فَالْجَوَابُ أَنَّ هَذَا هُوَ الْأَكْمَلُ وَالْأَفْضَلُ.
وَنَحْنُ نَقُولُ يَجِبُ عَلَى كُلِّ مُؤْمِنٍ أَنْ يَكُونَ تَقِيًّا عَدْلًا , وَلَكِنْ فَلَا بُدَّ لِلنَّاسِ مِنْ الْأَمْرِ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْيِ عَنْ الْمُنْكَرِ.
وَلَوْ لَمْ يَعِظْ النَّاسَ إلَّا مَعْصُومٌ أَوْ مَحْفُوظٌ لَتَعَطَّلَ الْأَمْرُ وَالنَّهْيُ مَعَ كَوْنِهِ دِعَامَةَ الدِّينِ , وَقَدْ قِيلَ: إذَا لَمْ يَعِظْ النَّاسَ مَنْ هُوَ مُذْنِبٌ فَمَنْ يَعِظُ الْعَاصِينَ بَعْدَ مُحَمَّدٍ وَرَوَى ابْنُ أَبِي الدُّنْيَا بِإِسْنَادٍ فِيهِ ضَعْفٌ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ " مُرُوا النَّاسَ بِالْمَعْرُوفِ وَإِنْ لَمْ تَعْمَلُوا بِهِ كُلِّهِ وَانْهَوْا عَنْ الْمُنْكَرِ وَإِنْ لَمْ تَتَنَاهَوْا عَنْهُ كُلِّهِ ".
وَقِيلَ لِلْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ: إنَّ فُلَانًا لَا يَعِظُ وَيَقُولُ أَخَافُ أَنْ أَقُولَ مَا لَا أَفْعَلُ.
فَقَالَ الْحَسَنُ: وَأَيُّنَا يَفْعَلُ مَا يَقُولُ؟ وَدَّ الشَّيْطَانُ أَنَّهُ قَدْ ظَفِرَ بِهَذَا فَلَمْ يَأْمُرْ أَحَدٌ بِمَعْرُوفٍ وَلَمْ يَنْهَ عَنْ مُنْكَرٍ.
وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ يَجِبُ عَلَى كُلِّ مُؤْمِنٍ مَعَ الشُّرُوطِ الْمُتَقَدِّمَةِ الْأَمْرُ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْيُ عَنْ الْمُنْكَرِ وَلَوْ فَاسِقًا أَوْ بِغَيْرِ إذْنِ وَلِيِّ أَمْرٍ حَتَّى عَلَى جُلَسَائِهِ وَشُرَكَائِهِ فِي الْمَعْصِيَةِ وَعَلَى نَفْسِهِ فَيُنْكِرُ عَلَيْهَا , لِأَنَّ النَّاسَ مُكَلَّفُونَ بِالْأَمْرِ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْيِ عَنْ الْمُنْكَرِ.
وَسَنَذْكُرُ طَرَفًا صَالِحًا مِنْ الْأَحَادِيثِ الْوَارِدَةِ فِي ذَلِكَ قَرِيبًا إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
ـ[أم عبد الباري]ــــــــ[05 - 10 - 08, 10:13 م]ـ
جاء في كتاب غِذَاءَ الْأَلْبَابِ، لِشَرْحِ مَنْظُومَةِ الْآدَابِ
للشيخ محمد بن أحمد السفاريني
(1/ 189 ــــ 192)
نَعَمْ يَنْبَغِي أَنْ لَا يُخَالِفَ قَوْلَهُ فِعْلُهُ , بَلْ يَأْمُرُ بِالْمَعْرُوفِ وَيَأْتَمِرُ بِهِ , وَيَنْهَى عَنْ الْمُنْكَرِ وَيَنْزَجِرُ عَنْهُ.
فَقَدْ أَخْرَجَ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ عَنْ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ رضي الله عنهما قَالَ سَمِعْت رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ " يُؤْتَى بِالرَّجُلِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَيُلْقَى فِي النَّارِ فَتَنْدَلِقُ أَقْتَابُ بَطْنِهِ فَيَدُورُ بِهَا كَمَا يَدُورُ الْحِمَارُ فِي الرَّحَا , فَيَجْتَمِعُ إلَيْهِ أَهْلُ النَّارِ فَيَقُولُونَ يَا فُلَانُ مَالَك أَلَمْ تَكُنْ تَأْمُرُ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَى عَنْ الْمُنْكَرِ؟ فَيَقُولُ بَلَى كُنْت آمُرُ بِالْمَعْرُوفِ وَلَا آتِيهِ وَأَنْهَى عَنْ الْمُنْكَرِ وَآتِيهِ ".
وَفِي رِوَايَةٍ لِمُسْلِمٍ قَالَ قِيلَ لِأُسَامَةَ لَوْ أَتَيْت عُثْمَانَ فَكَلَّمْته , فَقَالَ إنَّكُمْ لَتَرَوْنَ أَنِّي لَا أُكَلِّمُهُ إلَّا أَنْ أُسْمِعَكُمْ , وَأَنِّي أُكَلِّمُهُ فِي السِّرِّ دُونَ أَنْ أَفْتَحَ بَابًا لَا أَكُونُ أَوَّلَ مَنْ فَتَحَهُ , وَلَا أَقُولُ لِرَجُلٍ إنْ كَانَ عَلَيٌّ أَمِيرًا أَنَّهُ خَيْرُ النَّاسِ بَعْدَ شَيْءٍ سَمِعْته مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قِيلَ وَمَا هُوَ قَالَ سَمِعْته يَقُولُ " يُجَاءُ بِالرَّجُلِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَيُلْقَى فِي النَّارِ فَتَنْدَلِقُ أَقْتَابُهُ فَيَدُورُ كَمَا يَدُورُ الْحِمَارُ بِرَحَاهُ " فَيَجْتَمِعُ أَهْلُ النَّارِ عَلَيْهِ فَيَقُولُونَ يَا فُلَانُ مَا شَأْنُك أَلَيْسَ كُنْت تَأْمُرُ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَيْ عَنْ الْمُنْكَرِ؟ فَيَقُولُ كُنْت آمُرُكُمْ بِالْمَعْرُوفِ وَلَا آتِيهِ وَأَنْهَاكُمْ عَنْ الشَّرِّ وَآتِيهِ.
¥