وأما قول الشيخ: ومذهب أهل المدينة حجة عندهم، فصحيح أيضا- مع ترك الخوض في تفصيل المراد بالعمل- ولكن فات الشيخ أن حجية العمل هذه ظنية، مثل كل الأصول المختلف فيها، وإلا لكان على الجميع التزامها. والظني لا عصمة له، فعاد الأمر إلى أن الإمام غير معصوم، وهذا الأمر على التنزل مع الشيخ في النقاش وإلا فإن كل ذلك لم يكن، وأقرب الأدلة لبطلان دعوى الأستاذ؛ مخالفة الأتباع أو بعضهم لشيخهم على مر العصور.
وقوله وهذا أمر قديم ...... لا أدري على ماذا يعود اسم الإشارة، ففي الدعوى ثلاثة فروع، وعلى التنزل ثلاث قضايا فما هو القديم من أيام الشافعي؟.
ثم قال الشيخ في تعقيب على الأخ المتقدم، مع ذكر كلام الأخ:
قال وفقه الله: "ثم إني أذكرك بأمر أعتقد أنه منك على بال وإنما هو ذكرى: وهو أن المقلد العامي معذور عند الله إذا ما قلد إماما كمالك"
قال الشيخ محمد الأمين:
صدقت يا أخي، وهذه المقالة ليست موجهة للعوام. ولو أردت أن يقرأها عامي، لربما حذفت نصفها.
قلت: أي النصفين- يا أخي بارك الله فيك- المسألة ليست أنصافا، المقال كله يحتاج إلى صياغة جديدة، إن أردت الإنصاف، فما فيه من الصواب المفيد قليل جدا للآسف الشديد. وإن كنت في شك من قولي فأهل العلم متوافرون وهم الفيصل- بارك الله فيك-.
ثم علق الشيخ على مشاركة أحدهم: قالت الأخت السمرقندية: "لم اكتب ماكتبت فيما رد عليه الاخ الحسني إلا إشارة إلى دعوى الشيخ الأأمين ان ذكر مساويء العلماء في خلقتهم وأخلاقهم .. وهم الذين غطت حسناتهم على سيئاتهم انه لا يعتبر قدحا فيهم ,, وساق لأجل ذلك أمثلة كما هو مبين في النص المقتبس"
أقول" وهذا حق بإذن الله.
قلت: أين هو الحق- يا شيخ محمد بارك الله فيك- هل من الحق أن تذكر - مساوي العلماء في خلقتهم وأخلاقهم- بدعوى أن حسناتهم غطت سيئاتهم، هل هذا الكلام يروج على ذي لب، ثم ما فائدة ما تدعيه إذا كان الأمر كما تقول، ألست تريد أن تضع منهم ما شمخ – وانظر على من يعود الضمير- فما دام الأمر هكذا، ومحبة القوم قد رسخت في النفوس، وفضلهم لا يقبل الجدل، فلم يبق إلا اطراح هذه الأمور، وسلوك سبيل أهل العلم بنشر العلم الصحيح في البوادي والأمصار، ومقارعة الحجة بالحجة، وعدم استدعاء الحزازات القديمة التي لا تورث إلا الضغائن والأحقاد. تلك أمة قد خلت، ومشاكل سلفت، فلنأخذ منها العبر، ولنتبع السنة والأثر.
ـ[محمد الأمين]ــــــــ[21 - 06 - 04, 06:13 ص]ـ
أخي الفهم الصحيح
قد تكلمت فأطلت جداً، وخير الكلام ما قل ودل
وبالنسبة لأثر عمر فقد أسئتم فهم مرادي منه. فسأذكر لك مثالاً أوضح: الإمام ابن المديني عندما يكون في الكوفة يظهر التسنن، وعندما يكون في البصرة يظهر التشيع، مع أنه ليس شيعياً. والسبب واضح، وهو أن أهل البصرة عندهم ميل على علي.
مثال آخر: الإمام النسائي عندما كان في الشام كتب كتاباً عن فضائل علي (وليس كل ما فيه صحيح) ورفض تحديث الناس بفضائل معاوية. تعرف لماذا؟ لأن أهل الشام يغالون في معاوية ويحملون على علي. فمن غير المعقول أن يحدثهم بفضائل معاوية، فيزيدهم غلواً فيه.
أما قولك بأن المقالة تنتقص الإمام مالك، فغير صحيح. وأنا قلت أن المقال إنما يهدف إلى فكرة واضحة وهي أن مالك لا يمثل بالضرورة فقه أهل المدينة كلهم. فهو له آراء واجتهادات تفرد بها. والمدينة فيها الكثير من الفقهاء من طبقته، ما وافقوه في كل اجتهاداته. فاختزال كل مذاهب هؤلاء الأئمة في مذهب الإمام مالك، ظلم لهم. ومن هنا فقضية إجماع أهل المدينة التي يتمسك بها المالكية، غير مسلمة لهم. ولا بد من الإتيان بدليل من الكتاب والسنة.
والقول الذي نقلته عن الإمام ابن تيمية مردود جملة وتفصيلاً. وقد فصلت ذلك في رد من صفحة أو صفحتين حذف. إن شئت أرسلته لك بالبريد.
والشيء الآخر الذي تجده في هذه المقالة وفي المقالات الأخرى عن المذاهب الأربعة وغيرهم، هو الإشارة لدور السلطان في نشر المذهب الفقهي. وكذلك إعطاء فكرة مختصرة عن كيفية انتشار المذاهب وأين حصل ذلك ومتى. كما حاولت باختصار إعطاء فكرة عن الفروقات المذهبية بين كل مذهب وأسبابها.
وهي المقالة أصلاً جزء من سلسلة مقالات عن سبب انتشار المذاهب الأربعة واختفاء المذاهب الأخرى. وأظنها استوفت هذه الغاية بحمد الله عز وجل.