 04, 01:33 ص]ـ
الاخ الحبيب (البدر المنير) وفقه الله.
ما أشرتم اليه هو عين ما نبه اليه شيخ الاسلام رحمه الله كما هو مصرح به في موضعه:
حيث نبه تقى الدين الى أن هناك فرق كبير بين أنسان قد عدم الماء فهذا لايجوز له تأخير الصلاة عن وقتها حتى لو (جزم) بوجود الماء بعد خروج وقت الصلاة بدقائق.
وبين أنسان قد أستيقظ قبل خروج الصلاة بوقت لايسعه فيه الوضوء بل هو أن توضأ فسوف يخرج عنه وقت الصلاة فهنا يجب عليه أن يتوضأ وأن خرج وقت الصلاة وهو قول الجمهور وقول عند المالكية وخالفوا في قول أخر.
والفرق بين الصورتين أن المستيقظ لا يلزم بالوقت المحدد بالصلاة , لان وقته المشورع هو من حين أستيقظ بدلالة الحديث.
وهذا الكلام قد بينه شيخ الاسلام كما في الرد السالف أوضح بيان.
ـ[بوشهاب]ــــــــ[24 - 05 - 04, 10:25 ص]ـ
جزاكم الله خير
اعتقد ان مدار الموضوع هو متى ينتهي وقت الصبح هل ينتهي بظهور الحاجب الأعلى للشمس ام ينتهي بإكتمال قرص الشمس؟؟
فهل يكون الوقت بينهما و قت تحريم ام كراهة؟؟
علماًبان ما قصدته هو من تعمد تاخير الفجر و لم يشرع بها الا عند طلوع الحاجب الاعلى فهل تصح صلاته؟؟
¥