تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

و قال (فإن ما أمر اللّه به، منه ما هو محدود بالشرع، كالصلوات الخمس، وطواف الأسبوع بالبيت، ومنه ما يرجع في قدره إلى اجتهاد المأمور، فيزيده وينقصه بحسب المصلحة التي يحبها اللّه.

فمن هذا ما اتفق عليه الناس، ومنه ما تنازعوا فيه، كتنازع الفقهاء فيما يجب للزوجات من النفقات: هل هي مقدرة بالشرع؟ أم يرجع فيها إلى العرف، فتختلف في قدرها وصفتها باختلاف أحوال الناس؟ وجمهور الفقهاء على القول الثاني، وهو الصواب لقول النبي صلى الله عليه وسلم لهند: (خذي ما يكفيك وولدك بالمعروف)، وقال أيضًا في خطبته المعروفة: (للنساء كسوتهن ونفقتهن بالمعروف).

وكذلك تنازعوا ـ أيضًا ـ فيما يجب من الكفارات: هل هو مقدر بالشرع أو بالعرف؟).

و قال (ومما ينبغي أن يعلم: أن القرآن والحديث إذا عرف تفسيره من جهة النبي صلى الله عليه وسلم لم يحتج في ذلك إلى أقوال أهل اللغة؛ فإنه قد عرف تفسيره وما أريد بذلك من جهة النبي صلى الله عليه وسلم لم يحتج في ذلك إلى الاستدلال بأقوال أهل اللغة ولا غيرهم؛ ولهذا قال الفقهاء: (الأسماء ثلاثة أنواع) نوع يعرف حَدّه بالشرع كالصلاة والزكاة، ونوع يعرف حده باللغة كالشمس والقمر، ونوع يعرف حده بالعرف كلفظ القبض، ولفظ المعروف في قوله: {وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ} [النساء: 19].).

و قال رحمه الله (وكذلك في سائر الكفارات، إذا أعطاه مما يقتات به مع أدمه، فهو أفضل من أن يعطيه حبًا مجردًا إذا لم يكن عادتهم أن يطحنوا بأيديهم، ويخبزوا بأيديهم، والواجب في ذلك كله ما ذكره الله تعالى بقوله: {إِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ أَوْ كِسْوَتُهُمْ} الآية [المائدة: 89]، فأمر الله تعالى بإطعام المساكين من أوسط ما يطعم الناس أهليهم.

وقد تنازع العلماء في ذلك، هل ذلك مقدر بالشرع، أو يرجع فيه إلى العرف، وكذلك تنازعوا في النفقة؛ نفقة الزوجة. والراجح في هذا كله أن يرجع فيه إلى العرف، فيطعم كل قوم مما يطعمون أهليهم، ... )

و قال رحمه الله (والأسماء تعرف حدودها تارة بالشرع؛ كالصلاة والزكاة والصيام والحج، وتارة باللغة؛ كالشمس والقمر والبر والبحر، وتارة بالعرف كالقبض والتفريق.

وكذلك العقود كالبيع والإجارة والنكاح والهبة، وغير ذلك، فما تواطأ الناس على شرط، وتعاقدوا، فهذا شرط عند أهل العرف .... ).

و قال رحمه الله (وذلك أن الله ذكر البيع والإجارة والعطية مطلقا في كتابه، ليس لها حد في اللغة ولا الشرع فيرجع فيها إلى العرف.)

قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله (واعلم أن من لم يحكم دلالات اللفظ ويعلم أن ظهور المعنى من اللفظ تارة يكون بالوضع اللغوى أو العرفى أو الشرعى إما فى الألفاظ المفردة وإما فى المركبة وتارة بما اقترن باللفظ المفرد من التركيب الذى تتغير به دلالته فى نفسه وتارة بما اقترن به من القرائن اللفظية التى تجعله مجازا وتارة بما يدل عليه حال المتكلم والمخاطب والمتكلم فيه .. ).

فوظيفة العرف في الشرع هي بيان حد بعض الأحكام الشرعية التي لم يجعل لها الشارع حدا كنفقة الزوجه و القبض و الكفارات و حد السفر الذي يجوز فيه القصر و غيرها.

لذا متى ما جاء العرف بمخالفة الشرع كان عرفا فاسدا كما نرى اليوم من تعارف بعض الشعوب على خروج المرأة متبرجة او خروجها للعمل من غير حاجة أو تعاملهم بالربا أو التحام إلى القوانين الوضعية أو دخولهم في جيش الطاغوت و قتالهم معه و كل هذه مخالفات منها ما هو كفر مخرج من الملة و منها ما دون ذلك.

فالعرف لو كان صحيحا لا يأتي بتشريع جديد و إنما هو مبين لمراد الشارع سكت عن بيانه الشارع وإحاله بيانه لما يراه الناس من مصلحة لهم فيه من دون الدخول في المحرم.

و العرف الفاسد هو الذي قال الله تعالي عنه {وَإِن تُطِعْ أَكْثَرَ مَن فِي الأَرْضِ يُضِلُّوكَ عَن سَبِيلِ اللّهِ إِن يَتَّبِعُونَ إِلاَّ الظَّنَّ وَإِنْ هُمْ إِلاَّ يَخْرُصُونَ} (116) سورة الأنعام فهذا العرف هو الذي خالف الشرع.

و من شروط العرف أن مطردا أن يكون عرفا مستمرا متبعا.

و أن يكون عاما غالبا أي لا يكون خاصا لفرد معين أما ما كان خاصا لقوم معينين فليزم هؤلاء القوم فقط و لا يلزم عموم الناس.

أن لا يكون مخالفا للشرع.

و الله أعلم.

ـ[القاسم بن محمد]ــــــــ[11 - 04 - 10, 11:32 م]ـ

سؤال:

في حال اختلاف الزوجين في شروط النكاح أيرجعُ إلى العُرف أم لا اعتبار له؟

كأن يكون العرف جارياً باشتراط مسألة ما ولم تشترط المرأة تلك المسألة ثم اختلفا حولَها أيُرجَع للعرف في هذه الحالة؟

ـ[أبو عمر بن محمد أحمد]ــــــــ[12 - 04 - 10, 10:21 ص]ـ

سؤال:

في حال اختلاف الزوجين في شروط النكاح أيرجعُ إلى العُرف أم لا اعتبار له؟

كأن يكون العرف جارياً باشتراط مسألة ما ولم تشترط المرأة تلك المسألة ثم اختلفا حولَها أيُرجَع للعرف في هذه الحالة؟

الأخ العزيز القاسم بم محمد

السلام عليكم و رحمة الله و بركاته

الأصل أن العرف لا يقوم مقام الشرط والعرف محكم عند عدم وجود نص صريح فى المسألة أما فى مسألتنا هذه فقد بين الله تعالى أعظم بيان فى كتابه و كذلك رسوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فى سنته حقوق المرأة على الرجل وحقوق الرجل على المرأة. ثم أباح الشارع الحكيم إشتراط المرأة على الرجل و الرجل على المرأة عند العقد و بين أن (المسلمون عند شرطه إلا شرطا أحل حراما أو حرم حلالا.

فلا ينبغى فتح باب الأستناد إلى الأعراف على مصرعيه خاصة وقد اصبح فى زماننا كثير من الاعراف تخالف الشرع الصريح وقد فصل الله تعالى ورسوله لكل ذى حق حقه فيرجع إلى الكتاب والسنة عند الإختلاف. (إن اختافتم فى شىء فردوه إلى الله و رسوله) وإلى الشروط المثبتة فى العقد لأنها محكمة بمستند الشرع

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير