تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

حكم إطلاق كلِمَةَ " أخي " على غير المسلمين

ـ[أبو زارع المدني]ــــــــ[20 - 09 - 08, 02:38 ص]ـ

حكم إطلاق كلِمَةَ "أخي" على غير المسلمين

إجابة الشيخ خالد عبد المنعم الرفاعي مراجعة وإجازة الشيخ سعد الحميد

السؤال:

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته،

أنا أحد المبْتَعَثِينَ للدراسة في الخارج وتعرَّفت على بعض الطلاب غير المسلمين.

ويستخدمون هنا بأستراليا كلِمَةَ "أخي" بكثرة، فهل يجوز مناداة غير المسلمين بكلمة أخي؟

هذا وجزاكم الله الخير.

وادعوا لنا بالتوفيق والثبات إن شاء الله.

الجواب:

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصَحْبِه ومن والاه، أمَّا بعدُ:

فإنَّ الواجبَ على المسلم المستقيم العقيدة الحَذَرُ من إطلاقِ كَلِمَةِ أَخِي على غَيْرِ المسلمين، من الكُفَّار والمُشْرِكينَ والمُلْحِدينَ، لغير حاجةٍ من تأليفٍ لِقُلوبِهم على الإسلام، أو اتقاءٍ لِشَرِّهم؛ فإنَّ كثرةَ إطلاقِ كَلِمَةِ "أخ" عليْهِم تُؤَدِّي إلى مَيْلِ قَلْبِ المؤمن لهم ومودتهم وعدم بغضهم، ومودةُ الكفار تَقْدَحُ في إيمان العبد؛ قال تعالى: {لا تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا آبَاءَهُمْ أَوْ أَبْنَاءَهُمْ أَوْ إِخْوَانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ}.

وقال تعالى حاكيًا عن نبيّه نوح - عليه السلام -: {وَنَادَى نُوحٌ رَبَّهُ فَقَالَ رَبِّ إِنَّ ابْنِي مِنْ أَهْلِي وَإِنَّ وَعْدَكَ الْحَقُّ وَأَنْتَ أَحْكَمُ الْحَاكِمِينَ * قَالَ يَا نُوحُ إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ إِنَّهُ عَمَلٌ غَيْرُ صَالِحٍ فَلَا تَسْأَلْنِ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنِّي أَعِظُكَ أَنْ تَكُونَ مِنَ الْجَاهِلِينَ} [هود: 45].

قال العلامة ابْنُ بازٍ في "مجموع فتاوى ومقالات ابن باز": الكافِرُ ليس أخًا لِلْمُسْلِمِ، والله سبحانه يقول: {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ} [الحجرات: 10] ويقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: ((المسلم أخو المسلم)) فَلَيْسَ الكافرُ: يهوديًّا أو نصرانيًّا أو وثنيًّا أو مجوسيًّا أو شيوعيًّا أو غيرهم - أخًا لِلمسلم، ولا يجوز اتِّخاذُه صاحبًا وصديقًا، لكن إذا أكل معه بَعْضَ الأحيان - من غير أن يتخذه صاحبًا أو صديقًا إنما قد يقع ذلك في وليمة عامة أو وليمة عارضة - فلا حرج في ذلك، أما اتِّخاذه صاحبًا وجليسًا وأكيلا فلا يجوز، لأن الله قَطَعَ بين المسلمين وبين الكفَّارِ الموالاةَ والمحبَّةَ، قال سبحانه في كتابه العظيم: {قَدْ كَانَتْ لَكُمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ فِي إِبْرَاهِيمَ وَالَّذِينَ مَعَهُ إِذْ قَالُوا لِقَوْمِهِمْ إِنَّا بُرَآءُ مِنْكُمْ وَمِمَّا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ كَفَرْنَا بِكُمْ وَبَدَا بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةُ وَالْبَغْضَاءُ أَبَدًا حَتَّى تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَحْدَهُ} [الممتحنة: 4] وقال سبحانه: {لا تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا آبَاءَهُمْ أَوْ أَبْنَاءَهُمْ أَوْ إِخْوَانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ} [المجادلة: 22] الآية. فالواجب على المسلم البراءة من أهل الشرك وبغضهم في الله، ولكن لا يؤذيهم ولا يضرهم، ولا يتعدَّى عليهم بغير حقٍّ إذا لم يكونوا حربًا لنا، لكن لا يتخذهم أصحابًا ولا إخوانًا، ومتى صادف أنه أكل معهم في وليمة عامَّة أو طعام عارضٍ مِنْ غير صحبة ولا موالاة ولا مودَّةٍ فلا بأس، ويجب على المسلم أن يُعَامِلَ الكفار إذا لم يكونوا حربا للمسلمين معاملة إسلامية بأداء الأمانة، وعدم الغِشِّ والخيانة والكذب، وإذا جرى بَيْنَهُ وبينهم نزاع جادَلَهُم بالتي هي أحسن وأنصفهم في الخصومة؛ عملا بقوله تعالى: {وَلا تُجَادِلُوا أَهْلَ الْكِتَابِ إِلا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِلا الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ} [العنكبوت: 46] ويشرع للمسلم دعوتُهم إلى الخير ونصيحتُهم، والصبر على ذلك، مع حسن الجوار وطيب الكلام لقول الله عز وجل: {ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ} [النحل: 125] وقوله سبحانه: {وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْنًا} [البقرة: 83] وقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: ((مَنْ دَلَّ على خير فله مِثْلُ أجر فاعله)) والآيات والأحاديث في هذا المعنى كثيرة". اهـ.

وأمَّا إن كان الكافر أخاه في النسب ولو النَّسَبَ البعيدَ فلا بأس بذلك، أو كان المقصد تأليفَ الكفَّار على الإسلام وما شابه.

قال القُرْطُبِيّ في تفسير قوله تعالى: {وَإِلَى عَادٍ أَخَاهُمْ هُودًا} [الأعراف: 65] قال ابن عباس: أي ابْن أبيهم، وقيل: أخاهم من القبيلة، وقيل أي بشرًا من بني أبيهم آدم. وقال أيضًا: وقيل له أخوهم لأنه منهم وكانت القبيلة تجمعهم؛ كما تقول يا أخا تميم. وقيل إنما قيل له أخوهم لأنه من بني آدم كما أنَّهم من بني آدم، وقال أيضا في تفسير قوله تعالى: {إِذْ قَالَ لَهُمْ أَخُوهُمْ نُوحٌ أَلَا تَتَّقُونَ} [الشعراء: 106] أي ابْن أبيهم وهي أخوَّة نسب لا أخوة دِين، وقيل هي أخوَّة المجانسة. اهـ. والله أعلم.

المصدر: الألوكة ( http://www.alukah.net/Fatawa/FatwaDetails.aspx?FatwaID=2290)

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير