وهذا مركب على مسألة الزيادة في الماهية والخارج عن الماهية؛ فإن زيادة الأفعال تعتبر زيادة في الماهية فأبطلت؛ لأنها زيادة في هيئة الصلاة، بخلاف زيادة الأقوال فإنها لا تؤثر في الهيئة، فالهيئة على ما هي عليه، قالوا: وبناء على ذلك لا يؤثر هذا على صلاته"ا. هـ
وقال أيضا (درس رقم 41):
" ... أما في حال التعمد والقصد فلا يشرع (يتكلم عن سجود السهو)، كما لو صلى الظهر فزاد قراءة الفاتحة مرتين متعمدا، فهذه زيادة ركن قولي، أو زاد ركوعا مع الركوع الذي شرعه الله في أي ركعة من ركعات الظهر، وهذه زيادة ركن فعلي.
ففي هاتين الحالتين تبطل صلاته، ويكاد يكون بإجماع العلماء أن من زاد في صلاته ركنا واحدا متعمدا فقد أحدث وابتدع وترتب عليه أمران: الأمر الأول: أنه آثم لإحداثه في دين الله وابتداعه، ومعلوم ما للبدعة من سوء عاقبة والعياذ بالله، فإن صاحبها يفتن، كما قال تعالى: {فليحذر الذين يخالفون عن أمره أن تصيبهم فتنة} [النور:63] ويصرف عن حوض النبي صلى الله عليه وسلم، فالمبتدع لا يسقى من حوض النبي صلى الله عليه وسلم، فالذي يزيد ركعة، أو يحدث في صلاته ركنا زائدا، أو واجبا زائدا، فإنه قد أحدث في دين الله ما لم يأذن الله عز وجل به، ويحكم ببطلان صلاته؛ لأنه لم يصل كما أمره الله، وقد قال عليه الصلاة والسلام -وهو يبين تأقيت الصلاة وتحديدها وأنها عبادة لا مجال فيها للرأي والاجتهاد-: (صلوا كما رأيتموني أصلي) أي: لا تجتهدوا من عند أنفسكم.
أما لو اجتهد العالم في إثبات حكم في الصلاة بناء على كتاب أو سنة فلا حرج؛ لأنه من الدين، أما أن يأتي إنسان ويقول: أصلي الظهر بدل ركعتين ثلاثا.
فقد حبط عمله وكان من الخاسرين، فصلاته رد عليه.
الأمر الثاني: قال بعض العلماء: زيادة الأركان وزيادة الركعات استهزاء واستخفاف -والعياذ بالله-، والاستخفاف بهذه الشعيرة أمره عظيم، ولذلك يخشى على صاحبه.
4 - وفي الشرح الممتع للعلامة ابن عثيمين- (ج 3 / ص 80)
" قوله: «وتكرار الفاتحة» أي: ويكره تكرار الفاتحة مرتين، أو أكثر.
وتعليل ذلك: أنه لم ينقل عن النبي صلى الله عليه وسلم. والمكرر للفاتحة على وجه التعبد بالتكرار لا شك أنه قد أتى مكروها؛ لأنه لو كان هذا من الخير لفعله النبي صلى الله عليه وسلم، لكن إذا كرر الفاتحة لا على سبيل التعبد، بل لفوات وصف مستحب؟ فالظاهر الجواز، مثل: أن يكررها لأنه نسي فقرأها سرا في حال يشرع فيها الجهر، كما يقع لبعض الأئمة ينسى فيقرأ الفاتحة سرا، فهنا نقول: لا بأس أن يعيدها من الأول استدراكا لما فات من مشروعية الجهر، وكذلك لو قرأها في غير استحضار، وأراد أن يكررها ليحضر قلبه في القراءة التالية؛ فإن هذا تكرار لشيء مقصود شرعا، وهو حضور القلب، لكن إن خشي أن ينفتح عليه باب الوسواس فلا يفعل، لأن البعض إذا انفتح له هذا الباب انفتح له باب الوسواس الكثير، وصار إذا قرأها وقد غفل في آية واحدة منها ردها، وإذا ردها وغفل ردها ثانية، وثالثة، ورابعة، حتى ربما إذا شدد على نفسه شدد الله عليه، وربما غفل في أول مرة عن آية، ثم في الثانية يغفل عن آيتين، أو ثلاث"ا. هـ
ثالثا: في سجود السهو لهذا الفعل
1 - قال في المغني (ج 3 / ص 158):
"الضرب الثاني، زيادات الأقوال، وهي قسمان أيضا.
أحدهما، ما يبطل عمده الصلاة، كالسلام وكلام الآدميين، فإذا أتى به سهوا فسلم في غير موضعه، سجد، على ما ذكرناه في حديث ذي اليدين وإن تكلم في الصلاة سهوا، فهل تبطل الصلاة به أو يسجد للسهو؟ على روايتين.
القسم الثاني، ما لا يبطل عمده الصلاة، وهو نوعان: أحدهما، أن يأتي بذكر مشروع في الصلاة في غير محله، كالقراءة في الركوع والسجود، والتشهد في القيام والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم في التشهد الأول، وقراءة السورة في الأخريين من الرباعية أو الأخيرة من المغرب وما أشبه ذلك إذا فعله سهوا، فهل يشرع له سجود السهو؟ على روايتين.
إحداهما، لا يشرع له سجود؛ لأن الصلاة لا تبطل بعمده، فلم يشرع السجود لسهوه، كترك سنن الأفعال
والثانية، يشرع له السجود، لقوله عليه الصلاة والسلام {إذا نسي أحدكم فليسجد سجدتين وهو جالس} رواه مسلم "ا. هـ
2 - وفي حاشية الصاوي على الشرح الصغير - (ج 2 / ص 69)
¥