الرابع والثلاثون: هي الساعة التي كان النبي صلى اللَّه عليه وآله وسلم يصلي فيها الجمعة. رواه ابن عساكر عن ابن سيرين. قال الحافظ: وهذا يغاير الذي قبله من جهة إطلاق ذلك وتقييد هذا.
الخامس والثلاثون: من صلاة العصر إلى غروب الشمس ويدل على ذلك حديث ابن عباس عند ابن جرير وحديث أبي سعيد عنده بلفظ: (فالتمسوها بعد العصر) وذكر ابن عبد البر أن قوله (فالتمسوها) إلى آخره مدرج ورواه الترمذي عن أنس مرفوعًا بلفظ: (بعد العصر إلى غيبوبة الشمس) وإسناده ضعيف.
السادس والثلاثون: في صلاة العصر رواه عبد الرزاق عن يحيى بن إسحاق ابن أبي طلحة عن النبي صلى اللَّه عليه وآله وسلم مرسلًا.
السابع والثلاثون: بعد العصر إلى آخر وقت الاختيار حكاه الغزالي في الإحياء.
الثامن والثلاثون: بعد العصر مطلقًا رواه أحمد وابن عساكر عن أبي هريرة وأبي سعيد مرفوعًا بلفظ: (وهي بعد العصر) ورواه ابن المنذر عن مجاهد مثله قال: وسمعته عن الحكم عن ابن عباس ورواه أبو بكر المروزي عن أبي هريرة ورواه عبد الرزاق عن طاوس.
التاسع والثلاثون: من وسط النهار إلى قرب آخر النهار روي ذلك عن أبي سلمة ابن علقمة.
الأربعون: من حين تصفر الشمس إلى أن تغيب رواه عبد الرزاق عن طاوس.
الحادي والأربعون: آخر ساعة بعد العصر ويدل على ذلك حديث جابر الآتي ورواه مالك وأهل السنن وابن خزيمة وابن حبان عن عبد اللَّه بن سلام من قوله وروى ابن جرير عن أبي هريرة مرفوعًا مثله.
الثاني والأربعون: من حين يغرب قرص الشمس أو من حين يدلى قرص الشمس للغروب إلى أن يتكامل غروبها رواه الطبراني والدارقطني والبيهقي من طريق زيد بن علي عن مرجانة مولاة فاطمة رضي اللَّه عنها قالت: حدثتني فاطمة عن أبيها صلى اللَّه عليه وآله وسلم وفيه أية ساعة هي قال إذا تدلى نصف الشمس للغروب وكانت فاطمة رضي اللَّه عنها إذا كان يوم الجمعة أرسلت غلامًا لها يقال له زيد ينظر لها الشمس فإذا أخبرها أنها تدلت للغروب أقبلت على الدعاء إلى أن تغيب. قال الحافظ: وفي إسناده اختلاف على زيد بن علي وفي بعض رواته من لا يعرف حاله. وأخرجه أيضًا إسحاق بن راهويه ولم يذكر مرجانة.
الثالث والأربعون: إنها وقت قراءة الإمام الفاتحة في الجمعة إلى أن يقول آمين قاله الجزري في كتابه المسمى الحصن الحصين في الأدعية ورجحه وفيه أنه يفوت على الداعي الإنصات لقراءة الإمام كما قال الحافظ قال: وهذه الأقوال ليست كلها متغايرة من كل وجه بل كثير منها يمكن أن يتحد مع غيره. قال المحب الطبري: أصح الأحاديث في تعيين الساعة حديث أبي موسى وسيأتي وقد صرح مسلم بمثل ذلك. وقال بذلك البيهقي وابن العربي وجماعة والقرطبي والنووي وذهب آخرون إلى ترجيح حديث عبد اللَّه بن سلام حكى ذلك الترمذي عن أحمد أنه قال: أكثر الأحاديث على ذلك. وقال ابن عبد البر: إنه أثبت شيء في هذا الباب ويؤيده ما سيأتي عن أبي سلمة ابن عبد الرحمن من أن ناسًا من الصحابة أجمعوا على ذلك ورجحه أحمد وإسحاق وجماعة من المتأخرين.
والحاصل ـ أن حديث أبي هريرة المتقدم ظاهره يخالف الأحاديث الواردة في كونها بعد العصر لأن الصلاة بعد العصر منهي عنها وقد ذكر فيه (لا يوافقها عبد مسلم قائم يصلي) وقد أجاب عنه عبد اللَّه بن سلام بأن منتظر الصلاة في صلاة وروى ذلك عن النبي صلى اللَّه عليه وآله وسلم كما سيأتي ولكنه يشكل على ذلك قوله قائم وقد أجاب عنه القاضي عياض بأنه ليس المراد القيام الحقيقي وإنما المراد به الاهتمام بالأمر كقولهم فلان قام في الأمر الفلاني ومنه قوله تعالى {إلا ما دمت عليه قائمًا} وليس بين حديث أبي هريرة وحديث أبي موسى الآتي تعارض ولا اختلاف وإنما الاختلاف بين حديث أبي موسى وبين الأحاديث الواردة في كونها بعد العصر أو آخر ساعة من اليوم وسيأتي. فأما الجمع فإنما يمكن بأن يصار إلى القول بأنها تنتقل فيحمل حديث أبي موسى على أنه أخبر فيه عن جمعة خاصة وتحمل الأحاديث الأخر على جمعة أخرى فإن قيل بتنقلها فذاك وإن قيل بأنها في وقت واحد لا تنتقل فيصار حينئذ إلى الترجيح ولا شك أن الأحاديث الواردة في كونها بعد العصر أرجح لكثرتها واتصالها بالسماع وأنه لم يختلف في رفعها والاعتضاد بكونه قول أكثر الصحابة ففيها أربعة مرجحات. وفي حديث أبي موسى مرجح واحد وهو كونه في أحد الصحيحين دون بقية الأحاديث ولكن عارض كونه في أحد الصحيحين أمران وسيأتي ذكرهما في شرحه. وسلك صاحب الهدى مسلكًا آخر واختار أن ساعة الإجابة منحصرة في أحد الوقتين المذكورين وأن أحدهما لا يعارض الآخر لاحتمال أن يكون صلى اللَّه عليه وآله وسلم دل على أحدهما في وقت وعلى الآخر في وقت آخر وهذا كقول ابن عبد البر: إنه ينبغي الاجتهاد في الدعاء في الوقتين المذكورين وسبق إلى تجويز ذلك الإمام أحمد.
قال ابن المنير: إذا علم أن فائدة الإبهام لهذه الساعة والليلة القدر بعث الدواعي على الإكثار من الصلاة والدعاء ولو وقع البيان لها لاتكل الناس على ذلك وتركوا ما عداها فالعجب بعد ذلك ممن يتكل في طلب تحديدها. وقال في موضع آخر: يحسن جمع الأقوال فتكون ساعة الإجابة واحدة منها لا بعينها فيصادفها من اجتهد في الدعاء في جميعها.
4 - وعن أبي موسى رضي اللَّه عنه: (أنه سمع النبي صلى اللَّه عليه وآله وسلم يقول في ساعة الجمعة: هي ما بين أن يجلس الإمام يعني على المنبر إلى أن يقضي الصلاة).
رواه مسلم وأبو داود.
5 - وعن عمرو بن عوف المزني رضي اللَّه عنه: (عن النبي صلى اللَّه عليه وآله وسلم قال: إن في الجمعة ساعة لا يسأل اللَّه تعالى العبد فيها شيئًا إلا أتاه إياه قالوا: يا رسول اللَّه أية ساعة هي قال: حين تقام الصلاة إلى الانصراف منها).
رواه ابن ماجه والترمذي.