تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

وَأسند أَيْضًا عَنْ أَبِي نَضْرَةَ قَالَ: {أَمَرَنَا نَبِيُّنَا صلى الله عليه وسلم أَنْ نَقْرَأَ بِفَاتِحَةِ الْكِتَابِ وَمَا تَيَسَّرَ}.

وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ لَيْسَ الْمُرَادُ بِهِ قِرَاءَةَ الْمَأْمُومِ حَالَ سَمَاعِهِ لِجَهْرِ الْإِمَامِ فَإِنَّ أَحَدًا لَا يَقُولُ إنَّ زِيَادَتَهُ عَلَى الْفَاتِحَةِ وَتَرْكَ إنْصَاتِهِ لِقِرَاءَةِ الْإِمَامِ فِي هَذِهِ الْحَالِ خَيْرٌ.

وَلَا أَنَّ الْمَأْمُومَ مَأْمُورٌ حَالَ الْجَهْرِ بِقِرَاءَةِ زَائِدَةٍ عَلَى الْفَاتِحَةِ، فَإِنَّهَا تَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْمَأْمُومَ الْمُسْتَمِعَ لَمْ يَدْخُلْ فِي الْحَدِيثِ.

وَلَكِنْ هَبْ أَنَّهَا لَيْسَتْ فِي حَدِيثِ عبادة فَهِيَ فِي حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ.

2 - إنْصَاتَ الْمَأْمُومِ لِقِرَاءَةِ إمَامِهِ يَتَضَمَّنُ مَعْنَى الْقِرَاءَةِ مَعَهُ وَزِيَادَةً.

قَدْ ثَبَتَ بِالْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ وَبِالْإِجْمَاعِ أَنَّ إنْصَاتَ الْمَأْمُومِ لِقِرَاءَةِ إمَامِهِ يَتَضَمَّنُ مَعْنَى الْقِرَاءَةِ مَعَهُ وَزِيَادَةً ; فَإِنَّ اسْتِمَاعَهُ فِيمَا زَادَ عَلَى الْفَاتِحَةِ أَوْلَى بِهِ بِالْقِرَاءَةِ بِاتِّفَاقِهِمْ فَلَوْ لَمْ يَكُنْ الْمَأْمُومُ الْمُسْتَمِعُ لِقِرَاءَةِ إمَامِهِ أَفْضَلَ مِنْ الْقَارِئِ لَكَانَ قِرَاءَتُهُ أَفْضَلَ لَهُ.

وَلِأَنَّهُ قَدْ ثَبَتَ الْأَمْرُ بِالْإِنْصَاتِ لِقِرَاءَةِ الْقُرْآنِ وَلَا يُمْكِنُهُ الْجَمْعُ بَيْنَ الْإِنْصَاتِ وَالْقِرَاءَةِ وَلَوْلَا أَنَّ الْإِنْصَاتَ يَحْصُلُ بِهِ مَقْصُودُ الْقِرَاءَةِ وَزِيَادَةٌ لَمْ يَأْمُرْ اللَّهُ بِتَرْكِ الْأَفْضَلِ لِأَجْلِ الْمَفْضُولِ.

3 - (إذا تعارض نص عام لم يُخَصَص مع نص عام قد خُصِص، قُدِم الأول).

الْكِتَابُ وَالسُّنَّةُ يَأْمُرُ بِإِنْصَاتِ الْمَأْمُومِ لِقِرَاءَةِ الْإِمَامِ، وَحِينَئِذٍ يُقَالُ تَعَارَضَ عُمُومُ قَوْلِهِ: {لَا صَلَاةَ إلَّا بِأُمِّ الْقُرْآنِ}، وَعُمُومُ الْأَمْرِ بِالْإِنْصَاتِ.

ولكنَّ الأمر بقراءة أم القرآن عُمُومٌ قَدْ خَصَّ مِنْهُ الْمَسْبُوقَ بِحَدِيثِ أَبِي بَكْرَةَ، وَخَصَّ مِنْهُ الصَّلَاةَ بِإِمَامَيْنِ فَإِنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم لَمَّا صَلَّى بِالنَّاسِ وَقَدْ سَبَقَهُ أَبُو بَكْرٍ بِبَعْضِ الصَّلَاةِ قَرَأَ مِنْ حَيْثُ انْتَهَى أَبُو بَكْرٍ وَلَمْ يَسْتَأْنِفْ قِرَاءَةَ الْفَاتِحَةِ لِأَنَّهُ بَنَى عَلَى صَلَاةِ أَبِي بَكْرٍ فَإِذَا سَقَطَتْ عَنْهُ الْفَاتِحَةُ فِي هَذَا الْمَوْضِعِ فَعَنْ الْمَأْمُومِ أَوْلَى.

وَخَصَّ مِنْهُ حَالَ الْعُذْرِ، وَحَالُ اسْتِمَاعِ الْإِمَامِ حَالُ عُذْرٍ فَهُوَ مَخْصُوصٌ.

وَأَمْرُ الْمَأْمُومِ بِالْإِنْصَاتِ لِقِرَاءَةِ الْإِمَامِ لَمْ يُخَصّ مَعَهُ شَيْءٌ لَا بِنَصِّ خَاصٍّ وَلَا إجْمَاعٍ، وَإِذَا تَعَارَضَ عمومان أَحَدُهُمَا مَحْفُوظٌ وَالْآخَرُ مَخْصُوصٌ وَجَبَ تَقْدِيمُ الْمَحْفُوظِ.

4 - الْأَمْرَ بِالْإِنْصَاتِ دَاخِلٌ فِي مَعْنَى اتِّبَاعِ الْمَأْمُومِ وَهُوَ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الْمُنْصِتَ يَحْصُلُ لَهُ بِإِنْصَاتِهِ وَاسْتِمَاعِهِ مَا هُوَ أَوْلَى بِهِ مِنْ قِرَاءَتِهِ وَهَذَا مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ فِي الْخُطْبَةِ وَفِي الْقِرَاءَةِ فِي الصَّلَاةِ فِي غَيْرِ مَحَلِّ النِّزَاعِ، فَالْمَعْنَى الْمُوجِبُ لِلْإِنْصَاتِ يَتَنَاوَلُ الْإِنْصَاتَ عَنْ الْفَاتِحَةِ وَغَيْرِهَا.

وَأَمَّا وُجُوبُ قِرَاءَتِهَا فِي كُلِّ صَلَاةٍ فَإِذَا أَنْصَتَ إلَى الْإِمَامِ الَّذِي يَقْرَؤُهَا كَانَ خَيْرًا مِمَّا يَقْرَأُ لِنَفْسِهِ.

فَهُوَ لَوْ نَذَرَ أَنْ يُصَلِّيَ فِي الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى لَكَانَ صَلَاتُهُ فِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَمَسْجِدِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم تُجْزِئُهُ ; بَلْ هُوَ أَفْضَلُ لَهُ كَمَا دَلَّتْ عَلَى ذَلِكَ السُّنَّةُ وَهُوَ لَمْ يُوجِبْ عَلَى نَفْسِهِ إلَّا الصَّلَاةَ فِي الْبَيْتِ الْمُقَدَّسِ ; لَكِنَّ هَذَا أَفْضَلُ مِنْهُ.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير