تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

ـ[الظافر]ــــــــ[28 - 05 - 04, 07:09 م]ـ

عَدُّ التسبيح بالمِسبَحَة

للشيخ فريح بن صالح البهلال

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله.

حكم عَدِّ التسبيح بالمسبحة يظهر لك فيما يأتي:

اعلم أنه ورد عن كثير من الصحابة أنه يَعُدَّ التسبيح بالحصى والنوى، وأن النبي"رأى منهم من فعل ذلك وأقرهم عليه.

ولم يصح_فيما أعلم_أنه أنكر عليهم أو نهى عنه، وتجلية ذلك فيما يلي:

عقد التسبيح باليد اليمين هو الأفضل إلا أن أهل العلم أجازوا عقده بغيرها، كالحصى والنوى، ونحو ذلك؛ فقد جاء عن الصحابة_رضي الله عنهم_أنهم فعلوا ذلك، منهم أبو هريرة، وأبو الدرداء، وأبو سعيد، وسعد ابن أبي وقاص، وصفية أم المؤمنين، ويسيرة، وجويرة، وغيرهم.

فقد بوب الإمام أبو داود في سننه لحديث سعد ابن أبي وقاص، ويسيرة بنت ياسر، وعبد الله بن عمرو وابن عباس بقوله: =باب التسبيح بالحصى+.

وترجم لذلك المجد ابن تيمية في المنتقى بقوله: =باب جواز عقد التسبيح باليد وعَدِّه بالنوى، ونحوه+.

وقال الحاكم أبو عبد الله في المستدرك: =باب التسبيح بالحصى+ (1/ 547).

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية_قدس الله روحه_:

وعَدُّ التسبيح بالأصابع سنة، كما قال النبي"للنساء =سبحن، واعقدن بالأصابع؛ فإنهن مسئولات مستنطقات+.

وأما عَدُّهُ بالنوى والحصى ونحو ذلك فحسن، وكان من الصحابة_رضي الله عنهم_من يفعل ذلك.

وقد رأى النبي"أم المؤمنين تسبح بالحصى وأقرها على ذلك، وروي أن أبا هريرة كان يسبح به.

وأما التسبيح بما يجعل في نظام من الخرز ونحوه، فمن الناس من كرهه، ومنهم من لم يكرهه، وإذا أحسنت فيه النية فهو حسن غير مكروه. وأما اتخاذه من غير حاجة، أو إظهاره للناس، مثل تعليقه في العنق أو جعله كالسوار في اليد أو نحو ذلك، فهذا إما رياء للناس أو مظنة المراءاة ومشابهة المرائين من غير حاجة، الأول محرم، والثاني أقل أحواله الكراهة/مجموع الفتاوي (22/ 506).

وللسيوطي جزء تتبع فيه ما ورد في السبحة من الأحاديث والآثار، وسماه: (المنحة في السبحة)، أجاز فيه التسبيح بها، وفيه يقول: الذكر بالسبحة، بل كان أكثرهم يعدونه بها، ولا يرون ذلك مكروها.

انظر الحاوي للفتاوي (2/ 2).

وقال المناوي في فيض القدير (4/ 355) في شرح حديث يسيرة_رضي الله عنها_:

وهذا أصل في ندب السبحة المعروفة، وكان ذلك معروفاً بين الصحابة. . . إلى أن قال:

=ولم ينقل عن أحد من السلف ولا الخلف كراهتها، نعم محل ندب اتخاذها فيمن يعدها للذكر، والمبالغة في إخفاء ذلك.

أما ما ألفه الغفلة البطلة من إمساك سبحة_يغلب على حباتها الزينة، وغلو الثمن، ويمسكها من غير حضور في ذلك، ولا فكر، ويتحدث ويسمع الأخبار، ويحكيها، وهو يحرك حباتها بيده، مع اشتغال قلبه، ولسانه بالأمور الدنيوية فهو مذموم مكروه من أقبح القبائح+ اهـ

وقال محمد خطاب السبكي في شرح حديث سعد بن أبي وقاص عند أبي داود في السنن في كتابه: =المنهل العذب المورود+ (8/ 164):

=وفيه دلالة على جواز عد التسبيح بالنوى أو الحصى؛ فإنه"لم ينه المرأة عن ذلك، بل أرشدها إلى ما هو أيسر لها، وأفضل، ولو كان غير جائز ليبين لها ذلك.

ومثل النوى_فيما ذكر_السبحة إذ لا تزيد السبحة على ما في هذا الحديث إلا بنظم نحو النوى في خيط.

ومثل هذا لا يعد فارقاً. . . ثم نقل عن علي العدوي أنه سئل عن السبحة؟ فأجاب بالجواز، وقال العدوي في جوابه:

=والحاصل: أنه إذا تعاطى السبحة على الوجه المعتاد، يتباعد عن الأمور المقتضية للشهرة، والعجب والرياء؛ لأن ذلك محبط للعمل+. اهـ

وقال ابن عابدين في حاشيته (1/ 650) في حكايته مذهب أبي حنيفة في هذه المسألة:

=فرع: لا بأس باتخاذ السبحة لغير رياء، كما بسط في البحر+اهـ.

وجاء في الموسوعة الفقهية (11/ 283, 284):

=أجاز الفقهاء التسبيح باليد والحصى، والمسابح خارج الصلاة، كَعَدِّهِ بقلبه أو بغمزه أناملَهُ+ اهـ

قلت: الأصل في هذا ما جاء عن الصحابة من عد التسبيح بالحصى والنوى ومن ذلك قول أم المؤمنين صفية_رضي الله عنها_:

=دخل علي رسول الله"، وبين يدي أربعة آلاف نواة أسبح بها، فقلت: لقد سبحت بهذه؟ فقال:

=قولي سبحان الله عدد خلقه+

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير