[يا أبا عبد الله، الله،الله إنك لست مثلي]
ـ[أبو عبد الرحمن بن حسين]ــــــــ[08 - 01 - 09, 03:57 م]ـ
محمد بن نوح العجلي رفيق الإمام أحمد في فتنة خلق القرآن في زمن المأمون
قال الذهبي في العبر: أحداث سنة تسع عشرة و مئتين
وفيها محمد بن نوح العجلي ناصر السنة. حمل مقيداً مع الإمام أحمد بن حنبل متزاملين، فمرض ومات بغابة في الطريق. فوليه الإمام أحمد ودفنه. وكان في الطريق يثبت أحمد ويشجعه.
قال أحمد: ما رأيت أقوم بأمر الله منه.
روى عن إسحاق الأزرق، ومات شاباً رحمه الله.
و قال في السير في ترجمة الإمام أحمد 11 - 242:
قال صالح: لما صدر أبي ومحمد بن نوح إلى طرسوس، ردا في أقيادهما.
فلما صار إلى الرقة، حملا في سفينة، فلما وصلا إلى عانة، توفي محمد، وفك قيده، وصلى عليه أبي.
وقال حنبل: قال أبو عبد الله: ما رأيت أحدا على حداثة سنه، وقدر علمه أقوم بأمر الله من محمد بن نوح، إني لأرجو أن يكون قد ختم له بخير.
قال لي ذات يوم: يا أبا عبد الله، الله الله، إنك لست مثلي.
أنت رجل يقتدى بك.
قد مد الخلق أعناقهم اليك، لما يكون منك، فاتق الله واثبت لأمر الله، أو نحو هذا.
فمات، وصليت عليه، ودفنته.
أظن قال: بعانة.
قال الذهبي في تاريخ الإسلام في أحداث سنة ثمان عشرة و مئتين:
ذكر المحنة
في أثناء السنة كتب المأمون إلى نائبه على بغداد إسحاق بن إبراهيم الخزاعي، ابن عم طاهر بن الحسين، في امتحان العلماء، كتاباً يقول فيه: وقد عرف أمير المؤمنين أن الجمهور الأعظم والسواد الأكبر من حشو الرعية، وسفلة العامة، ممن لا نظر له ولا روية ولا استضاءة بنور العلم وبرهانه، أهل جهالة بالله تعالى وعمىً عنه، وضلالة عن حقيقة دينه، وقصورٍ أن يقدروا الله حق قدره، ويعرفوه كنه معرفته، ويفرقوا بينه وبين خلقه. وذلك أنهم ساووا بين الله وبين خلقه، وبين ما أنزل من القرآن. فأطبقوا على أنه قديم لم يخلقه الله ويخترعه ... ثم انتسبوا إلى السنة، وأنهم أهل الحق والجماعة، وأن من سواهم أهل الباطل والكفر. فاستطالوا بذلك وغروا به الجهال، حتى مال قوم من أهل السمت الكاذب والتخشع لغير الله إلى موافقتهم، فنزعوا الحق إلى باطلهم، واتخذوا دون الله وليجة إلى ضلالهم.
إلى أن قال: فرأى أمير المؤمنين أن أولئك شر الأمة، المنقوصون من التوحيد حظاً، أوعية الجهل وأعلام الكذب، ولسان إبليس الناطق في أوليائه، ... فاجمع من بحضرتك من القضاة، فاقرأ عليهم كتابنا وامتحنهم فيما يقولون، واكشفهم عما يعتقدون في خلق الله وإحداثه. ولعلمهم أني غير مستعين في عملٍ ولا واثق بمن لا يوثق. فإذا أقروا بذلك ووافقوا فمرهم بنص من بحضرتهم من الشهود، ومسألتهم عن علمهم في القرآن، وترك شهادة من لم يقر أنه مخلوق. واكتب إلينا بما يأتيك عن قضاة أهل علمك في مسألتهم، والأمر لهم بمثل ذلك.
وكتب المأمون إليه أيضاً في إشخاص سبعة أنفس، وهم: محمد بن سعد كاتب الواقدي، ويحيى بن معين، وأبو خثيمة، وأبو مسلم مستملي يزيد بن هارون، وإسماعيل بن داوود، وإسماعيل بن أبي مسعود، وأحمد بن إبراهيم الدورقي. فأشخصوا إليه، فامتحنهم بخلق القرآن فأجابوه، فردهم من الرقة إلى بغداد.
وسبب طلبهم أنهم توقفوا أولاً، ثم أجابوه تقيةً. وكتب إلى إسحاق بن إبراهيم بأن يحضر الفقهاء ومشائخ الحديث ويخبرهم بما أجاب به هؤلاء السبعة، ففعل ذلك، فأجابه طائفة وامتنع آخرون. فكان يحيى بن معين وغيره يقولون أجبنا خوفاً من السيف.
ثم كتب المأمون كتاباً آخر من جنس الأول إلى إسحاق، وأمره بإحضار من امتنع، فأحضر جماعةً منهم: أحمد بن حنبل، وبشر بن الوليد الكندي، وأبو حسان الزيادي، وعلي بن أبي مقاتل، والفضل بن غانم، وعبيد الله بن عمر القواريري، وعلي بن الجعد وسجادة، والذيال بن الهيثم، وقتيبة بن سعيد وكان حينئذ ببغداد، وسعدويه الواسطي، وإسحاق بن أبي إسرائيل، وابن الهرش، وابن علية الأكبر، ومحمد بن نوح العجلي، ويحيى بن عبد الرحمن العمري، وأبو نصر التمار، وأبو معمر القطيعي، ومحمد بن حاتم بن ميمون، وغيرهم. وعرض عليهم كتاب المأمون فعرضوا ووروا ولم يجيبوا ولم ينكروا.
فقال لبشر بن الوليد: ما تقول؟ قال، قد عرفت أمير المؤمنين غير مرة.
قال: وإن، فقد تجدد من أمير المؤمنين كتاب.
قال: أقول: كلام الله.
¥