تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

[واجبنا في زمن الانهزام]

ـ[أبوعمرو المصري]ــــــــ[08 - 01 - 09, 12:06 ص]ـ

الحمد لله والصلاة والسلام على نبيه ومصطفاه، وبعد:

فالأحداث والمآسي التي تمر بأهلنا وأحبابنا في غزة لا تخفى على أحد، وقد تنوعت الأشكال التي يسعى كل مسلم من خلالها للتعبير عن حبه لإخوانه ورغبته في المساهمة في رفع الظلم عنهم ونصرتهم، وكل يشكر على ذلك، ولكن المهم أن تكون هذه الأشياء التي يقوم بها المسلمون ليست مجرد تنفيس مؤقت ثم لا يلبث أن يخمد، وكذلك من المهم أن تستثمر هذه الموجة من التأثر لكي تثمر أعمالا تؤثر فعلا على مجريات الأحداث وتصل ثمرتها إلى إخواننا المحاصرين.

وقد رأيت أن أفتح هذا الموضوع وأرجو تثبيته، لكي نتدارس ما يمكن أن يقوم به المسلم من دور إيجابي يستطيع من خلاله نصرة أمته وإخوانه، وكذلك ما يمكن أن يقوم به من وسائل عملية مشروعة يحبها الله وتكون خطوة على طريق النصر، وكل يجود بما عنده مما يمكن أن يحيي النفوس ويثمر أعمالا نافعة، وكذلك ما يمكن أن يرشد المسلم الحائر الذي يتساءل: ماذا يمكن أن أقدم لأمتي وإخوتي في غزة وفي غيرها؟

وأبدأ الموضوع بهذا المقال وآمل من الأخوة الفضلاء التفاعل:

مقال

[واجبنا في زمن الانهزام]

د. محمد بن عبد الله الشباني

تمر الأمة الإسلامية في هذا العصر بمرحلة من الذُل والهزيمة لم تبلغها في أي

حقبة من حقب التاريخ الإسلامي، فقد اجتمعت قوى الشر من يهود ونصارى فرمت

بسهامها عن قوس واحدة، فأصابت الأمة في مَقاتل عدة، ومن أهم المَقاتل التي

أصابت الأمة التخلخل والنكوص والانهزام والاستسلام لرغبات العدو والإذعان

بتنفيذ أوامره، فأصبحت الأمة لا تملك من أمرها شيئاً.

إن الجهاد الذي هو ذروة سنام الإسلام قد تعطل، بل إن الدعوة إليه أصبحت

أمراً نشازاً، وأصبحت الدعوة إلى الاستسلام للأعداء بكل ما يطلبونه هي النغمة

السائدة التي يتولى الإعلام غرسها وتثبيتها والتأكيد على أنها الطريق الأفضل لأخذ

الحقوق، فلا جدوى لما عداها من وسائل للحصول على الحقوق، كما أنها الركيزة

التي يقوم عليها البناء السياسي في العالم الإسلامي وتتولى القيادات السياسية تنفيذها

بحماسة وجدية.

إن السؤال الذي ينبغي طرحه ومناقشته هو: ما دور الفرد المسلم في مجابهة

هذا الواقع المؤلم؟ وكيف يمكن للفرد المسلم المجرد من جميع القوى المساندة

ممارسة دور فاعل ومؤثر في مقاومة هذه الغارة التي تعددت أشكالها وأنواعها؟

وهل يمكن للفرد أن يمارس دوراً مؤثراً في ظل هذا الواقع؟ وكيف لهذا الفرد أن

يمارس دوره الجهادي؟

إن الإجابة على هذه الأسئلة ترتبط بمدى فهم الفرد المسلم لأهمية دوره في

إحداث التغيير في المجتمع، وإن الدور السلبي الذي يمارسه كل فرد من أفراد

المسلمين إنما يعود في أساسه إلى الجهل المطلق لما يوجبه الإسلام على المسلم من

مسؤولية تجاه مجتمعه.

لقد وردت أحاديث كثيرة تحدد دور الفرد في المجتمع المسلم، وترتبط معرفة

هذا الدور بفهم هذه الأحاديث وربطها بالواقع، فمن تلك الأحاديث التي حددت دور

الفرد في المجتمع ما رواه أبو هريرة رضي الله عنه أن رسول الله -صلى الله عليه

وسلم- وقف على ناس جلوس فقال: (ألا أخبركم بخيركم من شركم، قال: فسكتوا، فقال ذلك ثلاث مرات، فقال رجل: بلى يا رسول الله أخبرنا بخيرنا وشرنا، قال: خيركم من يرجى خيره ويؤمن شره) [1]، وما رواه البخاري في الأدب المفرد

عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: (المؤمن

مرآة أخيه والمؤمن أخو المؤمن يكف عليه ضعفه ويحوطه من ورائه) [2] وما رواه

ابن حبّان والنسائي والحاكم عن أبي هريرة رضي الله عنه عن رسول الله -صلى

الله عليه وسلم- قال: (المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده، والمؤمن من أمنه

الناس على دمائهم وأموالهم) [3].

إن المعنى العام لهذه الأحاديث يؤكد أن دور الفرد المسلم دور إيجابي يتفاعل

مع قضايا المسلمين، ويكون عوناً للمسلمين، فيعمل بكل جهده على تقوية ومساندة

إخوانه ممن يعانون الظلم والاضطهاد من الأعداء، فعلى المسلم أن يؤمن شره عن

المسلمين، وأن يحوط إخوانه، ويكف يده عن مساعدة أعدائهم وكف اللسان واليد

يأخذ أشكالاً عدة إذا أحسنَ استعمالها، فإن تأثيرها على الأعداء كبير كما إنها نصرة

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير