تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

أنفسكم عزيز عليه ما عنتم} حتى خاتمة براءة فكانت الصحف عند أبي بكر حتى توفاه الله ثم عند عمر حياته ثم عند حفصة بنت عمر رضي الله تعالى عنهما ".

ثانياً:

وأما الحجاج فلم يباشر بنفسه كتابة المصحف، بل أمره بعض الحاذقين بذلك، وإليك القصة كاملة:

قال الزرقاني:

والمعروف أن المصحف العثماني لم يكن منقوطاً … وسواء أكان هذا أم ذاك فإن إعجام – أي: تنقيط - المصاحف لم يحدث على المشهور إلا في عهد عبد الملك بن مروان، إذ رأى أن رقعة الإسلام قد اتسعت واختلط العرب بالعجم وكادت العجمة تمس سلامة اللغة وبدأ اللبس والإشكال في قراءة المصاحف يلح بالناس حتى ليشق على السواد منهم أن يهتدوا إلى التمييز بين حروف المصحف وكلماته وهي غير معجمة، هنالك رأى بثاقب نظره أن يتقدم للإنقاذ فأمر الحجاج أن يُعنى بهذا الأمر الجلل، وندب " الحجاج " طاعة لأمير المؤمنين رجلين يعالجان هذا المشكل هما: نصر بن عاصم الليثي، ويحيى بن يعمر العدواني، وكلاهما كفء قدير على ما ندب له، إذ جمعا بين العلم والعمل والصلاح والورع والخبرة بأصول اللغة ووجوه قراءة القرآن، وقد اشتركا أيضاً في التلمذة والأخذ عن أبي الأسود الدؤلي، ويرحم الله هذين الشيخين فقد نجحا في هذه المحاولة وأعجما المصحف الشريف لأول مرة ونقطا جميع حروفه المتشابهة، والتزما ألا تزيد النقط في أي حرف على ثلاث، وشاع ذلك في الناس بعدُ فكان له أثره العظيم في إزالة الإشكال واللبس عن المصحف الشريف.

وقيل: إن أول من نقط المصحف أبو الأسود الدؤلي، وإن ابن سيرين كان له مصحف منقوط نقطه يحيى بن يعمر، ويمكن التوفيق بين هذه الأقوال بأن أبا الأسود أول من نقط المصحف ولكن بصفة فردية، ثم تبعه ابن سيرين، وأن عبد الملك أول من نقط المصحف، ولكن بصفة رسميَّة عامَّة ذاعت وشاعت بين الناس دفعاً للبس، والإشكال عنهم في قراءة القرآن. " مناهل العرفان " (1/ 280، 281).

ثالثاً:

وأما ما جاء في السؤال نقلاً عن كتاب " المصاحف " لابن أبي داود: فإليك الرواية فيه والحكم عليها:

عن عبَّاد بن صهيب عن عوف بن أبي جميلة أن الحجاج بن يوسف غيّر في مصحف عثمان أحد عشر حرفاً، قال: كانت في البقرة: 259 {لم يتسن وانظر} بغير هاء، فغيرها " لَم يَتَسَنه ".

وكانت في المائدة: 48 {شريعة ومنهاجاً}، فغيّرها " شِرعَةً وَمِنهاجَاً ".

وكانت في يونس: 22 {هو الذي ينشركم}، فغيَّرها " يُسَيّرُكُم ".

وكانت في يوسف: 45 {أنا آتيكم بتأويله}، فغيَّرها " أنا أُنَبِئُكُم بِتَأوِيلِهِ ".

وكانت في الزخرف: 32 {نحن قسمنا بينهم معايشهم}، فغيّرها " مَعِيشَتَهُم ".

وكانت في التكوير: 24 {وما هو على الغيب بظنين}، فغيّرها {بِضَنينٍ} … الخ ..

كتاب " المصاحف " للسجستاني (ص 49).

وهذه الرواية ضعيفة جدّاً أو موضوعة؛ إذ فيها " عبَّاد بن صهيب " وهو متروك الحديث.

قال علي بن المديني: ذهب حديثه، وقال البخاري والنسائي وغيرهما: متروك، وقال ابن حبان: كان قدريّاً داعيةً، ومع ذلك يروي أشياء إذا سمعها المبتدئ في هذه الصناعة شهد لها بالوضع، وقال الذهبي: أحد المتروكين. انظر " ميزان الاعتدال " للذهبي (4/ 28).

ومتن الرواية منكر باطل، إذ لا يعقل أن يغيِّر شيئاً من القرآن فيمشي هذا التغيير على نسخ العالم كله، بل إن بعض من يرى أن القرآن ناقص غير كامل من غير المسلمين كالرافضة - الشيعة – أنكرها ونقد متنها:

قال الخوئي – وهو من الرافضة -: هذه الدعوى تشبه هذيان المحمومين وخرافات المجانين والأطفال، فإنّ الحجّاج واحدٌ من ولاة بني أُمية، وهو أقصر باعاً وأصغر قدراً من أن ينال القرآن بشيءٍ، بل هو أعجز من أن يغيّر شيئاً من الفروع الإسلامية، فكيف يغير ما هو أساس الدين وقوام الشريعة؟! ومن أين له القدرة والنفوذ في جميع ممالك الإسلام وغيرها مع انتشار القرآن فيها؟ وكيف لم يذكر هذا الخطب العظيم مؤرخ في تاريخه، ولا ناقد في نقده مع ما فيه من الأهمية، وكثرة الدواعي إلى نقله؟ وكيف لم يتعرض لنقله واحد من المسلمين في وقته؟ وكيف أغضى المسلمون عن هذا العمل بعد انقضاء عهد الحجاج وانتهاء سلطته؟ وهب أنّه تمكّن من جمع نسخ المصاحف جميعها، ولم تشذّ عن قدرته نسخةٌ واحدةٌ

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير