( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=26#_ftn12)) .
إن الشيء إذا تكرر تقرّر وثبت وانتصر. فتكرار لفظة الشفاء مقصود في الحديث. إن إسماع المريض كلمات الرقية وتكرير لفظة الشفاء خمس عشرة مرة إذا كُرر الحديث ثلاث مرات مثلا، هذا يحيط المريض بجو نفسي خاص من الشفاء يمهد لسيطرة فكرة الشفاء التي يفرضها التكرار على اللاوعي. هذا الإلحاح المكرر يرسخ إيحاءات الكلمة ويهيئ الطبيعة لتقبل الشفاء، وبناء حالة من الشفاء النفسي والذهني الذي ينعكس إيجابا على الجسم.
وفي قوله r : « اشْفِهِ» تعيين للمريض، لأن الضمير في الفعل عائد عليه. وقد وقع في رواية ذكر المريض بالاسم: «اكْشِفْ الْبَأْسَ رَبَّ النَّاسِ عَنْ ثَابِتِ بنِ قَيْسِ بْنِ شَمَّاسٍ» ([13] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=26#_ftn13)) . وفائدة ذلك، الاستعانة على المرض بتركيز الدعاء وحصر أثره. ومنه قول النبي r لما عاد سعد بن أبي وقاص t : « اللهم اشف سعدا اللهم اشف سعدا» ثلاث مرار ([14] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=26#_ftn14)) .
وقوله r : « لا شِفَاءَ إِلاّ شِفَاؤُكَ» تضمن حقيقة التوكل على الله U فليس يحصل الشفاء إلا من جهته U . ولا ينزل إلا بعد إذنه U .
وفي قوله r : « شِفَاءً لاَ يُغَادِرُ سَقَمَاً» دعاء للمريض بالشفاء المطلق من المرض وليس بمطلق الشفاء. والغرض من هذا القيد الأخير بيان أن أفضل الدواء على الإطلاق، هو الاستشفاء بالرقية والدعاء. وقوله r : « لاَ يُغَادِرُ سَقَمَاً» أي: لا يترك سقما. والسقم تأثير المرض في البدن خاصة، والمرض يكون في النفس وفي البدن.
والمقصود أن مفهوم الرقية في الإسلام قد توسع ليشمل مختلف الآفات التي قد تصيب الإنسان، سواء كانت جسدية (اللدغة) أو عقلية (العته) أو نفسية (الوسوسة). كما أضاف الإسلام إلى الرقية إضافات ذات قيمة شفائية، لا يمكن تجاهلها. فهناك إضافات ارتبطت بكيفيات كالمسح والتيامن ووضع اليد على موضع الألم والتكرار وتركيز الدعاء والعدد سبعة، وهناك إضافات ارتبطت بأعيان منها البزاق والهواء الخارج بالنفث والتراب والماء.
4 - مبدأ الاقتباس:
هو لون من ألوان اكتساب المعرفة، مداره على الاستفادة من خبرة الغير لخدمة الأهداف الذاتية. لابد فيه من الإرادة الحرة، وتحقق المصلحة الجالب لها. وقد مر بنا كيف انفتح الإسلام على رقى الجاهلية ورضي منها ما يخدم مقاصده. والأصل فيه قول النبي r لآل عمرو بن حزم: «ما أرى بأسا». وذلك عندما عرضوا عليه r رقية كانت بالجاهلية.
5 - مبدأ الربط:
ربط الإسلام الرقية بمقاصده كما هي عادته في رعاية المصالح والدوْر معها حيث دارت. فحتى لا تتحول الرقية إلى فعل سحري أو كهانة مفسدة، علق صحتها على شرط التوحيد وربطها به: «لا بأس بالرقى ما لم تكن شركا». وحتى لا تنقلب الرقية سلوكا عدوانيا شريرا أو استغلالا أنانيا للغير، ربطها بالمصلحة الإنسانية والأخوة الإيمانية. قال r لما عرض عليه آل عمرو بن حزم رقيتهم: «ما أرى بأسا، من استطاع منكم أن ينفع أخاه فلينفعه».
ومن بحث عن مصدر اضطراب الرقية اليوم، وجده كامنا في مخالفة هذين الأصلين: انتشار السحر والكهانة والشعوذة، وسيطرة النفعية المادية والاستغلال. ومن نجا من الأولى وقع في الثانية.
6 - مبدأ التعليم:
لا يرسخ العلم إلا بالتعليم والتبليغ، وهذا عين ما فعله الإسلام في ترسيخ التداوي بالرقية وتعميقها وجعلها من أولويات الصحة العامة. والدليل أن النبي r دخل على حفصة وعندها امرأة يقال لها شفاء ترقي من النملة. فقال النبي r : « علميها حفصة» ([15] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=26#_ftn15)) . وفي هذا دليل على أن المرأة يجوز لها أن ترقي.
¥