الطريق الثاني: أن يهب أعمامهم لهم من نصيبهم شيئاً يوزعونه
عليهم.
أما أن يحسب نصيب والدهم ويُعطى لهم وهو ليس على قيد الحياة:
فهذا لا يُعرف له أصل في الشرع، ويسمى هذا في بعض الدول بـ " الوصية الواجبة "،
فيُعطون أولاد الابن المتوفى في حياة أبيه - أي: جدهم - نصيب أبيهم بشرط ألا يزيد
عن الثلث، ويُعطون أولاد البنت نصيب أمهم بشرط ألا يزيد عن الثلث، ولو لم يوص
الجد لهم بشيء!!
وهذا مخالف للشرع، وغير موجب للطاعة؛ لأن فيه مشاركة لله تعالى
في التشريع، وتعديّاً على حقوق الورثة، وقد نسبوا هذا القول لابن حزم رحمه الله،
وهو محض تقول عليه؛ لأن ابن حزم قد أوجب الوصية للأقارب الذين لا يرثون، وهذا
يشمل العم والخال وجميع الأقارب، وهم لا يجعلون لهؤلاء نصيباً في التركة، وأيضاً
: لم يوجب ابن حزم نسبة معينة أو نصيباً مفروضاً، وهم قد فعلوا ذلك بإعطائهم نصيب
أمهم أو أبيهم، وأيضاً: فإن ابن حزم يرى أنهم يُعطوْن في حال أن يوصي الجد، وهم
يجعلون لهؤلاء الأحفاد نصيباً ولو لم يوص الجد، فاختلف ما قاله ابن حزم عما نسبوه
إليه، فالواجب على القضاة أن لا يحكموا بمثل هذا، وليعلموا أنهم بحكمهم هذا
يخالفون شرع الله تعالى، ويأخذون المال ممن جعله الله تعالى حقا له، ويعطونه لمن
لا يستحقه.
وفي هذا مضادة لحكم الله وشرعه، وقد اعترض كثير من علماء الأزهر
على " قانون " الوصية الواجبة، وأفتوا بخلافه، ونشرت أبحاث في مجلة الأزهر وغيرها
في الرد على هذا القانون، وبيان مخالفته للشرع.وقد سئل الشيخ عبد الله بن جبرين حفظه الله:
هل يرث الأحفاد جدهم إذا كان والدهم قد توفي قبل الجد؟ وإذا
كانت الإجابة بالنفي فلماذا؟
فأجاب:
الأحفاد هم أولاد البنين دون أولاد البنات، فإذا مات أبوهم قبل
أبيه لم يرثوا من الجد إن كان له ابن لصلبه أو بنون؛ فإن الابن أقرب من ابن الابن
، فإن كان الجد ليس له بنون ولو واحداً وإنما له بنات: فللأحفاد ما بقي بعد ميراث
البنات، وكذا يرثون جدهم إن لم يكن له بنون ولا بنات فيقومون مقام أولاده للذكر
مثل حظ الأنثيين.
" مجلة الحرس الوطني " (العدد 264، تاريخ 1/ 6 / 2004).
والله أعلم.
****************************************
ومن فتاوى الشبكة الاسلامية:-
رقم الفتوى 22734 أقوال العلماء في حكم الوصية، ومتى تكون واجبة
تاريخ الفتوى: 17 ذو الحجة 1424
السؤال
ماهو حكم الوصية الواجبة (توريث أبناء الابن من الجد في حال موت أبيهم في حياة جدهم) وما هي أدلتكم في الإثبات أو النفي؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فجمهور العلماء ومنهم الأئمة الاربعة على أن الوصية مستحبة، إلا إذا تعلق بذمة الإنسان حق لله كزكاة أو حج أو كفارة، أو حق للعباد في دين أو وديعة أو غير ذلك، فتجب الوصية حينئذ كوسيلة للخروج من الحق الواجب.
وذهب جماعة من السلف كعطاء والزهري وسعيد بن المسيب والحسن البصري وطاووس إلى وجوب الوصية على من ترك مالاً، وبهذا قال ابن حزم أيضاً.
وبالنظر في أدلة الفريقين يتضح رجحان مذهب الجمهور، ولهذا قال ابن عبد البر رحمه الله: أجمعوا على أن الوصية غير واجبة، إلا على من عليه حقوق بغير بينة، وأمانة بغير إشهاد، إلا طائفة شذت فأوجبتها.
والقائلون بإيجاب الوصية جعلوا ذلك عاماً في الأقارب غير الوارثين، ولم يخصوه بأحفاد المتوفى، كما ذهب إليه قانون الوصية المصري.
وحاصل ما عليه هذا القانون أن الوصية تجب لأهل الطبقة الأولى من أولاد البنات، ولأولاد الأبناء من أولاد الظهور وإن نزلت طبقاتهم، وصية بمثل ما كان يستحقه أبوهم ميراثاً في تركة أبيه لو كان حياً عند موت الجد، في حدود الثلث، بشرط أن يكون الحفيد غير وارث، وألا يكون الجد الميت قد أعطاه بغير عوض عن طريق تصرف آخر قدر ما يحب له.
واستند القانون إلى قول من أوجب الوصية من السلف، وإلى قول ابن حزم رحمه الله.
والحق أن المتقدمين من السلف لم يقصروا الوصية على الأحفاد، ولم يقدروها بنصيب الأب لو كان حياً.
وثمة مؤاخذات عدة على هذا القانون، نذكر منها:
¥