وفيها سوق ومسجد فليجمعوا بشرط المسجد ولا يلزمه ذكر ذلك في كل موضع ولا أن ينقله عنه كل راو وهذا قول قد انعقد الإجماع على خلافه فلا نعلم ممن بقي من العلماء من يقول به والله أعلم وقد تقدم قول مالك في غير موضع أن الجمعة لا تكون إلا في الجامع وليس القزويني ولا الصالحي بالموثوق بعلمهما في النقل والتأويل فيعتمد على ما أثبتاه ويحتاج إلى المراجعة عنه وأما الصالحي فمجهول وإنما أثبتناه لنبين وجه الصواب فيه لئلا يغتر به من يقع هذا القول إليه ممن لا يميز وجه الأقوال وبالله التوفيق والأصل في ذلك فعل النبي صلى الله عليه وسلم وعمل الأئمة بعده إلى هلم جرا.
(فرع) ومن شرطه البنيان المخصوص على صفة المساجد فأما البراح الذي لا بنيان فيه أو ما كان فيه من البنيان ما لا يقع عليه اسم مسجد فلا يصح ذلك فيه ووجه ذلك أن كل ما كان شرطا في صحة الجمعة فإن شروطها متعلقة بأسمائها كالجماعة ألا ترى أن الإمام له حكم الجماعة في سائر الصلوات وليس له أن يجزئ بذلك في الجمعة حتى يوجد الاسم مع الحكم به.
(فرع) والجامع صفة زائدة على كونه مسجدا فكل جامع مسجد وليس كل مسجد جامعا وإنما يوصف بأنه جامع لاجتماع الناس كلهم فيه لصلاة الجمعة وهذا حكم يختص بهذا المسجد دون غيره من المساجد فلا يصح أن تقام الجمعة في غيره من المساجد مما لا يحكم له بهذا الحكم حتى يحكم له به على التأبيد دون أن ينقل إليه هذا الحكم في يوم بعينه ولو أصاب الناس ما يمنع من الجامع في يوم ما لم تصح لهم جمعة في غيره من المساجد ذلك اليوم إلا بأن يحكم له الإمام بحكم الجامع وينقل الحكم إليه عن الجامع الممنوع فيبطل حكم الجمعة في المسجد الأول ولذلك قال مالك فمن رعف يوم الجمعة وهو جالس في التشهد أنه يخرج فيغسل عنه الدم ويرجع إلى الجامع فيتم فيه تشهده ويسلم وإن علم أن الإمام قد قضى صلاته بعده لأن الجمعة لا تكون إلا في الجامع ولو كانت سائر المساجد تنوب عن الجامع لقال يتم صلاته في أقرب المساجد إليه لأن إتمامها فيه يجزئ عنه.
(فرع) ويجب أن يكون بين الجامع وبين جامع أقدم منه مسافة لا يجب المضي منها إلى الجامع الأقدم وقد اختلف أصحابنا فيمن كان من الحضرة أو من القرية التي يجمع فيها على أقل من بريد فقال ابن حبيب لا يتخذ بها جامع حتى يكون منه على مسافة بريد فأكثر وقال يحيى بن عمر لا يجمعوا حتى يكونوا منها على ستة أميال وقال زيد بن بشير يتخذوا جامعا إن كانوا على أكثر من فرسخ قال القاضي أبو الوليد رضي الله عنه وهو الصحيح عندي لأن كل موضع لا يلزم أهله النزول إلى الجمعة لبعدهم عنه وكملت فيهم شروط الجمعة لزمتهم إقامتها في موضعهم كأهل المصر وقد قال يحيى بن عمر ومحمد بن عبد الحكم لا بأس أن تقام الجمعة في موضعين في الأمصار العظام كبغداد ومصر والله أعلم وقال الشيخ أبو القاسم لا يصلى الجمعة في مصر واحد في مسجدين فإن فعلوا ذلك فالصلاة صلاة أهل المسجد العتيق يعني القديم.
)
انتهى
وكلام الباجي عن المذهب
فقوله (لا خلاف في ذلك) أي في المذهب
وفي الذخيرة
(الشرط الرابع المسجد قال صاحب المقدمات هو شرط في الوجوب والصحة على رأي من يشترط فيه البنيان وأما على رأي من لا يشترطه بل يكتفي بالفضاء اذا حبس وعين للصلاة وحكم له بالمسجد يكون شرطا في الصحة فقط فان مثل هذا لا يتعذر وافتى الباجي اذا انهدم سقف المسجد لا تقام فيه الجمعة قال وهو يعيد بل تقام فيه لانه يسمى مسجدا حينئذ وحكمه في التعظيم الشرعي حكم المسجد وقال الباجي لا تقام إلا في الجامع فلو منع مانع لم تقم في المساجد حتى يحكم الامام لواحد منهما بكونه جامعا قال وهو بعيد بل تقام فيه من غير نقل حكم إليه قال فإن قيل لو جاز ذلك لجاز للراعف أن يتم بقية الجمعة في بعض المساجد قال قلت قد جوزه بعض الأصحاب وان منعنا فلأنه التزم الصلاة في الجامع ابتداء وفي الجواهر يشترط في ذلك البنيان المعتاد للمساجد وأن يتفق على الاجتماع فيه على التأبيد فكل جامع مسجد وليس كل مسجد جامعا
)
وفي التاج شرح مختصر خليل
((وبجامع) ابن بشير: الجامع من شروط الأداء ابن رشد: لا يصح أن تقام الجمعة في غير مسجد (مبني) الباجي: من شروط المسجد البنيان المخصوص على صفة المساجد فإن انهدم سقفه صلوا ظهرا أربعا ابن رشد: هذا بعيد، لأن المسجد إذا انهدم بقي على ما كان عليه من التسمية والحكم، وإن كان لا يصح أن يسمى الموضع الذي يتخذ لبناء المسجد مسجدا قبل أن يبنى وهو فضاء (متحد والجمعة للعتيق) الجلاب: لا تصلى الجمعة في مصر واحد في مسجدين فإن فعلوا فالصلاة صلاة أهل المسجد العتيق وقال أبو محمد: إن كان في البلد جامعان فالجمعة لمن صلى في الأقدم، صلى فيه الإمام، أو في الأحدث (وإن تأخر أداء) انظر جعل هذه غاية وجعل غيره الغاية، وإن صلى الإمام في الأحدث (لا ذي بناء خف) الذي قال ابن رشد: لا المسجد قبل أن يبنى وهو فضاء وذكر البناء الناقص هو الذي يذكر بعد هذا (وفي اشتراط سقفه وقصد تأبيدها به إقامة الخمس به تردد).
أما التردد في اشتراط السقف فهي مسألة ابن رشد والباجي عند قوله: " مبني " وقال ابن العربي: من شروط أداء الجمعة المسجد المسقف وما علمت لهذا وجها في الشريعة إلى الآن وأما التردد في قصد تأبيدها به فقال الباجي: لو أصاب الناس ما يمنعهم من الجامع في يوم ما لم يصح لهم جمعة في غيره من المساجد ذلك اليوم إلا أن ينقل إليه هذا الحكم على التأبيد دون يوم بعينه ويعطل حكم الجمعة عن المسجد الأول ابن رشد: هذا بعيد وقد أقيمت الجمعة
بقرطبة بمسجد أبي عثمان ولم أر ذلك كان إلا لعذر منع من إقامتها بالمسجد الجامع والعلماء متوافرون)
وفي المدونة
(قال: وسألت مالكا عن إمام الفسطاط يصلي بناحية العسكر يوم الجمعة واستخلف من يصلي بالناس في المسجد الجامع الجمعة، أين ترى أن نصلي أمع الإمام حيث صلى في العسكر أم في المسجد الجامع؟ قال: أرى أن يصلوا في المسجد الجامع وأرى الجمعة للمسجد الجامع والإمام قد تركها في موضعها.
)
¥