فأجاب الشيخ محمد الأمين بالآتي: أقول: قال عمرو بن يحيى بن سعيد الأموي، عن جده. قال: دخل معاوية على عمر وعليه حلة خضراء؛ فنظر إليها الصحابة، فلما رأى ذلك عمر وثب إليه بالدرة فجعل يضربه بها، وجعل معاوية يقول: يا أمير المؤمنين الله الله فيّ. فرجع عمر إلى مجلسه فقال له القوم: لم ضربته يا أمير المؤمنين؟ وما في قومك مثله؟ فقال: والله ما رأيت إلا خيراً، وما بلغني إلا خير، ولو بلغني غير ذلك لكان مني إليه غير ما رأيتم، ولكن رأيته - وأشار بيده - فأحببت أن أضع منه ما شمخ.
قلت: ما وقعت فيه- شيخنا- أشد مما حاولت دفعه، فأنت لم تبق للإمام- رحمه الله- شيئا من العلم ولا من الفضائل، وكل ذلك لم يكن بحق ولا بعلم- ولن يكون إن شاء الله-، والأغرب من ذلك أنك تقول إن ما كتبته: إنما هو مخصص للمالكية؟!!!، وأنا على يقين أن من يطلع عليه من أتباع الإمام سيزداد تمسكه بما هو عليه من تقليد الإمام والتعصب له كردة فعل أولا، وللأخطاء العلمية الفادحة في المقال ثانيا.
ثم الاستدلال بهذه القصة- على فرض صحتها- خطأ فادح من وجوه، ذكر بعضها الأخ محمد رشيد، وأزيد عليها.
أن سيدنا عمر في مقامه وعلمه يتحمل منه مثل ذلك، بعد إيضاح سببه، وهو كان- فوق الإمارة- بالنسبة للصحابة الكرام كالوالد- رضي الله عنهم أجمعين-. فلو سلمنا بصحة الإقتداء بعمر- رضي الله عنه- في هذه فالظن أن يقوم به من كان في مثل مقامه، بما يشبه فعله، عند الحاجة الملحة إليه.
أما ما جاء بها الأستاذ فالحق أن يقال فيه ما قال الشاعر:
أوردها سعد وسعد مشتمل ما هكذا يا سعد تورد الإبل
وقول الآخر:
جراحات اللسان لها التآم ولا يلتام ما جرح اللسان
وقول الأخ محمد رشيد في مداخلة أخرى:
الثاني // في الأثر الذي أوردتموه من كان المقصود توجيهه من فعل عمر؟
هل الناظر إلى معاوية أم معاية نفسه؟
إن كان معاوية نفسه فظاهر تمام الظهور بطلان تمثيلكم بهذا الأثر على ما فعلتم، فقد مات الإمام مالك و لا ذنب له بالإجماع في غلو من غلا فيه
و إن كان المقصود هو الناظر لمعاوية رضي الله عنه فلا يصح إيرادي لهذا الوجه الثاني، و لكن يبقى الأول في التفريق بين الصورتين ... فليراجع
قلت: الإجابة على السوأل للشيخ محمد الأمين، وإنما تعليقي على تردد الأخ محمد رشيد، فالاعتراض قائم على الحالتين، لأنه إذا كان المقصود الإمام فقد علم بطلانه، وإذا كان المقصود بهذا المقال الأتباع- و الكاتب قد صرح بهذا- فلا يتم المراد، لأنه سلك غير الجادة– والله ما أدري ما أقول فعبارتي لا تساعدني- في بيان أخطاء الإمام، ثم هو لم يبين لمن كتب لهم غرضه بفعله هذا، كما بينه عمر- رضي الله عنه- لأصحابه لما سألوه، وإن وجد الشيخ بعض الناس فسألوه عن قصده بهذا المقال، فلن يجد ه الكثير ممن يطلع على المقال ليسألوه، وأما إن اطلع عليه بعض المتعالمين من أهل زماننا كانت المصيبة أعظم وأطم ولا حول ولا قوة إلا بالله.
ثم قال الأخ محمد الأمين: قال الشيخ المقرئ حفظه الله: "إلى الشيخ الفاضل محمد الأمين: فوجهة نظري أنك أرت خيرا وما أصبت فيكفيك أن ترد على المتعصبة بإخبارهم أن الإمام مالك بشر ولا يعتقد له العصمة وإلا كان رسولا"
أخي الكريم، هم يسلمون بعدم عصمة مالك. لكن زعمهم أن مالكاً يمثل مذهب المدينة. ومذهب المدينة هو حجة عندهم. فرجع القول من الناحية العملية (وإن لم يصرح أحد به) بعصمة مالك! وهذا أمر قديم منذ أيام الإمام الشافعي.
قلت: أما أن الإمام يمثل فقه أهل المدينة فحق، وخذ هذه الشهادة من غير أ تباع الإمام، قال شيخ الإسلام ابن تيمية- رحمه الله- في مجموع الفتاوى 20/ 320 بعد كلام طويل: (إذا تبين هذا؛ فلا ريب عند أحد أن مالكا- رضي الله عنه- أقوم الناس بمذهب أهل المدينة رواية ورأيا، فإنه لم يكن في عصره ولا بعده أقوم بذلك منه، كان له من المكانة عند أهل الإسلام-الخاص منهم والعام- ما لا يخفى على من له بالعلم أدنى إلمام).
¥