تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

الكِبْر

ـ[أبو زارع المدني]ــــــــ[01 - 02 - 09, 10:57 ص]ـ

الكِبْر

الشيخ أحمد الزومان

خطب للشيخ ( http://www.alukah.net/articles/1/authorarticles.aspx?authorid=1575&minbar=true)

مقالات ذات صلة ( http://www.alukah.net/articles/1/4993.aspx#relatedArticles)

تاريخ الإضافة: 1/ 2/1430 هجري 28/ 01/2009 ميلادي

إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مُضِلَّ له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحدَه لا شريك له، وأن محمدًا عبده ورسوله.

{يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا} [النساء: 1]، {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنْظُرْ نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ لِغَدٍ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ} [الحشر: 18].

أَمَّا بعد:

فإنَّ خير الحديث كتابُ الله، وخيرَ الهدي هَدْيُ محمد، وشر الأُمُور محدثاتها، وكل بدعة ضلالة.

عباد الله:

الكبر داءٌ عظيم، وكبيرة من كبائر الذُّنوب، فالمتكبر من أهل الوعيد إنْ لَم يتب، ويكفي الكِبْر قبحًا أنَّه سبب طرد إبليس من الجنَّة؛ {وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلاَئِكَةِ اسْجُدُوا لآدَمَ فَسَجَدُوا إِلاَّ إِبْلِيسَ أَبَى وَاسْتَكْبَرَ وَكَانَ مِنَ الْكَافِرِينَ} [البقرة: 34]، وكذلك مآل من سلك سبيله.

أصل الكبر خلق باطن في النفس، وذلك برؤية النَّفس فوق المتكَبَّر عليه، فيرى المتكَبِّر لنفسه مَرتبة فوق مرتبة غيره، فيحصل في قلبه اعتداد وركون إلى ما اعتقده، واحتقار للمتكَبَّر عليه، وهو غمط الناس، فيثمر هذا الاعتقاد أعمالاً من الترفُّع على الناس، والأنفة من مجالستهم، واعتقاد حقه عليهم.

فعن عبدالله بن مسعود عن النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - قال: ((لا يدخل الجنَّة مَن كان في قلبه مِثقال ذَرَّة من كبر) قال رجل: إنَّ الرجل يُحب أن يكون ثوبه حسنًا، ونعله حسنة، قال: ((إنَّ اللهَ جميل يحب الجمال، الكِبْر: بَطَرُ الحقِّ وغَمْطُ الناس))؛ رواه مسلم (91)، فجماع الكِبْر في بابين، في باب احتقار الناس وازدرائهم، وباب الترفُّع عن قبول الحق والتسليم له.

وإنَّما صار الكبر حجابًا دون الجنة؛ لأنَّه يَحول بين العبد وبين أخلاق المؤمنين، وتلك الأخلاق هي أسباب دخول الجنَّة، فالمتكبر لا يُحب للمؤمنين ما يحب لنفسه، المُتكبِّر لا يقدر على التواضُع، المتكبر لا يستطيعُ تطهير قلبه من الحقد، المتكبر لا يترك الغضب لنفسه، المتكبر لا يَكْظِم غيظه، المتكبر لا يقدر على ترك الحسد، المتكبر لا يقدر على النُّصح اللطيف، المتكبر لا يقبل النُّصح.

إخوتي:

لا يتكبر إلا من استعظم نفسه، ولا يستعظمها إلاَّ وهو يعتقد أن لها صفة من صفات الكمال الديني أو الدنيوي، ولو تأمَّل هذا المتكبر، لوجد أن هذه الأشياء التي يتكبر بها على الناس - هي منَّة مِنَ الله عليه، وليس له كَسْب فيها، بل هِبَةٌ من الله عليه، فحقُّ هذه النِّعمة أن تشكر ولا تكفر، ومن أعطى هذه النِّعمة قادر على أن يسلبها، فكم من شخص أمسى عزيزًا وأصبح ذليلاً.

إخوتي:

أهل الفضل والصلاح ليسوا بمنأى عن الكِبْر، فمن يرى أنَّه أولى بأن يُزارَ ولا يَزُور، وينتظر من الناس القيام بقضاء حوائجه وتوقيره وتصديره في المجالس، وذكره بالورع والتَّقْوى والعلم، وتقديمه على سائر الناس، لا يرى ذلك إلاَّ لِما وقع في نفسه من عُلُوِّ قدره على غيره، وأنَّ له حقًّا على الناس؛ بسبب ما أُوتي من علم وعمل، وهذا هو عين الكبر.

إخوتي:

من مظاهر الكبر عند أهل الفضل والصلاح أنَّه لو استخف ببعضهم مُستخِفٌّ، أو آذاه مُؤذٍ، لقال: لا بد أن تناله العقوبة بسببي عاجلاً، ولو أصيب هذا المعتدي بنكبة، لقال: هذا بدعائي عليه.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير