تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

1. أما الآية: فهي قول الله تعالى: (وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ النَّبِيِّينَ لَمَا آتَيْتُكُمْ مِنْ كِتَابٍ وَحِكْمَةٍ ثُمَّ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مُصَدِّقٌ لِمَا مَعَكُمْ لَتُؤْمِنُنَّ بِهِ وَلَتَنْصُرُنَّهُ قَالَ أَأَقْرَرْتُمْ وَأَخَذْتُمْ عَلَى ذَلِكُمْ إِصْرِي قَالُوا أَقْرَرْنَا قَالَ فَاشْهَدُوا وَأَنَا مَعَكُمْ مِنَ الشَّاهِدِينَ) آل عمران/ 81.

فهذا عهد وميثاق أخذه الله تَبَارَكَ وَتَعَالَى عَلَى الأنبياء جميعاً أن يؤمنوا بمُحَمَّد صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وأن ينصروه في دعوته.

2. وأما الحادثة: فهي صلاة نبينا صلى الله عليه وسلم بالأنبياء جميعاً إماماً، وذلك في رحلته المسماة " الإسراء والمعراج "، فقد صلَّى بهم جميعاً عليهم السلام في بيت المقدس.

وإن لم يدل هذا على فضله وخيريته فلا ندري أي شيء يمكن أن يدل على ذلك.

3. وأما الحديث: فهو ما صحَّ عنه صلى الله عليه وسلم مما يجري يَوْمَ القِيَامَةِ حين يتراجع الأَنْبِيَاء صلوات الله وسلامه عليهم كلهم عن الشفاعة للناس في الفصل بينهم، فيعتذرون، وكلهم يقول: نفسي، نفسي، فيتقدم صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ للشفاعة العظمى ويقول: أنا لها، أنا لها، ثُمَّ يكرمه ربه تعالى، ويقبل شفاعته في أهل المحشر، وذلك هو المقام المحمود الذي لم يجعله الله تَبَارَكَ وَتَعَالَى لبشرٍ غيره صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.

فهذه بعض أدلة من ديننا على أفضلية النبي صلى الله عليه وسلم على إخوانه الأنبياء عليهم السلام، وليسوا ينكرون هم ذلك، فها هو موسى عليه السلام يعترف بذلك في حديث صحيح عندنا، وها هو عيسى عليه السلام يرفض أن يؤم بالمسلمين، بل يرضى أن يكون مأموماً؛ لأنه سيعمل بالعهد والميثاق الذي أخذهما الله تعالى عليه، فعندما ينزل في آخر الزمان فإنه سيقتل الخنزير، وسيكسر الصليب، وسيصلي مأموماً وراء إمامٍ من أئمة المسلمين.

وقد ثبت في أصح الكتب عندنا – البخاري ومسلم – بيان هذه الأمور مجتمعة، مع تعظيم قدر عيسى عليه السلام، ومدى ارتباطه به صلى الله عليه وسلم، فقف على هذا الحديث:

قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (أَنَا أَوْلَى النَّاسِ بِعِيسَى بْنِ مَرْيَمَ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ، وَالْأَنْبِيَاءُ إِخْوَةٌ لِعَلَّاتٍ، أُمَّهَاتُهُمْ شَتَّى، وَدِينُهُمْ وَاحِدٌ) رواه البخاري ومسلم.

ومعنى (أولى الناس بعيسى): أي: أخصهم به، وأقربهم إليه.

ومعنى (إخوة لِعَلاَّت): أي: إخوة لأب من أمهات شتى.

معنى الحديث: أن أصل إيمان الأنبياء واحد، وشرائعهم مختلفة.

فأنت بكلامك الوارد في سؤالك تظن أنه ثمة فجوة بين الأنبياء والمرسلين وبين نبينا محمد صلى الله عليه وسلم، وليس هذا هو واقعهم عليهم السلام، بل هم جميعاً إخوة، جاءوا برسالة عقائدية واحدة، وهي الدعوة لعبادة الله تعالى وحده، وترك الإشراك به.

خامساً:

وأما قولك عن نبينا محمد صلى الله عليه وسلم أنه " كثير الذنوب ": فهو قول يمكن أن يزعمه أي أحد في أي شخص، ولو كنت تسلك الجادة العلمية لما قلتَ هذا القول، ونحن ننزه الأنبياء والمرسلين الذين أرسلوا لغيرنا من الأمم أن يكونوا من أصحاب المعاصي والذنوب: فكيف يكون حال أفضلهم وخيرهم؟ وانظر للفرق العظيم بيننا وبينك، ففي الوقت الذي تطعن فيه بنبينا محمد صلى الله عليه وسلم دون بيِّنة: فإننا ننكر هذا أن يكون من أخلاق أحد من الأنبياء والرسل لغيرنا، وهكذا علَّمنا ديننا: أن نحترم الأنبياء والمرسلين، وأن نجلَّهم، ونقدِّرهم.

ونحن لا نعجب منكم إذا طعنتم بنبينا وأسأتم له؛ لأن شتم الأنبياء ديدنكم، والطعن فيهم منهجكم، وقد لبَّس عليكم اليهود دينَكم، وحرَّفوه فتبعتموهم على عماية وضلالة، وكل ما في التوراة من طعن في الأنبياء والمرسلين فأنتم تصدقونه، وأضفتم إليه ما في كتبكم المحرَّفة من طعن في صفوة الناس:

1. جاء في إنجيل " متَّى " أن عيسى من نسل سليمان بن داود، وأن جدهم فارض الذي هو من نسل الزنى من يهوذا بن يعقوب. إصحاح متى الأول، عدد (10).

2. وفي إنجيل " يوحنَّا " إصحاح (2) عدد (4): أن يسوع أهان أمَّه في وسط جمع من الناس!.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير