ـ[أبو هاجر داوود]ــــــــ[04 - 06 - 04, 01:33 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
هل تعاملت مع القرآن الكريم بهذه الطريقة (الحلقة الثانية)
هذه الحلقة إن شاء الله تعالى مهداة للقراء جميعا لاسيما أخي قرة العين الذي أفادني بعلمه جزاه الله خيرا
الأمر بالقراءة في قوله تعالى: (اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ، خَلَقَ الْإِنسَانَ مِنْ عَلَقٍ) العلق (1، 2) هو أمر من الله سبحانه لرسوله محمد صلى الله عليه وسلم بأن يقرأ القرآن.
فالله تعالى يأمر رسوله صلى الله عليه وسلم بذلك من جهة، ولكي نقتدي به في ذلك من جهة أخرى مثلما علينا أن نقتدي به فيما أمره به ربه سبحانه إذ قال له: (فَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ فَاسْتَعِذْ بِاللّهِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ) الإسراء 98.
فالأمر بكلمة " اقرأ " في سورة العلق هو أمر منه سبحانه وتعالى لرسوله صلى الله عليه وسلم ولنا ولكل إنسان بأن يقرأ القرآن، فالله تعالى يقول لنا جميعا: (فَاقْرَؤُوا مَا تَيَسَّرَ مِنَ الْقُرْآنِ) المزمل (20).
وإذا قرىء القرآن فعلينا أن نطبق أمر الله سبحانه إذ قال لنا: (وَإِذَا قُرِىءَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُواْ لَهُ وَأَنصِتُواْ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ) الأعراف (204)، والاستماع للقرآن الذي يريده الله سبحانه وتعالى منا هو الاستماع الذي يكون مصحوبا بالانصات، وقد ذكَّر الجن بعضهم بعضا بذلك عندما حضروا القرآن، يقول الله تعالى: (وَإِذْ صَرَفْنَا إِلَيْكَ نَفَرًا مِّنَ الْجِنِّ يَسْتَمِعُونَ الْقُرْآنَ فَلَمَّا حَضَرُوهُ قَالُوا أَنصِتُوا فَلَمَّا قُضِيَ وَلَّوْا إِلَى قَوْمِهِم مُّنذِرِينَ قَالُوا يَا قَوْمَنَا إِنَّا سَمِعْنَا كِتَابًا أُنزِلَ مِن بَعْدِ مُوسَى مُصَدِّقًا لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ وَإِلَى طَرِيقٍ مُّسْتَقِيمٍ). الأحقاف (29، 30)
وبين الله تعالى لنا فضله العظيم على رسولنا صلى الله عليه وسلم إذ علمه ما لم يكن يعلم عندما أنزل عليه الكتاب والحكمة أي علمه الكتاب والحكمة، قال تعالى: (وَأَنزَلَ اللّهُ عَلَيْكَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَعَلَّمَكَ مَا لَمْ تَكُنْ تَعْلَمُ وَكَانَ فَضْلُ اللّهِ عَلَيْكَ عَظِيمًا) النساء (113).
وكما علم ربنا سبحانه وتعالى رسوله صلى الله عليه وسلم ما لم يكن يعلم من الكتاب والحكمة فقد علمنا سبحانه وتعالى نفس ما علمه إياه إذ قال سبحانه: (كَمَا أَرْسَلْنَا فِيكُمْ رَسُولاً مِّنكُمْ يَتْلُو عَلَيْكُمْ آيَاتِنَا وَيُزَكِّيكُمْ وَيُعَلِّمُكُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَيُعَلِّمُكُم مَّا لَمْ تَكُونُواْ تَعْلَمُونَ) البقرة (151) أي أرسله سبحانه وتعالى يتلو علينا آياته ليعلمنا ما لم نكن نعلم من الكتاب والحكمة، ليزكينا بذلك.
ومع أن رسولنا صلى الله عليه وسلم قد علمنا ما لم نكن نعلم من القرآن إلا أن المعلم الحقيقي هو ربنا سبحانه وتعالى إذ لولا فضل الله تعالى ورحمته على رسوله صلى الله عليه وسلم لما علمه القرآن، ولولا فضله سبحانه وتعالى ورحمته علينا لما أمر رسوله صلى الله عليه وسلم أن يعلمنا القرآن، فالله تعالى يقول: (الرَّحْمَنُ، عَلَّمَ الْقُرْآنَ، خَلَقَ الْإِنسَانَ) الرحمن (1، 2،3) ويقول سبحانه وتعالى: (عَلَّمَ الْإِنسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ) العلق (5) أي علم الإنسان ما لم يعلم من القرآن، ويأمرنا ربنا سبحانه وتعالى جميعا أن نذكره على ما علمنا ما لم نكن نعلم، قال تعالى: (فاذكروا الله كما علمكم ما لم تكونوا تعلمون) البقرة (239).
فالله تعالى أنزل هذا القرآن على رسوله صلى الله عليه وسلم وهيأ للإنسان الأسباب والظروف التي تمكنه من الحصول على العلم الذي في هذا القرآن، ومثل ذلك – ولله المثل الأعلى - مثل الأستاذ مع تلميذه بحيث إذا دعا الأستاذ تلميذه إلى التعلم وهيأ له الأسباب والظروف لكي يتعلم، فإن التلميذ حينئذ إذا لم يأخذ بتلك الأسباب ولم يغتنم تلك الظروف، ولم يتعلم بسبب عدم فإننا نقول: إن الأستاذ قد علم التلميذ ولكن التلميذ لم يرد أن يتعلم.
¥