تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

[هل العلم بالسنة دراية أفضل من العلم بالقرآن رواية؟]

ـ[طارق الحربي]ــــــــ[07 - 03 - 05, 11:30 ص]ـ

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد

فإن من رحمة الله وفضله بأوليائه أن حبب اليهم علوم الشريعة التي يعبدون الله على نورها وينصرون دينه دعوة وجهادا على بصيرتها قال الله تعالى (قل بفضل الله وبرحمته فبذلك فليفرحوا هو خير مما يجمعون) وفضل الله هو الايمان ورحمته القرآن.

ومصدرا تلك الشريعة الغراء الحسناء القرآن والسنة ومايلحق بهما من اجتهادات آراء العلماء المعتبرين حسب ماهو مفصل في دوواين أصول الفقه.

والسنة مبينة للقرآن فكأن السنة بمنزلة التفسير والشرح لمعاني أحكام الكتاب ودل على ذلك قوله تعالى: (وأنزلنا اليك الذكر لتبين للناس ما نزل إليهم) فالسنة راجعة في معناها إلى الكتاب فهي تفصيل مجمله وبيان مشكله وبسط مختصره وذلك لأنها بيان له.

لكن قد تشكل بعض معاني النصوص التي جاءت بها السنة مع القرآن على سبيل المقابلة والمقايسة مثل حديث يؤم القوم أقرؤهم لكتاب الله فإن كانوا في القراءة سواء فأعلمهم بالسنة الحديث

فمامعنى أقرؤهم لكتاب الله؟

هل هو صحة التلاوة أم كثرة الحفظ أم فقه معاني القرآن وتفسيره أم العلم بخصائصه وفضائله ويتفرع عن ذلك الاشكال مسألة هل يؤم المقرىء الفقيه ثم الاستطراد بتحرير مصطلح الإقراء واستخداماته في السنة وعند السلف وهل القراء هم الفقهاء وكلها بحوث تأصيلية أستحث اخوتي طلبة العلم بتحريرها أثرا ونظرا وافادتنا بها في هذا الملتقى المبارك.

لكن مرادي بهذا الاستيضاح هو مالفرق بين علم القرآن استقلالا وعلم السنة من جهة التعريف ومن جهة الفضل لأنه قد جاء من تعليقات شيخ الاسلام ابن تيمية على هذا الحديث قوله دل ذلك على أن العلم بالقرآن أفضل من العلم بالسنة.

ومما استدل عليه في منهاج السنة النبوية أن عثمان 1 - رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ - أفضل من علي 1 - رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ - قال:

(وأما الطريق النظرية فقذ ذكر من ذكره من العلماء فقالوا عثمان كان أعلم بالقرآن وعلي أعلم بالسنة وعثمان أعظم جهادا بماله وعلي أعظم جهادا بنفسه وعثمان أزهد في الرياسة وعلي أزهد في المال وعثمان أورع عن الدماء وعلي أورع عن الأموال وعثمان حصل له من جهاد نفسه حيث صبر عن القتال ولم يقاتل مالم يحصل مثله لعلي وقال النبي صلى الله عليه وسلم المجاهد من جاهد نفسه في ذات الله وسيرة عثمان في الولاية كانت أكمل من سيرة علي فقالوا فثبت أن عثمان أفضل لأن علم القرآن أعظم من علم السنة وفي صحيح مسلم وغيره أنه قال يؤم القوم أقرؤهم لكتاب الله فإن كانوا في القراءة سواء فأعلمهم بالسنة وعثمان جمع القرآن كله بلا ريب وكان أحيانا يقرؤه في ركعة وعلي قد اختلف فيه هل حفظ القرآن كله أم لا) انتهى كلام شيخ الاسلام.

وأيضا قد مر معي في موضع غابت عني مظنته قول أحد الأسلاف فلان أعلمنا بالحديث وقول الآخر أما أنا فأنسب الى علم القرآن، مما يبين أن هذا التمايز كان جليا عند علماء السلف رحمهم الله.

وقد اجتهدت حسب بضاعتي المزجاة من العلم نور الله قلبي وقلوبكم بأنوار الوحيين في تفكيك هذا الاشكال حسب التالي:

1. مراتب العلم والعمل ثلاثة:

مرتبة الرواية أي مجرد النقل وحمل المروي وهي همة النقلة علماء الأثر.

ومرتبة الدراية أي فهم المروي وتعقل معناه وهي همة العلماء علماء النظر.

ومرتبة الرعاية أي العمل بموجب ماعلمه ومقتضاه وهي همة العارفين.

2. حديث من يرد الله به خيرا يفقهه في الدين كما أن من دلالاته أن من لم يرد الله به خيرا لايفقهه في الدين فإن معنى ذلك الفقه المراد هو العلم بألفاظ الشريعة (كتابا وسنة) مما يمكن الحاقه بمرتبة الرواية، والعلم بمعاني تلك الألفاظ ومرادات الله تعالى ورسوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - من كلامهما ومقاصد الشريعة ومحاسنها والفهم عن الله ورسوله مما يمكن إلحاقه بمرتبة الدراية، ثم العمل بمقتضى ذلك العلم رعاية له.

3. وبالاتفاق أن ثمرة العلم النافع هو العمل الصالح والا كان العلم وبالا على صاحبه، فإن المفاضلة ستكون بين مرتبتي الرواية والدراية أو ما يتعلق بالألفاظ والمعاني فيما يخص القرآن والحديث، وهذا هو بيت القصيد من استنباطي أسأل الله تعالى السداد لي ولكم في القول والعمل.

ففي باب الرواية (أعلمنا بالقرآن) معناه كل مايتعلق بتلاوة القرآن وخصائصه مثل الحفظ والقراءات وباقي فروع علوم القرآن مما له تعلق باللفظ دون المعنى، أو أن تعلقه باللفظ تعلق مباشر أثناء الأداء أكثر من تعلقه بالمعنى ولو كان مؤثرا فيه مثل حال علم القراءات.

و (أعلمنا بالحديث) معناها بصحيحه من سقيمه وعلم الرجال والمصطلح والمسانيد والروايات وهكذا مما له تعلق بألفاظ الحديث.

أما باب الدراية فإن العلم بالقرآن أو حلية ابن مسعود 1 - رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ -: ولو أعلم أحدا أعلم مني بكتاب الله تبلغه الإبل لركبت إليه. أو حلة ابن عباس رضي الله عنهما: اللهم فقهه في الدين وعلمه التأويل.

فإن (أعلمنا بالقرآن) في هذا الباب أي أفقهنا في الدين استباطا من دلالات القرآن، و (أعلمنا بالسنة) أي أفقهنا في الدين استنباطا من دلالات السنة.

وعليه فهل يقال أن العلم بالسنة دراية أفضل من العلم بالقرآن رواية على التفصيل السابق، أو أن هذه الصورة غير موجودة أصلا لأن من أحاط بالقرآن رواية وفتح الله عليه من فقه السنة فإن مما يصاحب ذلك فقه القرآن.

أو يقال أن كل أحوال المفاضلة محمولة على مرتبة الرواية دون الدراية.

نورونا أسأل الله لي ولكم علما نافعا ورزقا طيبا وعملا متقبلا.

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير