تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

الله عليهن يخصّهنّ الرسول - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بدروس كذلك. فكن يأتين للمسجد لهذا الغرض، عدا الصلوات الخمسة والجمع. ومع ذلك لم يضع حاجزاً. وقد سيطر الفسقة على المدينة لفترة بعد أن قتلوا بعد حين.

فالقول بالإيجاب بدعة. وهذا يختلف عن القول بالجواز أو الاستحسان الشخصي. أما المصالح المرسلة فهي خلافية بين العلماء. ولا يكاد يقول بها بإطلاقها إلا المالكية. وقد شنع ابن حزم عليهم كثيراً بسببها. وعند الحنفية والحنابلة بعض الأمور يقال أنها شبيهة بالمصالح المرسلة، لكنهم لم يتوسعوا بها. وهذه النقطة هي من الخلافات المشهورة بين الشافعية والمالكية. نعم، هناك من حاول التوفيق بين المذهبين لكن في هذا بعض التكلف، والله أعلم. وإجمالاً فالخلاف على المصالح المرسلة لا ينكره أحد، وهي من المسائل الاجتهادية. ثم إن الإمام مالك (القائل بها) لم يقم بوضع حواجز في المساجد، فضلاً أن يوجب ذلك. وهذا غير مسألة المآذن ومكبرات الصوت، لأن هذه ليست إلزامية أصلاً. ولا نتعبد بها. ولا خلاف في صحة الصلاة في المسجد الذي ليس فيه مكبراً للصوت.

ومع ذلك فأنا لا أمنع الحاجز، بل أراه أحياناً حسناً لكني أمنع إيجابه. وهناك فرق بين الاستحسان الشخصي وبين التشريع أي جعله مستحباً أو واجباً. وقد نص الإمام الشافعي في كتابه "الأم" على أنه لا يجوز لأحد أن يشرّع بالاستحسان.

وبعض النسوة يعترضن عليه بأنهن لا يستطعن رؤية الخطيب وبالتالي يتسبب هذا بشرودهن أثناء الخطبة. هذا واشتراط رؤية المأموم للإمام أو آخر المأمومين قد قال به جمع من العلماء، فليراع هذا الخلاف. وهذا المطلب هو مقصدٌ شرعي، وهو من حكم مشروعية صلاة الجماعة، وهذا المقصد تحرم منه النساء بسبب هذا الحاجز. وعند انقطاع الصوت، تقع النساء في فوضى، فلا يعرفن ما الذي يفعلنه. وفي هذه الحالة يمكن مثلاً وضع تلفاز في مصلى النساء أو أن يتم تخصيص الجزء الأيسر من المسجد للنساء، مع وضع حاجز في آخره وإزالة الحاجز من أوله (يعني من جهة الخطيب)، بحيث تتمكن النساء من رؤية الخطيب لو شئن. لكن هذا الأمور يندر مراعاتها.

ومن أدلة القائلين بوجوب الحاجز قولهم: «منع الاختلاط واجب، وما لا يتم الواجب به فهو واجب. والحاجز يمنع الاختلاط، ويؤدي نفس العمل الذي كان النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يحرص عليه». أقول: فهل غفل النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - عن هذا الواجب؟ وهل غفل عنه الصحابة الكرام من بعده رغم سيطرة المنافقين على المدينة في وقت من الأوقات؟ ولِمَ لم يبين الله لنا هذا {وما كان ربك نسيا}؟ ثم ألا يسعنا ما وسِعَ رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وأصحابه؟ فالقاعدة التي ذكرها الإمام الشاطبي (مع التنبيه إلى أنه كان مالكياً يقول بالمصالح المرسلة) في "الاعتصام": إذا وجد المقتضي وعدم المانع ومع ذلك لم يفعله النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - دل أن ذلك لا يشرع. أي أنه من البدع.

ـ[ابوعبدالسلام]ــــــــ[14 - 09 - 08, 07:48 م]ـ

اسأل الله ان يرزقنا الفقه في الدين

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير