تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

[تحسين الصوت بالتلاوة وتطلبها من حسن الصوت من غير مبالغة هل فيه محذور؟]

ـ[حارث همام]ــــــــ[15 - 09 - 08, 12:12 ص]ـ

قال في المجموع:

"يُسَنُّ تَحْسِينُ الصَّوْتِ بِالْقِرَاءَةِ , لِلْأَحَادِيثِ الصَّحِيحَةِ الْمَشْهُورَةِ فِيهِ , ... وَيُسَنُّ طَلَبُ الْقِرَاءَةِ مِنْ حَسَنِ الصَّوْتِ وَالْإِصْغَاءُ إلَيْهَا ; وَهَذَا مُتَّفَقٌ عَلَى اسْتِحْبَابِهِ , وَهُوَ عَادَةُ الْأَخْيَارِ وَالْمُتَعَبِّدِينَ وَعِبَادِ اللَّهِ الصَّالِحِينَ. وَفِي الصَّحِيحَيْنِ {أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ , اقْرَأْ عَلَيَّ الْقُرْآنَ فَإِنِّي أُحِبُّ أَنْ أَسْمَعَهُ مِنْ غَيْرِي , فَقَرَأَ عَلَيْهِ مِنْ سُورَةِ النِّسَاءِ حَتَّى بَلَغَ {فَكَيْفَ إذَا جِئْنَا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنَا بِك عَلَى هَؤُلَاءِ شَهِيدًا}} وَالْآثَارُ فِيهِ كَثِيرَةٌ مَشْهُورَةٌ ... ِ".

وفي الفتاوى الهندية: "قَالَ الْإِمَامُ: إذَا كَانَ إمَامُهُ لَحَّانًا لَا بَأْسَ بِأَنْ يَتْرُكَ مَسْجِدَهُ وَيَطُوفَ وَكَذَلِكَ إذَا كَانَ غَيْرُهُ أَخَفَّ قِرَاءَةً وَأَحْسَنَ صَوْتًا وَبِهَذَا تَبَيَّنَ أَنَّهُ إذَا كَانَ لَا يَخْتِمُ فِي مَسْجِدِ حَيِّهِ لَهُ أَنْ يَتْرُكَ مَسْجِدَ حَيِّهِ وَيَطُوفَ , كَذَا فِي الْمُحِيطِ".

قال ابن العربي: والقلوب تخشع بالصوت الحسن كما تخضع للوجه الحسن، وما تتأثر به القلوب في التقوى فهو أعظم في الأجر، وأقرب إلى لين القلوب، وذهاب القسوة منها.

وذلك في معرض كلام له عن القراءة بالتلحين والترجيع، وفيما أجمله من تسويغ لها نظر، فالمقرر ما عليه الجمهور وهو أن المبالغة في التحسين بالتلحين واتباع المقامات فحرام واستماعه لا يخلو من محظور، قال ابن حجر الهيتمي في تحفة المحتاج: "يُسَنُّ تَحْسِينُ الصَّوْتِ بِقِرَاءَةِ الْقُرْآنِ , وَأَمَّا تَلْحِينُهُ فَإِنْ أَخْرَجَهُ إلَى حَدٍّ لَا يَقُولُ بِهِ أَحَدٌ مِنْ الْقُرَّاءِ حَرُمَ وَإِلَّا فَهُوَ عَلَى الْمُعْتَمَدِ وَإِطْلَاقُ الْجُمْهُورِ كَرَاهَةَ الْقِسْمِ الْأَوَّلِ مُرَادُهُمْ بِهَا كَرَاهَةُ التَّحْرِيمِ بَلْ قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: إنَّ الْقَارِئَ يَفْسُقُ بِذَلِكَ , وَالْمُسْتَمِعَ يَأْثَمُ بِهِ ; لِأَنَّهُ عَدَلَ بِهِ عَنْ نَهْجِهِ الْقَوِيمِ ".

وأما المبالغة في تتبع القراء فقد قال الشيخ العلامة البراك:

"الحمد لله، حسن الصوت نعمة، وتحسين الصوت في قراءة القرآن مستحب، فإنه يعين على التلاوة والتلذذ بها، وعلى الاستماع لقارئ القرآن، ولهذا صح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (ليس منّا من لم يتغن بالقرآن)، وقال: (ما أذن الله لشيء ما أذن لنبي حسن الصوت يتغنى بالقرآن يجهر به)، وقد مر رسول الله صلى الله عليه وسلم على أبي موسى وهو يقرأ فجعل يستمع له، فلما لقيه قال: (لو رأيتني وأنا أستمع لقراءتك البارحة، لقد أوتيت مزماراً من مزامير آل داود)، فقال رضي الله عنه: يا رسول الله لو علمت مكانك لحبرت لك تحبيراً.

ولكن لا ينبغي الإفراط في القصد إلى تحسين الصوت بالقراءة، ومن ذلك محاكاة أصوات القارئين، بل يحسِّن القارئ صوته دون أن يقصد محاكاة لأحد، ومن الإفراط التقعر في تحقيق مخارج الحروف، والمبالغة في المدود، وعلى القارئ إماماً أو غيره أن يحذر في تحسين قراءته من القصد إلى كثرة المصلين معه والمستمعين لقراءته، فإنه يخشى أن يقدح ذلك في إخلاصه، وأن تكون فيه فتنة له، كما لا ينبغي للمستمعين والمصلين أن يجعلوا حسن الصوت غاية، فيشغلهم ذلك عن تدبر الآيات والتأثر بما فيها من عظات ووعد ووعيد، لأن المقصود الأعظم هو تدبر القرآن والتذكر به من أي قارئ، ولا ينبغي أن يبالغوا في مدح من يعجبون بصوته، وقد يجرهم ذلك إلى غيبة من ليس كذلك، وقد يهجر بعض الجيران المسجد الذي هم بجواره لأن صوت الإمام لا يعجبهم، وقد نص الفقهاء على أنه لا ينبغي ذلك؛ لأنه يولد وحشة بين الإمام والجيران، ومن الإفراط في طلب حسن الصوت في القراءة السفر للصلاة مع إمام لحسن صوته، مع ما يخاف في ذلك من فتنة على الإمام، وقد كان السلف رضوان الله عليهم يحْذَرون ويحذِّرون من فتنة الإنسان في دينه بإعجابه بنفسه، وليس من هديهم تتبع الأئمة لتخير من يكون صوته أحسن من غيره، فعلى المسلم أن يحذر من الإفراط والغلو في أي أمر من أمور الدين، ومن الغلو في الأشخاص، وأن يلزم القصد في أمره كله، ففي ذلك الخير والسلامة، ونسأله تعالى أن يهدينا سواء السبيل، إنه سميع الدعاء، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين".

ـ[ابن وهب]ــــــــ[15 - 09 - 08, 01:53 ص]ـ

بارك الله فيكم

فائدة

(وفي الفتاوى الهندية: "قَالَ الْإِمَامُ: إذَا كَانَ إمَامُهُ لَحَّانًا لَا بَأْسَ بِأَنْ يَتْرُكَ مَسْجِدَهُ وَيَطُوفَ وَكَذَلِكَ إذَا كَانَ غَيْرُهُ أَخَفَّ قِرَاءَةً وَأَحْسَنَ صَوْتًا وَبِهَذَا تَبَيَّنَ أَنَّهُ إذَا كَانَ لَا يَخْتِمُ فِي مَسْجِدِ حَيِّهِ لَهُ أَنْ يَتْرُكَ مَسْجِدَ حَيِّهِ وَيَطُوفَ , كَذَا فِي الْمُحِيطِ")

انتهى

المقصود بالإمام

هو

أبو علي النسفي

(ت 533)

ترجمته في الطبقات السنية

(الحسين بن الخليل بن أحمد بن محمد

الإمام أبو علي النسفي

الفقيه

نزيل سمرقند.

تفقه ببخارى على أبي الخطاب محمد بن إبراهيم الكعبي القاضي، وببلخ على الإمام أبي حامد الشجاعي.

قال أبو سعد: فاضل ورع، له يد باسطة في النظر، وورد بغداد حاجاً، سنة عشر وخمسمائة، وحدث بها. سمع " البخاري " من الحسن بن علي الحمادي، وحدث به، ولي منه إجازة.

وتوفي، رحمه الله تعالى، في شهر رمضان، سنة ثلاث وثلاثين وخمسمائة.)

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير