تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

اختلف المؤرخون في ولادة الإمام مالك بن أنس بن مالك، فمنهم قال عام 93 هجرية وقيل 94 هجرية وقيل 95 هجرية وقيل 96 هجرية في المدينة المنورة. وقد يرجع أسباب الاختلاف إلى اعتقاد البعض أن أم مالك حملته في بطنها ثلاثة سنين! قال ابن عبد البر: وقد ذكر غير الواقدي أن أُم مالك حملت به ثلاث سنين (مناقب مالك للسيوطي ص 6). لم يكن أنس والد الإمام مالك معروفاً حيث لم يُذكر شيئاً عن حياته في كتب التاريخ، ولم يكن مالك من أسرة علمية، إلا أن عمه كان مقرئاً.

واختلفوا في نسب مالك، لكن عامة الناس على أنه من العرب وليس من الموالي. ومع ذلك فقد طعن الكوثري في نسب الإمام مالكٍ، وجعله من الموالي لا من العرب. وسيأتي كيف أن الإمام مالك قد طعن في القاضي الثبت سعد لأنه تكلم في نسبه، وكذلك فعل مع ابن إسحاق. وأياً كان، فإن الإمام مالك كان متهماً باللحن بالعربية. وقد اتهمه بذلك الإمام أبو عبد الرحمن النسائي، كما أخرجه الخطيب في الكفاية (2\ 555) بإسناد صحيح. و قال الكوثري الهالك في "تأنيب الخطيب" (ص27): «أن المبرَّد ذكر في كتاب "اللُّحْنَةَ" عن محمد بن القاسم عن الأصمعيّ قال: دخلت المدينةَ على مالك بن أنس فما هِبْتُ أحداً هيبتي له، فتكلّم فَلَحَنَ، فقال: مُطِرْنا البارَحةَ مَطَراً أي مَطَراً، فَخَفّ في عيني. فقلت: يا أبا عبد الله، قد بَلَغْتَ من العلم هذا المبلغَ فَلَو أصلحتَ من لسانك. فقال: فكيفَ لو رأيتمُ ربيعةَ؟ كُنّا نقول له: كيف أصبحت؟ فيقول: بخيراً بخيراً. قال (الأصمعي): وإذا هو (مالك) قد جعلَهُ (جعل ربيعة) لنفسه قدوةً في اللّحْنِ وعذْراً».

ومع ذلك تجد عند مالك عنصرية عجيبة. ففي تذكرة الحفاظ (1\ 210): أن إسماعيل بن داود المخراقي قال: سمعت مالكاً يقول: «كان عطاء بن أبي رباح أسوداً ضعيف العقل»!! فهكذا يطعن على أحد أعظم أئمة مكة من التابعين لأنه أسود اللون. وقد روى عبد الحميد الحماني، عن أبي حنيفة: «ما رأيت فيمن لقيت أفضل من عطاء بن أبي رباح». وأبو حنيفة قد لقي مالكاً! وروى عمر بن سعيد (ثقة)، عن أمه: قدم عبد الله بن عمر t ( وهو الصحابي الفقيه الذي أخذ مالك كثيراً من فقهه) مكة، فسألوه، فقال: «أتجمعون لي –يا أهل مكة– المسائل، و فيكم ابن أبي رباح؟!». وأنها أرسلت إلى ابن عباس t تسأله عن شيء، فقال: «يا أهل مكة، تجتمعون عليّ و عندكم عطاء؟!».

ولذلك أفتى بكثير من الأحكام الشرعية بعنصرية. فمثلاً قال مالك (عن مسألة تزويج المرأة بغير ولي): «أما الدنيئة كالسوداء أو التي أسلمت أو الفقيرة أو النبطية أو المولاة، فإن زَوَّجَها الجار وغيره –ممن ليس هو لها بولي– فهو جائز! وأما المرأة التي لها الموضع (أي الشرف) فإن وليها، فُرِّقَ بينهما. فإن أجاز ذلك الولي أو السلطان، جاز. فإن تقادم أمرها ولم يفسخ وولدت له الأولاد، لم يُفسَخ».

فرد عليه ابن حزم في المحلى (9\ 456): «وأما قول مالك فظاهر الفساد، لأنه فَرَّقَ بين الدَّنِيَّة وغير الدنية. وما عَلِمنا الدناءة، إلا معاصي الله تعالى. وأما السوداء والمولاة، فقد كانت أم أيمن –رضي الله عنها– سوداء ومولاة. و والله ما بعد أزواجه –عليه الصلاة والسلام– في هذه الأُمَّةِ امرأةٌ أعلى قدراً عند الله تعالى وعند أهل الإسلام كلهم، منها. وأما الفقيرة، فما الفقر دناءة. فقد كان في الأنبياء –عليهم الصلاة والسلام– الفقير الذي أهلكه الفقر، وهم أهل الشرف والرفعة حقاً. وقد كان قارون وفرعون وهامان من الغنى بحيث عرف، وهم أهل الدناءة والرذالة حقاً. وأما النبطية، فرُبَّ نبطية لا يطمع فيها كثيرٌ من قريش، ليسارها وعلوِّ حالها في الدنيا. ورب بنت خليفة هلكت فاقةً وجهداً وضياعاً. ثم قوله "يفرق بينهما، فإن طال الأمر وولدت منه الأولاد، لم يفرق بينهما" فهذا عين الخطأ. إنما هو حق أو باطل، ولا سبيل إلى ثالث. فإن كان حقاً، فليس لأحدٍ نقض الحق إثر عقده، ولا بعد ذلك. وإن كان باطلاً، فالباطل مردود أبداً، إلا أن يأتي نص من قرآن أو سنة عن رسول الله r فيوقف عنده. وما نعلم قول مالك هذا، قاله أحدٌ قبله، ولا غيره، إلا من قلده. ولا مُتَعَلَّقٌ له بقرآنٍ ولا وسنةٍ صحيحةٍ ولا بأثرٍ غير ساقطٍ ولا بقول صاحبٍ ولا تابعٍ ولا معقولٍ ولا قياسٍ ولا رأيٍ له وجهٌ يُعرف».

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير