تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

الحمد لله، الخوارج اسم لطائفة من المبتدعة ظهرت في خلافة علي رضي الله عنه، ومعظمهم كان في جيش علي ففارقه عندما اتفق علي ومعاوية على تحكيم أبي موسى، وعمرو بن العاص ـ رضي الله عنهم ـ، فأنكرت الخوارج ذلك وقالوا: حكمتم الرجال لا حكم إلا لله، فبعث إليهم علي ـ رضي الله عنه ـ ابن عباس ـ رضي الله عنه ـ فناظرهم، فرجع كثير منهم، وانحاز الذين أصروا على مذهبهم إلى موضع يقال له: النهروان، فكفروا الحكمين، وعلي ومعاوية، ومن معهما، وأغاروا على سرح المسلمين، وقتلوا عبد الله بن خباب من أصحاب علي ـ رضي الله عنه ـ، فرأى فيهم أمير المؤمنين علي رضي الله عنه صفات المارقين الذين أمر النبي صلى الله عليه وسلم بقتالهم، ورغب فيه، كقوله صلى الله عليه وسلم:" يخرج فيكم قوم تحقرون صلاتكم مع صلاتهم، وصيامكم مع صيامهم، وعملكم مع عملهم، ويقرؤون القرآن لا يجاوز حناجرهم، يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية ". متفق عليه.

وفي حديث آخر في الصحيحين:" فأينما لقيتموهم فاقتلوهم فإن في قتلهم أجرا لمن قتلهم يوم القيامة ".، فقاتلهم علي رضي الله عنه بمن معه من الصحابة، وأظهره الله عليهم، وسُرّ بذلك ـ رضي الله عنه ـ، لقول النبي صلى الله عليه وسلم:" تمرق ما رقة على حين فرقة من المسلمين تقتلهم أولى الطائفتين بالحق ". رواه مسلم.

وأصل مذهبهم التكفير بالكبائر من الذنوب، وقد يعدون ما ليس بذنب ذنبا؛ فيكفرون به، كما قالوا: في التحكيم بين علي، ومعاوية ـ رضي الله عنهما ـ، فلذلك كفروا الحكمين، وكفروا عليا، ومعاوية، ومن معهما، ثم صاروا بعد ذلك فرقا حسْبَ زعاماتهم، ومن الأصول المشهورة عنهم إنكار السنة، ومن فروع ذلك:

إنكارهم المسح على الخفين، ورجم الزاني المحصن.

والذي يظهر: أنه لا يعد من الخوارج إلا من قال بهذين الأصلين، وهما:

التكفير بالذنوب، وإنكار الاحتجاج، والعمل بالسنة.

وأما تفاصيل الفرق بين فرقهم، فيرجع فيه إلى كتب الفرق ككتاب الملل والنحل للشهرستاني، والفصل لابن حزم، والله أعلم.

14 - فضيلة الشيخ

نقل عنكم - حفظكم الله في هذا المنتدى - أنكم تفرقون بين الذي يطلب من الميت قُرْبَ قبره الدعاء له، وبين الذي يطلب منه الشفاعة؟ فما الفرق الجوهري المؤثر بينهما , علما أن طلب الشفاعة نوع من طلب الدعاء؟

الجواب:

الحمد لله، من أنواع الشرك الأكبر شرك الدعاء، وهو: دعاء الأموات، والغائبين في قضاء الحوائج، والاستغاثة بهم في الشدائد، وطلب النصر والرزق منهم، سواء طلب ذلك من الميت من قرب، أو بعد؛ إذا كان الداعي، والطالب يعتقد أنه يفعل ذلك بقدرته، وحينئذ يكون قد جمع بين الشرك في الربوبية، والشرك في العبادة.

وأما إذا كان الداعي للميت يطلب منه أن يدعو الله له، وهو قريب من قبره لاعتقاده أنه يسمع؛ فذلك بدعة، ووسيلة إلى الشرك كما ذكر ذلك شيخ الإسلام ابن تيمية في مواضع من كلامه، ومعلوم أن الدعاء للغير شفاعة له فطالب الدعاء هو طالب للشفاعة، فلهذا يقال له: استشفاع، وتوسل كما قال أمير المؤمنين عمر رضي الله عنه " اللهم إنا كنا نتوسل إليك بنبينا، فتسقينا، وإنا نتوسل إليك بعم نبينا فاسقنا ".، وما ذاك إلا طلب الدعاء من النبي صلى اله عليه وسلم، ثم من العباس، وذلك في حياتهما، ولم يذهب عمر ولا غيره إلى قبر النبي صلى الله عليه وسلم لطلب الدعاء منه مما يدل على أنه غير مشروع، ولا هو سبب لحصول مطلوب، وإذا كان هذا في حق النبي صلى الله عليه فغيره من باب أولى.

وأما إذا اقترن بطلب الدعاء من الميت، والاستشفاع به تقرب إليه بنوع من أنواع العبادة، فذلك عين ما كان يفعله المشركون يعبدون ما يعبدون زاعمين أنهم يشفعون لهم، وأنهم يقربونهم إلى الله كما قال تعالى {وَيَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللّهِ مَا لاَ يَضُرُّهُمْ وَلاَ يَنفَعُهُمْ وَيَقُولُونَ هَؤُلاء شُفَعَاؤُنَا عِندَ اللّهِ قُلْ أَتُنَبِّئُونَ اللّهَ بِمَا لاَ يَعْلَمُ فِي السَّمَاوَاتِ وَلاَ فِي الأَرْضِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ}، وقال تعالى {وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مِن دُونِهِ أَوْلِيَاء مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى إِنَّ اللَّهَ يَحْكُمُ بَيْنَهُمْ فِي

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير