ـ وفي رواية: "أَصَابَ أَهْلَ الْمَدِينَةِ قَحْطٌ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، فَبَيْنَا هُوَ يَخْطُبُ يَوْمَ جُمُعَةٍ، إِذْ قَامَ رَجُلٌ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ، هَلَكَتِ الْكُرَاعُ، هَلَكَتِ الشَّاءُ، فَادْعُ اللَّهَ يَسْقِينَا، فَمَدَّ يَدَيْهِ وَدَعَا، قَالَ أَنَسٌ: وَإِنَّ السَّمَاءَ لَمِثْلُ الزُّجَاجَةِ، فَهَاجَتْ رِيحٌ أَنْشَأَتْ سَحَابًا، ثُمَّ اجْتَمَعَ، ثُمَّ أَرْسَلَتِ السَّمَاءُ عَزَالِيَهَا، فَخَرَجْنَا نَخُوضُ الْمَاءَ حَتَّى أَتَيْنَا مَنَازِلَنَا، فَلَمْ نَزَلْ نُمْطَرُ إِلَى الْجُمُعَةِ الأُخْرَى، فَقَامَ إِلَيْهِ ذَلِكَ الرَّجُلُ، أَوْ غَيْرُهُ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ، تَهَدَّمَتِ الْبُيُوتُ، فَادْعُ اللَّهَ يَحْبِسْهُ، فَتَبَسَّمَ، ثُمَّ قَالَ: حَوَالَيْنَا وَلاَ عَلَيْنَا، فَنَظَرْتُ إِلَى السَّحَابِ تَصَدَّعَ حَوْلَ الْمَدِينَةِ كَأَنَّهُ إِكْلِيلٌ.".
أخرجه أحمد , وعبد بن حميد , والبخاري , ومسلم , وأبو داود , والنسائي , وأبو يعلى، وابن خزيمة، وابن حِبان.
ــــــــــ
فَوَأَلْنَا؛ أي لجأنا، يعني إلى البيوت.
إكليل؛ هو كل ما أحاط بشيء، ومعناه أحاط المطر بالمدينة.
ــــــــــ
* * *
عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ الأَنْصَارِيِّ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ، قَالَ:
"أَصَابَتِ النَّاسَ سَنَةٌ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، فَبَيْنَا رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَخْطُبُ عَلَى الْمِنْبَرِ، يَوْمَ الْجُمُعَةِ، قَامَ أَعْرَابِيٌّ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ، هَلَكَ الْمَالُ، وَجَاعَ الْعِيَالُ، فَادْعُ اللَّهَ لَنَا أَنْ يَسْقِيَنَا، قَالَ: فَرَفَعَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَدَيْهِ، وَمَا فِي السَّمَاءِ قَزَعَةٌ، قَالَ: فَثَارَ سَحَابٌ أَمْثَالُ الْجِبَالِ، ثُمَّ لَمْ يَنْزِلْ عَنْ مِنْبَرِهِ، حَتَّى رَأَيْتُ الْمَطَرَ يَتَحَادَرُ عَلَى لِحْيَتِهِ، قَالَ: فَمُطِرْنَا يَوْمَنَا ذَلِكَ، وَفِي الْغَدِ، وَمِنْ بَعْدِ الْغَدِ، وَالَّذِي يَلِيهِ، إِلَى الْجُمُعَةِ الأُخْرَى، فَقَامَ ذَلِكَ الأَعْرَابِيُّ، أَوْ رَجُلٌ غَيْرُهُ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ، تَهَدَّمَ الْبِنَاءُ، وَغَرِقَ الْمَالُ، فَادْعُ اللَّهَ لَنَا، فَرَفَعَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَدَيْهِ، وَقَالَ: اللَّهُمَّ حَوَالَيْنَا وَلاَ عَلَيْنَا، قَالَ: فَمَا جَعَلَ يُشِيرُ بِيَدِهِ إِلَى نَاحِيَةٍ مِنَ السَّمَاءِ، إِلاَّ تَفَرَّجَتْ، حَتَّى صَارَتِ الْمَدِينَةُ فِي مِثْلِ الْجَوْبَةِ، حَتَّى سَالَ الْوَادِي - وَادِي قَنَاةَ - شَهْرًا، قَالَ: فَلَمْ يَجِئْ أَحَدٌ مِنْ نَاحِيَةٍ إِلاَّ حَدَّثَ بِالْجَوْدِ.".
أخرجه أحمد , والبخاري , ومسلم , والنسائي.
ــــــــــ
سَنَةٌ؛ أي قحطٌ.
تَفَرَّجَتْ؛ أي تقطع السحاب، وزال عنها.
الْجَوْبَة، هي الفجوة، ومعناه تقطع السحاب عن المدينة، وصار مستديرا حولها.
بِالْجَوْدِ؛ أي بالمطر الشديد.
ــــــــــ
* * *
عَنْ عَبْدِ العَزِيزِ بن صُهَيْبٍ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، قَالَ:
"أَصَابَ أَهْلَ الْمَدِينَةِ قَحْطٌ، عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، فَبَيْنَا هُوَ يَخْطُبُ يَوْمَ جُمُعَةٍ، إِذْ قَامَ رَجُلٌ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ، هَلَكَتِ الْكُرَاعُ، هَلَكَتِ الشَّاءُ، فَادْعُ اللَّهَ أَنْ يَسْقِيَنَا، فَمَدَّ يَدَيْهِ وَدَعَا. قَالَ أَنَسٌ: وَإِنَّ السَّمَاءَ لَمِثْلُ الزُّجَاجَةِ، فَهَاجَتْ رِيحٌ أَنْشَأَتْ سَحَابًا، ثُمَّ اجْتَمَعَ، ثُمَّ أَرْسَلَتِ السَّمَاءُ عَزَالِيَهَا، فَخَرَجْنَا نَخُوضُ الْمَاءَ، حَتَّى أَتَيْنَا مَنَازِلَنَا، فَلَمْ نَزَلْ نُمْطَرُ إِلَى الْجُمُعَةِ الأُخْرَى، فَقَامَ إِلَيْهِ ذَلِكَ الرَّجُلُ - أَوْ غَيْرُهُ - فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ، تَهَدَّمَتِ الْبُيُوتُ، فَادْعُ اللَّهَ يَحْبِسْهُ، فَتَبَسَّمَ، ثُمَّ قَالَ: حَوَالَيْنَا وَلاَ عَلَيْنَا، فَنَظَرْتُ إِلَى السَّحَابِ تَصَدَّعَ حَوْلَ الْمَدِينَةِ كَأَنَّهُ إِكْلِيلٌ.".
ـ وفي رواية: "أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَامَ إِلَيْهِ رَجُلٌ، وَهُوَ يَخْطُبُ، فَذَكَرَهُ، فَرَفَعَ يَدَيْهِ، وَأَشَارَ عَبْدُ الْعَزِيزِ، فَجَعَلَ ظَهْرَهُمَا مِمَّا يَلِي وَجْهَهُ.".
أخرجه أحمد , والبخاري , وأبو داود، وأبو يعلى.
ــــــــــ
الْكُرَاعُ؛ اسم لجميع الخيل.
عَزَالِيَهَا؛ هو فم القربة، فشبه اتساع المطر واندفاقه بالذي يخرج من فم القربة.
ــــــــــ
* * *
أرجو من الله تعالى أن يوفقنا جميعًا لطاعته، وطاعة نبيه صلى الله عليه وسلم، وأن يعلمنا ما جهلنا، وأن يبصرنا بعيوبنا وأخطائنا، إنه نِعْمَ المولى، ونعم النَّصير.
وإلى لقاء آخر، إن شاء الله، أواصل فيه ما بدأت.
* * *
¥