لكن الدراسة أكّدت أن الاستِرقاق، الذي تصاحبه أشكال العُنف العِقابي، يكاد يكون قد اختفى، وأصبح سوء المعاملة نادرا وما يوجد منه يتمّ في إطار سرّي، وكذلك اختفت عمليات بيع وشراء الأرقاء، إلا أن الدراسة أكّدت أنه لا تزال هناك سلوكيات تحقير وإهانة من قِبل الأسياد للأرقاء.
وأوضحت الدراسة كذلك، أن فتيات ونساء شريحة الأرقاء عُرضة للاستغلال الجنسي (التسري)، أكثر من نظيراتهن من بنات الطبقات الأخرى، خصوصا من طرف أسيادهن، ولاحظت الدراسة نوعا من الوعي، قالت إنه بدأ ينتشِر في أوسط طبقة العبيد، نتيجة للتّمدرُس وظهور الديمقراطية، وكذلك بفعل نشاط المنظمات غير الحكومية الوطنية وانهيار نظم الإنتاج التقليدية، التي كانت تعتمد في مردوديتها وفعاليتها، على العمل غير المأجور.
توزيع عِرقي
وتتحدّث الدراسة بالتفصيل عن انتشار هذه الظاهرة في صفوف القوميات والأعراق، المشكِّلة للمجتمع الموريتاني، حيث أوضحت أن العبودية في أوساط الأكثرية العربية، أقل قسوة وعنفا منها لدى الأقلية الزِّنجية، التي تقول الدراسة، إنه في بعض فئاتها، لا تزال الظاهرة تنتشر بشكل فظيع، حيث لا يزال الأسياد في بعض الأحيان، يرفضون وبشكل علني، دفن الموتى من العبيد في مقابر الأسياد، وتشكِّل طبقة الأرقّاء في هذه الأقليات، مجتمعا منغلِقا على نفسه لا سبيل إلى اختلاطه بطبقة الأسياد.
هذه الدراسة، التي تُعتبر الأولى من نوعها، انتقدها الكثير من الباحثين واعتبروها غير دقيقة واعتمدت على معايير ومنهاج غير عِليمة، خصوصا أنها اكتفت بأخذ عيِّنات من ثلاث ولايات، هي العاصمة نواكشوط وولاية اترارزة والبراكنة المحاذيتين، وأهملت ولايات أخرى، مثل الحوضين ولعصابة وكوركول، التي ينتشر فيها الفقر بشكل كبير، قياسا مع الولايات المذكورة في الدراسة، يُضاف إلى ذلك، أن الدراسة كشفت أن نسبة تزيد على 50% من المستجوبين، رفضوا الردّ على الأسئلة الموجهة إليهم من قِبل مندوبي المنظمة.
غير أن القائمين على المنظمة يؤكِّدون أن الدراسة تمّت وِفقا لمعايير عِلمية مجرّدة، ولم تتدخّل فيها أية جهة مَهمَا كانت، كما أنها ابتعدت عن تأثير التجاذبات السياسية، التي تخوض في موضوع ظاهرة العبودية بشكل شِبه يومي.
قانون لمحاربة الظاهرة أم لتكريسها؟
ويأتي الكشف عن هذه الدراسة، في وقت أعلنت فيه الحكومة الموريتانية طرح مشروع قانون جديد، لا يزال رَهن الدراسة في أروِقة البرلمان، لمحاربة هذه الظاهرة ومعاقبة مرتكبيها، إلا أن مشروع القانون الجديد أثار حفيظة المنظمات المناهضة للعبودية واعتبره البعض منها، تشجيعا لاستمرار الظاهرة، كما أعربت بعض الأحزاب السياسية عن رفضِها له، بما في ذلك بعض أحزاب الأغلبية الحاكمة في البلد، وهو ما يعني - أمام إصرار السلطات على تقديمه إلى البرلمان - احتمال حدوث تصدّعات في كُتلة الأغلبية.
وتقول السلطات، إن القانون الجديد، الذي سيناقَش بعد أسابيع قليلة في دورة طارئة للبرلمان، جاء لسدّ الفراغ في التّرسانة القانونية في هذا المجال، والمؤلفة أساسا من قانون إلغاء الرق الصادر سنة 1981 وقانون محاربة استغلال الأشخاص، الصادر سنة 2003، فضلا عن قانون العقوبات الموريتاني.
وينصّ القانون الجديد على عقوبات صارمة في هذا المجال ضد مُمارسي العبودية والمُتستِّرين والمتواطِئين معهم، ويقول بوبكر ولد مسعود، رئيس منظمة "نجدة العبيد"، إن القانون الجديد شكّل صدمة بالنسبة له، إذ أنه جاء خاليا من أي تعريف لظاهرة العبودية، بل بدا وكأنه يشرِّع هذه الظاهرة من خلال تأسيسه على قانون إلغاء الرقّ سنة 1981، الذي نص على تحرير العبيد وتعويض أسيادهم عن ذلك، وهو ما يُعتبر اعترافا وتشريعا – يُضيف ولد مسعود – لهذه الظاهرة البغيضة.
كما انتقده الوزير السابق، المدير ولد بون، الذي اعتبر أن القانون الجديد يرصد بعضا من مخلّفات العبودية، لكنه يتجاهل تعريفها، وهذا أمر أساسي، ودعا ولد بون، الذي ينحدر من طبقة الأرقّاء السابقين، إلى العودة إلى تعاليم الإسلام بهذا الخصوص، مؤكّدا أن الشعب الموريتاني شعب مسلم ولا سبيل إلى حل مشكلة العبودية فيه، دون الرجوع إلى تعاليم الدين الإسلامي، التي قال إنها تضمَن للجميع الحرية والمساواة.
بينما يقول الدكتور محمد الأمين ولد الكتاب، رئيس فرع المنظمة العربية لحقوق الإنسان في موريتانيا، إن مشكلة العبودية في موريتانيا، ليست مشكلة نصوص أو تشريعات، وإنما المهم هو وجود آليات، من شأنها أن تضمَن تطبيق القانون وإرادة سياسية جادّة في تعميم القانون وإشاعته، حتى يطلع عليه الكثيرون عبر وسائل الإعلام وعبر الندوات والمهرجانات وغيرها، وحتى يتمكّن الضحايا من أخذ قضيتهم بأنفسهم.
نواكشوط – محمد محمود أبو المعالي
منقول
ـ[ابن وهب]ــــــــ[20 - 12 - 08, 03:26 م]ـ
ولا يسلم لما في التقرير ,هناك فرق بين استرقاق الأحرار وسرقة العبيد
وبعض ما كان يحصل في الحروب هو من باب سرقة العبيدفتأتي قبيلة تسرق عبيد القبيلة الأخرى
وكثير من الزنوج لم يكونوا من أهل القبلة ولا من أهل الذمة
فمثل هذا التقرير وغيره فيه نظر بين
وقد كان هناك أرقاء أبا عن جد في بلاد المسلمين
ثم هنامسألة أخرى
قال أبو عبيد القاسم بن سلام
(قال: وحدثنا عبد الله بن صالح، عن الليث بن سعد، قال: إنما الصلح بيننا وبين النوبة على أن لا نقاتلهم ولا يقاتلونا، وأنهم يعطوننا دقيقا ونعطيهم طعاما، قال: وإن باعوا أبناءهم لم أر بأسا على الناس أن يشتروا منهم قال الليث: وكان يحيى بن سعيد الأنصاري لا يرى بذلك بأسا، قال: ومن باع ولده من أهل الصلح من العدو فلا بأس باشتراء ذلك منهم قال أبو عبيد: وكذلك كان الأوزاعي، قال: لا بأس به، لأن أحكامنا لا تجري عليهم. وأما سفيان وأهل العراق فيكرهون ذلك. قال أبو عبيد: وهو أحب القولين إلي؛ لأن الموادعة أمان، فكيف يسترقون؟)
انتهى
¥