قلت: لو اقتصر الشيخ على الرواية المشهورة التي ذكرها أهل العلم كان يكفيه وهي سنة 93ه قال القاضي عياض في المدارك 1/ 118: ( .... فالأشهر فيما روي من ذلك قول يحي بن بكير: إن مولده سنة ثلاث وتسعين من الهجرة في خلافة سليمان بن عبد الملك بن مروان). وقال الإمام الذهبي- رحمه الله- في السير 8/ 45: (مولد مالك على الأصح في سنة ثلاث وتسعين). وسبب اختلافهم معروف في مثل هذه الحالة وهو يرجع إلى قلة التوثيق في زمانهم واعتماد الناس على الحفظ، وقد كثر هذا الأمر في ذكر ميلاد ووفيات الصدر الأول- رحمهم الله-.
ولكن الشيخ حاول أن يعلل الأمر بطريقة أخرى فقال: (وقد يرجع-كذا- أسباب الاختلاف إلى اعتقاد البعض أن أم مالك حملته في بطنها ثلاثة- كذا- سنين قال ابن عبد البر ........ )
قلت: لو بين لنا الشيخ الرابط بين الأمرين كان مشكورا- بارك الله فيه- وهل ذكر أحد ممن ترجم للإمام أو تمذهب بمذهبه هذه العلاقة بين اختلافهم في سنة ميلاده وحمل أمه به ثلاث سنين إن صحت. وسيأتي الكلام على مدة الحمل هذه لاحقا –إن شاء الله-.
ثم قال الأستاذ: (ولم يكن أنس والد الإمام مالك معروفا، حيث لم يذكر- وعلى الياء ضمة كما في الأصل- شيئا- كذا- عن حياته في كتب التأريخ، ولم يكن مالك من أسرة علمية، إلا أن عمه كان مقرئا).
قلت: رحم الله أهل العلم ما برحوا يعلموننا أن النفي ليس بعلم، ولذلك قالوا: لا دليل على النافي. نعم صدقوا فعلى أي شيء يقيم الدليل؟.
قال الإمام ابن حبان في كتابه مشاهير علماء الأمصار ص 161: (أنس بن مالك بن أبي عامر والد مالك بن أنس، من جلة المدنيين ومتقنيهم).
وقال القاضي عياض في المدارك 1/ 111: (قال أبو القاسم اللالكائي الحافظ: كان لأبي أنس مالك ابن أبي عامر أربعة بنين، أحدهم: أنس أبو مالك الفقيه، قال غيره: وبه كان يكنى، روى عنه ابنه مالك. قال الّضراب: وقد روى ابن شهاب عنه، وقاله ابن أبي حاتم يرويه عن أبيه. قال أبو إسحاق ابن شعبان: روى مالك عن أبيه عن جده عن عمر حديث الغسل واللباس). كلام ابن أبي حاتم في الجرح والتعديل المجلد 2/ 287.
وقال الذهبي في السير 8/ 44: (وقد روى الزهري عن والده أنس، وعميه أويس وأبي سهيل).
وأما جده مالك بن أبي عامر الأصبحي أبو أنس فقد ذكره ابن حبان في مشاهير علماء الأمصار 103قال عنه: (من أصحاب عمر بن الخطاب وعثمان بن عفان وهو جد مالك بن أنس، من متقني أهل المدينة).
وذكر القاضي عياض في المدارك1/ 113: (أنه توفي سنة ثنتي عشرة ومائة ........ ). وذكر القاضي أن عثمان- رضي الله عنه- أغزاه إفريقية ففتحها. وأنه كان ممن يكتب المصاحف حين جمع عثمان المصاحف. وكان عمر بن عبد العزيز يستشيره، ذكر ذلك الإمام مالك في جامع موطئه.
ولا أريد أن أسترسل في ما هو معروف مشهور من أخبار الإمام وأسرته – رحمه الله- ولمعرفة المزيد عن أعمامه وأسرته، يمكن للناظر أن يرجع إلى مدارك القاضي في باب ذكر آل مالك وبيته وبنيه، ومشاهير علماء الأمصار حيث ذكر بعض أعمامه، وتاريخ البخاري، وغير ذلك مما هو مشهور.
فهل بعد هذا وغيره مما لم يذكر يقال: ولم يكن والد الإمام معروفا ...... ؟!!!
ولا أزيد.
يتبع إن شاء الله
ـ[الفهم الصحيح.]ــــــــ[16 - 06 - 04, 02:03 م]ـ
قال الأستاذ محمد الأمين:
واختلفوا في نسب مالك، لكن عامة الناس على أنه من العرب وليس من الموالي. ومع ذلك فقد طعن الكوثري في نسب الإمام مالكٍ، وجعله من الموالي لا من العرب. وسيأتي كيف أن الإمام مالك قد طعن في القاضي الثبت سعد لأنه تكلم في نسبه.
وقال بعد ذلك في وسط المقال: (وقد طعن مالك في إمام المغازي محمد بن إسحاق، واتهمه بأنه دجال من الدجاجلة، لمجرد أنه تكلم في نسبه. مع أن هذا الأمر قد اختلف فيه اختلافاً كبيراً. جاء في سير أعلام النبلاء (8\ 71): «قال القاضي عياض (مالكي المذهب): أختلف في نسب "ذي أصبح" اختلافاً كثيراً. وروي عن ابن إسحاق أنه زعم أن مالكا وآله موالي بني تيم، فأخطأ. وكان ذلك أقوى سبب في تكذيب الإمام مالك له وطعنه عليه».
قلت: الكلام حول نسب الإمام مالك في بعض المصادر يتمحور على مسألتين.
الأولى: هل الإمام مالك عربي أصبحي، أم هو مولى من موالى آل تيم؟.وهذه هي التي تكلم فيها الشيخ وحكى فيها الاختلاف. بل الاختلاف الكبير كما قال في المرة الثانية.
¥