تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

الكريم على ربه الذي كان يأتي محمداً صلى اللَّه عليه وسلم بالوحي، فإذا سمعوا ذكر محمد صلى اللَّه عليه وسلم صاحوا بأجمعهم وقالوا: يا جبريل أقرئ محمداً صلى اللَّه عليه وسلم منا السلام وأخبره أن معاصينا فرقت بيننا وبينك وأخبره بسوء حالنا، فينطلق جبريل حتى يقوم بين يدي اللَّه تعالى فيقول اللَّه تعالى: كيف رأيت أمة محمد؟ فيقول: يا رب ما أسوأ حالهم وأضيق مكانهم، فيقول: هل سألوك شيئاً؟ فيقول: يا رب نعم سألوني أن أقرئ نبيهم منهم السلام وأخبره بسوء حالهم، فيقول اللَّه تعالى: انطلق وأخبره، فينطلق جبريل إلى النبي صلى اللَّه عليه وسلم وهو في خيمة من درة بيضاء لها أربعة آلاف باب لكل باب مصراعان من ذهب، فيقول: يا محمد قد جئتك من عند العصابة العصاة الذين يعذبون من أمتك في النار وهم يقرءونك السلام ويقولون: ما أسوأ حالنا وأضيق مكاننا فيأتي النبي صلى اللَّه عليه وسلم إلى تحت العرش فيخر ساجداً ويثني على اللَّه تعالى ثناء لم يثن عليه أحد مثله، فيقول اللَّه تعالى: ارفع رأسك وسل تعط واشفع تشفع، فيقول: يا رب الأشقياء من أمتي قد أنفذت فيهم حكمك وانتقمت منهم فشفعني فيهم، فيقول اللَّه تعالى: قد شفعتك فيهم فائت النار فأخرج منها من قال لا إله إلا الله، فينطلق النبي صلى اللَّه عليه وسلم فإذا نظر مالك النبي صلى اللَّه عليه وسلم قام تعظيماً له فيقول: يا مالك ما حال أمتي الأشقياء؟ فيقول: ما أسوأ حالهم وأضيق مكانهم، فيقول محمد صلى اللَّه عليه وسلم: افتح الباب، وارفع الطبق، فإذا نظر أهل النار إلى محمد صلى اللَّه عليه وسلم صاحوا بأجمعهم فيقولون: يا محمد؛ أحرقت النار جلودنا وأحرقت أكبادنا، فيخرجهم جميعاً وقد صاروا فحماً قد أكلتهم النار، فينطلق بهم إلى نهر بباب الجنة يسمى نهر الحيوان فيغتسلون منه فيخرجون منه شباباً جردا مردا مكحلين وكأن وجوههم مثل القمر مكتوب على جباههم الجهنميون عتقاء الرحمن من النار فيدخلون الجنة، فإذا رأى أهل النار أن المسلمين قد أخرجوا منها قالوا: يا ليتنا كنا مسلمين وكنا نخرج من النار وهو قوله تعالى: " رُبَمَا يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْ كَانُوا مُسْلِمِينَ " [الحجر: 2].

والحديثُ بهذا اللفظِ ظاهرُ الكذبِ على رسولِ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم، ولو أن بعض ألفاظهِ قد جاءت في أحاديث صحيحةٍ، ولنا معه وقفات:

الوقفةُ الأولى:

من هو يزيدُ الرقاشي الراوي عن أنسِ بنِ مالك رضي اللهُ عنه؟ وما هي حالهُ من جهةِ كلام أهلِ الجرحِ والتعديلِ فيه؟

هو يزيدُ بنُ أبان الرَّقَاشي أبو عمرو البصري القاص من زهادِ البصرةِ. وكلامُ أهلِ العلم فيه طويل، من ذلك:

قال البخاري: تكلم فيه شعبةُ. وقال أبو طالب: سمعتُ أحمدَ بنَ حنبل يقول: " لا يكتبُ حديث يزيد الرقاشي. قلت له: فلم تُرك حديثهُ، لهوى كان فيه؟ قال: لا، ولكن كان منكر الحديثِ. وقال: شعبةُ يحملُ عليه، وكان قاصاً. وقال أبو حاتم: كان واعظاً بكاءً كثير الروايةِ عن أنس بما فيه نظرٌ، صاحبُ عبادةٍ، وفي حديثهِ ضعفٌ.

وقد لخص ابنُ حبان الكلامَ فيه فقال: " كان من خيارِ عبادِ اللهِ من البكائين في الخلواتِ والقائمين بالحقائق في السبراتِ، ممن غفل عن صناعةِ الحديثِ وحفظها، واشتغل بالعبادةِ وأسبابها حتى كان يقلبُ كلامَ الحسن فيجعله عن أنس وغيره من الثقات بطل الاحتجاجُ به، فلا تحلُ الروايةُ عنه إلا على سبيل التعجب ".

والخلاصةُ في حالِ الرجل ما يلي:

أولاً: أنهُ قاصٌ. وقد أورده ابنُ الجوزي في كتابِ " القصاصِ والمذكرين " (ص 265)، والقصاصُ هم قومٌ كانوا يقصون القصصَ دون ذكرِ العلمِ المفيدِ، ثم غالبهم يخلطُ فيما يوردهُ، واعتمد على ما أكثره محالٌ، وأما القاصُ الصادقُ فقد أثنى أحمدُ بنُ حنبل عليه فقال: " ما أحوج الناس إلى قاصٍ صدوقٍ ".

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير