[رجل إمام لا يصلي وراءه إلا امرأة واحدة فقط]
ـ[العوضي]ــــــــ[05 - 03 - 05, 08:01 ص]ـ
السؤال: أنا من فرنسا وقد أسلمت مؤخراً، سؤالي في الصلاة: في حالة إذا ما وجد رجل إمام لا يصلي وراءه إلا امرأة واحدة فقط مع العلم أنهما غير متزوجين، فأنا في حيرة هل تعد هذه صلاة جماعة لها ثواب الجماعة المضاعف أم على العكس، تعد مثل هذه الصلاة غير مشروعة؟ أو حرام مطلقًا؟
الجواب: الحمد لله
إذا كانت هذه المرأة من محارمه فلا حرج من صلاته بها، وتعد صلاة جماعة، أما إذا كانت أجنبيّة عنه، وكانت صلاته بها تستلزم خلوته بها فإنه صلاته بها في هذه الحال حرام. قال النووي: قال في المهذّب: (ويكره أن يصلي الرجل بامرأة أجنبية ; لما روي أن النبي قال: "" لا يخلون رجل بامرأة فإن ثالثهما الشيطان" قال النووي في شرحه: المراد بالكراهة كراهة تحريم , هذا إذا خلا بها. قال أصحابنا: إذا أمَّ الرجل بامرأته أو محرم له , وخلا بها: جاز بلا كراهة ; لأنه يباح له الخلوة بها في غير الصلاة , وإن أمَّ بأجنبية وخلا بها: حرم ذلك عليه وعليها , للأحاديث الصحيحة التي سأذكرها إن شاء الله تعالى.
وإن أمَّ بأجنبيات وخلا بهن: فقطع الجمهور بالجواز , ونقله الرافعي في كتاب العدد عن أصحابنا. ودليله: الحديث الذي سأذكره إن شاء الله تعالى؛ ولأن النساء المجتمعات لا يتمكن في الغالب الرجل من مفسدة ببعضهن في حضرتهن.
وأما الأحاديث الواردة في المسألة: فمنها: ما روى عقبة بن عامر رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "" إياكم والدخول على النساء , فقال رجل من الأنصار , أفرأيت الحمو؟ قال: الحمو الموت " رواه البخاري ومسلم , الحمو: قرابة الزوج , والمراد هنا: قريب تحل له كأخي الزوج وعمه وابنهما وخاله وغيرهم، وأما أبوه وابنه وجده فهم محارم تجوز لهم الخلوة , وإن كانوا من الأحماء.
وعن ابن عباس رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال "" لا يخلون أحدكم بامرأة إلا مع ذي محرم " رواه البخاري ومسلم. وعن ابن عمرو بن العاص رضي الله عنهما أن "" رسول الله صلى الله عليه وسلم قال على المنبر لا يدخلن رجل بعد يومي هذا سرا على مغيبة إلا ومعه رجل أو اثنان " رواه مسلم , المغيبة - بكسر الغين -: التي زوجها غائب , والمراد هنا غائب عن بيتها , وإن كان في البلدة المجموع " (4/ 173، 174). قال الشيخ ابن عثيمين – رحمه الله -: قوله: (وأن يؤم أجنبية فأكثر لا رجل معهن) أي: يُكرَه أنْ يؤمَّ أجنبيةً فأكثر، والأجنبيةُ: مَن ليست مِن مَحارِمِهِ.
وكلامُ المؤلِّف يحتاجُ إلى تفصيل: فإذا كانت أجنبيةٌ وحدَها: فإن الاقتصار على الكراهة فيه نَظَرٌ ظاهرٌ؛ إذا استلزم الخَلوةَ، ولهذا استدلَّ في " الرَّوض " بأن النبي صلى الله عليه وسلم نَهى أنْ يخلوَ الرَّجُلُ بالأجنبيةِ، ولكننا نقول: إذا خَلا بها فإنَّه يحرُمُ عليه أن يَؤمَّها؛ لأنَّ ما أفضى إلى المُحَرَّمِ فهو محرَّمٌ. أما قوله: (فأكثر) أي: أن يَؤمَّ امرأتين، فهذا أيضاً فيه نَظَرٌ مِن جهة الكراهة؛ وذلك لأنَّه إذا كان مع المرأة مثلُها انتفت الخَلوة، فإذا كان الإِنسانُ أميناً فلا حَرَجَ أن يؤمَّهُمَا، وهذا يقع أحياناً في بعضِ المساجدِ التي تكون فيها الجماعةُ قليلةٌ، ولا سيَّما في قيامِ الليلِ في رمضان، فيأتي الإِنسانُ إلى المسجدِ ولا يجدُ فيه رِجالاً؛ لكن يجدُ فيه امرأتين أو ثلاثاً أو أربعاً في خَلْفِ المسجدِ، فعلى كلام المؤلِّفِ: يُكره أنْ يبتدئَ الصَّلاةَ بهاتين المرأتين أو الثلاث أو الأربع. والصحيح: أن ذلك لا يُكره، وأنَّه إذا أمَّ امرأتين فأكثر: فالخَلوةُ قد زالت ولا يُكره ذلك، إلا إذا خَافَ الفِتنةَ، فإنْ خَافَ الفِتنةَ فإنَّه حرامٌ؛ لأنَّ ما كان ذريعةً للحرامِ فهو حرامٌ. وعُلِمَ مِن قوله: (لا رجل معهنَّ) أنَّه لو كان معهنَّ رَجُلٌ فلا كراهةَ وهو ظاهرٌ. " الشرح الممتع " (4/ 250 – 252).
المصدر ( http://www.islamway.com/?iw_s=Fatawa&iw_a=view&fatwa_id=4317)