قال تعالى:"وخلق الإنسان ضعيفا" وقال في آية الأحزاب:"إنه كان ظلوما جهولا" ولذلك فابن آدم يسعى على الدوام لدفع ذلك عن نفسه بطلب ضديهما وهما القوة والعلم. قال تعالى في صفة طالوت لما بعثه ملكا:"وزاده بسطة في العلم والجسم" فجمع له بين القوة العلمية والقوة العملية.
هذا وبقي في الأحاديث عنه صلى الله عليه وسلم فائدتان لطيفتان تزيلان لبساَ كثيراً. الفائدة الأولى في قوله عليه الصلاة والسلام:" فإنها تذهب حتى تسجد تحت العرش" عند البخاري وغيره. ولم يقل عليه الصلاة والسلام أنها "تغرب تحت العرش" أو "حتى تغرب تحت العرش" وهذا فهم توهمه بعض الناس الذين أشكل عليهم هذا الحديث وهو فهم مردود لأن ألفاظ الحديث ترده. فقوله:"تذهب" دلالة على الجريان لا دلالة على مكان الغروب لأن الشمس لا تغرب في موقع حسي معين وإنما تغرب في جهة معينة وهي ما اصطلح عليه الناس باسم الغرب والغروب في اللغة التواري والذهاب كما ذكره ابن منظور وغيره يقال غرب الشيء أي توارى وذهب وتقول العرب أغرب فلان أي أبعد وذهب بعيداً عن المقصود.
أما الفائدة الثانية فهي في قوله صلى الله عليه وسلم:" فتصبح طالعة من مطلعها ثم تجري لا يستنكر الناس منها شيئا" والشاهد منه قوله صلى الله عليه وسلم:" لا يستنكر الناس منها شيئا". وكأن في هذا دلالة ضمنية على علمه صلى الله عليه وسلم بأن هناك من الناس من قد يستشكل معنى الحديث فيتوهم أن الشمس تقف أو تتباطأ للسجود فينكر الناس ذلك ويرهبونه. إلا أنه صلى الله عليه وسلم أشار في الحديث إلى جريان الشمس على عادتها مع انها تسجد ولكنه سجود غير سجود الآدميين ولذلك تصبح طالعة من مطلعها تجري لا يستنكر الناس منها شيئاً وواضح من كلامه صلى الله عليه وسلم مفهوم المخالفة الدال على عدم استنكار الناس رغم سجود الشمس واستئذانها وكما قدمنا فإن سجود الشمس لا يستلزم وقوفها وهو اللبس الذي أزاله صلى الله عليه وسلم بقوله:" فتصبح طالعة من مطلعها ثم تجري لا يستنكر الناس منها شيئا" كما أن العقل يدل على ذلك إذ أن فرق المسافة التي يقطعها الضوء القادم من الشمس إلى الأرض يبلغ حوالي ثمان دقائق وهذا يعني انه لو حدث خطب على الشمس أو فيها فإننا لا نراه إلا بعد ثمان دقائق من حصوله وعليه فما الذي يمنع أن تكون الشمس ساجدة في بعض هذا الوقت – لا كله – ولو بأجزاء من الثانية لله تعالى تحت عرشه ونحن لا نعلم عن ذلك لغفلتنا وانشغالنا بضيعات الدنيا.
وحتى لو سلمنا بانعدام هذا الفارق الزمني فإننا قد أوضحنا أن الشمس تسجد على صفة مخصوصة منفصلة بهيئتها وصورتها عن معتاد التصور و من حيث أصل المعنى داخلة في معنى مطلق الخضوع الدال عليه لفظ السجود لغة لا اصطلاحاً كصنيعنا في الصلاة من حيث الهبوط والنزول والطمأنينة والتوقف لبعض الوقت ولو كان سجود الشمس كسجودنا لتعطلت مصالح العباد وفسدت معيشتهم والله تعالى يقول:"لا الشمس ينبغى لها أن تدرك القمر ولا الليل سابق النهار وكل في فلك يسبحون" والفلك من قول العرب تفلك ثدي الجارية إذا استدار وقال ابن عباس: في فلك مثل فلكة المغزل أ. هـ. وفلكة الغزل عندهم كانت مستديرة لتناسب إتمام نسج اللباس ومنه جاء معنى الاستدارة. وفي ما ذكرنا كفاية إن شاء الله والحمد لله رب العالمين.
(منقول)
كتبه وحرره طالب المغفرة
أبوضياء عبدالله بن سعيد الشهري
ـ[عبد الحميد الفيومي]ــــــــ[17 - 04 - 10, 09:17 ص]ـ
للفائدة
ـ[عبدالله الشهري]ــــــــ[06 - 05 - 10, 06:37 ص]ـ
"رفع اللبس عن حديث سجود الشمس": نسخة منقحة ومصححة مع فوائد علمية ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=80836)
ـ[المسلم الحر]ــــــــ[06 - 05 - 10, 06:04 م]ـ
بارك الله فيك أخي الكريم و جزاك الله خيرا ..
موضوع قيم و نقل رائع و لي نصيحة لك أخي الكريم
وهي أن بعض الناس قد يكتب في باب الاعتقاد و في مسائل مشكلة منه و لعدم معرفة الناس بهذا الإنسان فقد يشكل عليهم ما يقرأون ولذلك أنصحك أخي الحبيب بعرض كلامك هذا على أحد أهل العلم المعروفين ثم ليكتب لك تعليقا على كلامك تأييدا و نصرة له ثم انشره في مقدمة بحثك و أتمنى أن يكون التعليق من عالم شرعي و عالم في علوم الأرض من أمثال الدكتور زغلول النجار و غيره
و دمت بخير أخي الكريم
ـ[عبدالله الشهري]ــــــــ[06 - 05 - 10, 06:13 م]ـ
جزاك الله خيرا، اقتراح موفق وهو على بالي، ولكن احتاج لتحريره شيئاً ما ثم التقديم له من عالم شرعي وعالم علوم طبيعية مشهود له بالمعرفة، والله الموفق.
ـ[عبدالعزيز أبو عبدالله]ــــــــ[06 - 05 - 10, 09:03 م]ـ
قوله عليه السلام: تخر ..... ارتفعي
يدل على المعنى المعهود من السجود ... لا المعنى العام الذي هو الخضوع
وعليه فيكون سجودا خاصا بالشمس والظل لاندركه نحن
كما أنها تسبح وتتكلم كلاما لاندركه ولايلزم من المشابهة من أن لها لسانا وحنجرة وما إلى ذلك ...
والله أعلم.
¥