تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

لغيره). وقد اعترض الحافظ ابن كثير على اشتراط الترمذي تعدد الطرق بقوله: وهذا إذا كان قد روي عن الترمذي أنه قاله ففي أي كتاب له قاله؟ وأين إسناده؟ وإن كان فهم من اصطلاحه في كتابه "الجامع" فليس ذلك بصحيح، فإنه يقول في كثير من الأحاديث: هذا حديث حسن غريب، لا نعرفه إلا من هذا الوجه وقد استدرك الحافظ العراقي على ابن كثير إنكاره لوجود هذا التعريف لأنه موجود في آخر كتابه العلل وأما اعتراضه بقول الترمذي هذا حديث حسن غريب، لا نعرفه إلا من هذا الوجه فمن الممكن الرد عليه بأن الترمذي يعني بهذا المصطلح الحسن لذاته ولا يشترط فيه تعدد الطرق (الباعث الحثيث ص53 - 54 طبعة مكتبة السنة)، ويعلق الشيخ أحمد شاكر على شرط تعدد الأوجه بأن الترمذي لا يريد بقوله في بيان معنى الحسن "ويروى من غير وجه نحو (ذلك) " أن نفس الحديث عن الصحابي يروى من طرق أخرى، لأنه لا يكون حينئذ غريبا، وإنما يريد أن لايكون معناه غريبا: بأن يروى المعنى عن صحابي آخر، أو يعتضد بعمومات أحاديث أخر، أو بنحو ذلك، مما يخرج به معناه عن أن يكون شاذا غريبا. فتأمل (الباعث الحثيث ص56 طبعة مكتبة السنة). وقد تعرض الشيخ السعد حفظه الله لتفسير قول الترمذي: (وأن يروى من غير وجه)، وقال بأن هذا يحتمل أحد أمرين:

¨ إما أن يروى لفظه من غير وجه.

¨ وإما أن يروى معناه من غير وجه وهو الأقرب، لأن التقوية قد تكون لذات الخبر وقد تكون لمعناه (وغالبا ما يكون ذلك في الحسن لغيره)، ويدل على ذلك قول الترمذي: وفي الباب عن فلان وفلان، ويذكر أحاديث بمعنى الحديث الأول أو تتعلق بالمسألة التي يدور حولها الحديث الأول، ولا تكون هذه الأحاديث بنفس لفظ الحديث الأول. والشيخ حفظه الله بترجيحه التفسير الثاني يؤيد ما ذهب إليه الشيخ أحمد شاكر فيما تقدم.

وقد أثنى العلماء على صنيع الترمذي بتفريقه بين الشرطين الثاني والثالث فلا يكفي أن يرد الحديث من أكثر من وجه حتى يرتفع لدرجة الحسن لغيره فربما كانت هذه الطرق المتعددة معلولة (كأن يكون رواتها متهمين بالكذب) فهي لا تصلح للمتابعة فلا تتقوى ولا يتقوى بها. ومن الأمثلة التي يتضح بها صنيع الترمذي حكمه على حديث علي رضي الله عنه: (من السنة أن يخرج إلى العيد ماشيا وأن يأكل شيئا قبل أن يخرج) فقد رواه الترمذي (530) وقال حديث حسن وفي اسناده ضعف لكن له شواهد لا يخلو كل منها من ضعف من حديث سعد القرظي وأبي رافع ومرسل سعيد بن المسيب ومرسل الزهري وبمجموع هذا كله فالحديث حسن وقد حسنه الألباني. والمتتبع لأقوال العلماء في صنيع الترمذي في جامعه يتضح له أن هناك بعض التساهل في تصحيح وتحسين الترمذي لبعض الأحاديث ومنهم ابن دحية الذي يقول: كم حسن الترمذي من أحاديث موضوعة وأسانيد واهية. وقال الحافظ الذهبي: لا يعتمد العلماء على تصحيح الترمذي، والترمذي، كما يقول الشيخ مقبل رحمه الله، أكثر تساهلاً من ابن حبان، فالحافظ الذهبي قال في ترجمة كثير بن عبدالله بن عمرو بن عوف وقد ذكر حديث: ((المسلمون على شروطهم)): وأما الترمذي فصحح حديثه، ولهذا لا يعتمد العلماء على تصحيحه، لأنه ذكر في ترجمة كثير بن عبدالله عن الإمام الشافعي وأبي داود قولهما: أنه ركن من أركان الكذب.

وقال في ترجمة يحيى بن يمان: وقد ذكر في ترجمته حديثًا وهو أنّ النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم رأى ناراً في المقبرة، وذهب فإذا هم يحفرون بالليل ودفن في الليل، قال الذهبي: حسّنه الترمذي، وفي سنده ثلاثة ضعفاء، فعند المحاققة غالب تحسينات الترمذي ضعاف، وجدير بالذكر أن الدفن جائز في الليل لأدلة أخرى، كما هم معلوم.

وقال الألباني في معرض تعليقه على حديث ابن عمر في القراءة عند القبور في أحكام الجنائز حينما تكلم على أحد رواة الحديث وهو عبد الرحمن بن العلاء بن اللجلاج: ومما يؤيد ما ذكرنا "من جهالة عبد الرحمن" أن الترمذي مع تساهله في التحسين لما أخرج له حديثا آخر (2/ 128) وليس له عنده غيره سكت عنه ولم يحسنه. (أحكام الجنائز ص 244 مكتبة المعارف). وقد نبه الشيخ عبد الله السعد حفظه الله على أن الحسن عند الترمذي هو الحديث الذي به ضعف أو به علة وذكر بعض الأمثلة على هذا ومنها:

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير