تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

وقد أفرد لهم ابنُ الجوزي في " تلبيس إبليس فصلاً بعنوان: " ذكرُ تلبيسه على الوعاظِ والقصاصِ ثم قال: " فمن ذلك أن قوماً منهم يضعون أحاديث الترغيبِ والترهيبِ، ولبس عليهم إبليس بأننا نقصدُ حث الناسِ على الخيرِ، وكفهم عن الشرِ، وهذا افتئاتٌ منهم على الشريعةِ، لأنها عندهم – على هذا الفعلِ – ناقصةٌ تحتاجُ إلى تتمةٍ، ثم نسوا قوله صلى اللهُ عليه وسلم: " مَنْ كَذَبَ عَلَيَّ مُتَعَمِّدًا فَلْيَتَبَوَّأْ مَقْعَده مِنْ النَّار ".ا. هـ.

ثانياً: أنه ممن اشتغل بالعبادةِ، وقد تكلم أهلُ العلمِ في العبادِ والزهادِ، فعد شيخُ الإسلامِ ابنُ تيميةَ أن لكثرةِ الغفلةِ أسباباً منها الاشتغال عن حديثِ المصطفى صلى الله عليه وسلم بغيره، فلا ينضبط له ككثيرٍ من أهلِ الزهدِ والعبادةِ.

قال شيخُ الإسلامِ في " الفتاوى " (18/ 45): الْخَطَأُ فِي الْخَبَرِ يَقَعُ مِنْ الرَّاوِي إمَّا عَمْدًا أَوْ سَهْوًا؛ وَلِهَذَا اُشْتُرِطَ فِي الرَّاوِي الْعَدَالَةُ لِنَأْمَنَ مِنْ تَعَمُّدِ الْكَذِبِ، وَالْحِفْظِ وَالتَّيَقُّظِ لِنَأْمَنَ مِنْ السَّهْوِ.

وَالسُّهُو لَةُ أَسْبَابٌ: أَحَدُهَا: الِاشْتِغَالُ عَنْ هَذَا الشَّأْنِ بِغَيْرِهِ فَلَا يَنْضَبِطُ لَهُ كَكَثِيرِ مِنْ أَهْلِ الزُّهْدِ وَالْعِبَادَةِ.ا. هـ.

ثالثاً: كلامُ أبي حاتمِ في يزيد أنه كان كثيرَ الروايةِ عن أنس بما فيه نظر، وأيضاً كلامُ ابنِ حبانَ أنه يقلبُ كلامَ الحسن البصري فيجعله عن أنس، يبين أن روايته عن أنس رضي الله ُ عنه معلولةٌ، وربما تكون من كلام الحسن البصري وليس من كلام أنس رضي الله عنه.

الوقفةُ الثانيةُ:

الحديثُ بهذا السياقِ أوردهُ السمرقندي في " تنبيه الغافلين "، وقد تكلم أهلُ العلم على الكتابِ.

قال الإمام الذهبي في ترجمته في السير (16/ 323): صَاحبُ كِتَابِ (تنبيهِ الغَافلينَ) ... وَتَرُوجُ عَلَيْهِ الأَحَادِيثُ الموضُوعَةُ.ا. هـ.

أما كتابه " تنبيه الغافلين بأحاديث سيد الأنبياء والمرسلين " الذي جاء الحديث المذكور فيه فقد انتقده أهل العلم نقدا شديدا، فالكتاب - أي " تنبيه الغافلين " - من مظان الأحاديث الموضوعة والمكذوبة، وإليك كلام أهل العلم في الكتاب لكي تكون أنت وغيرك على بينة من أمر الكتاب.

وهذه النقولات من كتاب " كتب حذر منها العلماء (2/ 198 - 200).

قال الذهبي في " تاريخ الإسلام " في ترجمته (حوادث 351 - 380): وفي كتاب " تنبيه الغافلين موضوعات كثيرة.ا. هـ.

وقال أبو الفضل الغماري في " الحاوي " (3/ 4): وكتاب " تنبيه الغافلين " يشتمل على أحاديث ضعيفة وموضوعة، فلا ينبغي قراءته للعامة لا يعرفون صحيحه من موضوعه.ا. هـ.

وقد ذكر شيخ الإسلام في " الرد على البكري " أن جمهور مصنفي السير والأخبار وقصص الأنبياء لا يميز بين الصحيح والضعيف، والغث والسمين، وذكر من بينهم أبا الليث السمرقندي، وقال: " فهؤلاء لا يعرفون الصحيح من السقيم، ولا لهم خبرة بالنقلة، بل يجمعون فيما يروون بين الصحيح والضعيف، ولا يميزون بينهما، ولكن منهم من يروي الجميع ويجعل العهدة على الناقل.ا. هـ.

وقال أيضا في " الفتاوى " في معرض تضعيف حديث: وَهَذَا الْحَدِيثُ الْمَذْكُورُ فِي آدَمَ يَذْكُرُهُ طَائِفَةٌ مِنْ الْمُصَنِّفِينَ بِغَيْرِ إسْنَادٍ وَمَا هُوَ مِنْ جِنْسِهِ مَعَ زِيَادَاتٍ أُخَرَ كَمَا ذَكَرَ الْقَاضِي عِيَاضٌ قَالَ: وَحَكَى أَبُو مُحَمَّدٍ الْمَكِّيُّ وَأَبُو اللَّيْثِ السَّمَرْقَنْدِيُّ وَغَيْرُهُمَا " أَنَّ آدَمَ عِنْدَ مَعْصِيَتِهِ قَالَ: اللَّهُمَّ بِحَقِّ مُحَمَّدٍ اغْفِرْ لِي خَطِيئَتِي - قَالَ وَيُرْوَى تَقَبَّلْ تَوْبَتِي - فَقَالَ اللَّهُ لَهُ: مِنْ أَيْنَ عَرَفْت مُحَمَّدًا؟ قَالَ رَأَيْت فِي كُلِّ مَوْضِعٍ مِنْ الْجَنَّةِ مَكْتُوبًا: لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ قَالَ وَيُرْوَى: مُحَمَّدٌ عَبْدِي وَرَسُولِي فَعَلِمْت أَنَّهُ أَكْرَمُ خَلْقِك عَلَيْك؛ فَتَابَ عَلَيْهِ وَغَفَرَ لَهُ ". وَمِثْلُ هَذَا لَا يَجُوزُ أَنَّ تُبْنَى عَلَيْهِ الشَّرِيعَةُ وَلَا يُحْتَجُّ بِهِ فِي الدِّينِ بِاتِّفَاقِ الْمُسْلِمِينَ؛ فَإِنَّ هَذَا مِنْ جِنْسِ الإسرائيليات

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير